ترك برس

كشف المؤرخ التركي الشهير أنس دمير، مساهمات المواطنين العرب في تحقيق انتصار "جنق قلعة" على جيوش الحلفاء عام 1915، ومحاربتهم إلى جانب الجيوش العثمانية آنذاك. حيث تناول في كتابه الذي صدر مؤخراً بعنوان " شهداء من العالم الإسلامي في ملحمة الدفاع الأخيرة ـ جنق قلعة" أسماء شهداء المعركة المذكورة، والذي تضمن شهداء عرب، أبرزهم أولئك الذين من مدينتي حلب والباب السوريتين.

ويظهر الكتاب تقديم مدينة حلب العثمانية 551 شهيدا، في معركة "جنق قلعة" التي تُعرف في الأوساط العربية بمعركة "غاليبولي"، وهي تعدّ أكبر انتصار للدولة العثمانية على الحلفاء الذين سعوا إلى احتلال إسطنبول، فيما قدمت مدينة الباب 96 شهيدا، كلهم سقطوا خلال دفاعهم عن عاصمة الدولة العثمانية التي توحد البلقان والقوقاز والأناضول والعالم العربي في ظل سلطتها السياسية والعالم الإسلامي في ظل سلطتها الدينية.

ويعرض الكتاب معلومات وافية عن شهداء المعركة، وقصصهم، وبداية الحرب العالمية الأولى وملحمة جناق قلعة، وجبهاتهما، ومعلومات إحصائية عن الشهداء الذين شاركوا من مختلف مناطق العالم الإسلامي.

وفي معرض تعليقه على الكتاب، قال مؤلفه المؤرخ والكاتب التركي أنس دمير، إن الدولة العثمانية اضطرت إلى دخول الحرب العالمية الأولى في إطار مساعيها لحماية وحدة أراضيها، وإن دخولها الحرب أدى إلى فتح جبهات في العديد من المناطق الجغرافية الواسعة التابعة للدولة، مبيناً أنه خلال في الحرب العالمية الأولى توحدت الجيوش الصليبية لمهاجمة الدولة الممثلة للعالم الإسلامي والحاملة لرايته.

وأضاف المؤرخ التركي في تصريح لوكالة الأناضول للأنباء، أنه شباب المسلمين من داخل مناطق الدولة العثمانية وجميع أصقاع العالم الإسلامي توافدوا للقتال في صفوف جيوش الدولة العثمانية التي أعلنت حينها حالة التعبئة العامة (السفربرلك)، فيما نشرت مؤسسة الخلافة فتوى الجهاد، التي لقيت تأييدا كبيرا من قبل المسلمين، حيث بدأ شبابهم ورجالهم بالتوافد إلى الدوائر العسكرية في البلقان والشرق الأوسط والقوقاز وشمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، فضلا عن وصول أعداد كبيرة من المتطوعين من مناطق كثيرة في العالم الإسلامي، على حد قول الكاتب.

وأوضح "دمير" أنه لم تبقَ منطقة داخل الدولة العثمانية إلا وشارك أبناؤها في حماية إسطنبول الحلفاء، مبيناً أن جبهة "جنق قلعة" تختلف عن سائر الجبهات، فهي – بحسب المؤرخ التركي - خط الدفاع الأول والأخير أيضا، عن إسطنبول، حاضرة الخلافة التي تتوحد تحتها جميع المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، والعاصمة السياسية والإدارية للدولة العثمانية.

وحول المشاركات العربية في صفوف الجيوش العثمانية خلال معارك الحرب العالمية الأولى، أشار المؤرخ التركي إلى أن مدينة حلب قدمت ما مجموعه 972 شهيدا، سقطوا في مختلف جبهات القتال. 551 منهم استشهدوا في معركة "جنق قلعة"، وأن مدينة حلب قدمت خلال الحرب العالمية الأولى عدد شهداء أكبر من سكان 41 ولاية موجودة في يومنا هذا ضمن أراضي الجمهورية التركية.

واعتبر "دمير" أن حلب واحدة من المدن التي قاتلت ببسالة خلال الحرب العالمية الأولى، كما أنها تأتي على رأس قائمة المدن الموجودة داخل حدود "الميثاق الوطني"، والتي بقيت بعد الحرب خارج حدود الجمهورية التركية، من حيث عدد الشهداء الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الدولة العثمانية، والذود عن حياضها خلال الحرب العالمية الأولى وحرب الاستقلال التي قادها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.

كما تطرق "دمير" في كتابه إلى قصص تضحية وإيثار، لجنود متطوعين من جميع أصقاع العالم الإسلامي، مثل قصة الملازم القوقازي المتطوع مصطفى أفندي بن عبد الله، والجندي الليبي المتطوع بلمو بن أبو بكر الدرنوي، والجندي الحلبي المتطوع مصطفى بن محمد، والجندي الأفغاني المتطوع آرات بن جمعة خان.

تجدر الإشارة إلى أن الدولة العثمانية خاضت معركة "جنق قلعة" عام 1915 ضد الحلفاء الذين كانوا يهدفون إلى احتلال إسطنبول العاصمة السياسية للدولة، وحاضرة الخلافة الإسلامية. وحققت القوات العثمانية التي تكونت من جنود أتراك عرب ومتطوعين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي انتصارا على الحلفاء. وقد كلفت المعركة الدولة العثمانية أكثر من 250 ألف شهيد، فيما تكبدت القوات الغازية نفس العدد المذكور تقريبا.

وأما بالنسبة لـ "الميثاق الوطني" والذي يُعرف في اللغة التركية بـ "ميثاق ملّي"، فهو مجموعة قرارات اتخذها آخر برلمان عثماني انعقد في 28 يناير / كانون الثاني 1920، وتضمنت حدود الدولة، وأن الأغلبية الإسلامية العثمانية التي تعيش داخل حدود هدنة مندروس جزء لا يتجزأ من الدولة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!