ترك برس

ذكر بعض المؤرخين مزاعم عن حظر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ارتداء الملاءات، بحجة أنّها مخالفة للشريعة الإسلامية، بدليل ورود ذلك في وثيقة تضمّنت فرمانًا للسلطان بهذا الخصوص. إلا أنّ هذه المزاعم جانبت الصواب، الأمر الذي سنوضحه في ما يلي.

تختلف الملاءات التي قصدها السلطان في فرمانه عن الملاءات المعروفة في البلاد العربية وخاصة بلاد الشام، فالملاءات ("شرشف" بالعثمانية) المقصودة شفافة من طراز غربي وألوان عديدة، انتشرت بعد قدوم لاجئين من دول البلقان إلى إسطنبول سنة 1870 وكانت ترتديها في البداية نساء يهوديات ومسيحيات وتحتها تنانير ضيقة وقمصان بنصف أكمام.

مزاعم منع السلطان للشراشف والملاءات

ساق مؤرخون مزاعم عن قيام السلطان عبد الحميد الثاني بمنع ارتداء الملاءات في فرمان له. وفيما يلي بعض من هذه المزاعم:

1) ذكر المؤرخ التركي "مراد برداقجي" في 8 شباط/ فبراير 2008، أن "السلطان عبد الحميد، المشهور بالتزامه بالدين، منع نساء إسطنبول من ارتداء الملاءات خوفا من اﻹرهاب"، مضيفا أن "ارتدائها ﻻ يتوافق التعاليم اﻹسلامية."

وتابع قائلا: "في 2 نيسان/ أبريل 1892 بعد صلاة الظهر زار عبد الحميد بناء الترسانة في حي تشويقية، وصادف في طريق عودته إلى قصر يلدز مجموعة من النساء وهن منقبات ويرتدين الشراشف. أثار الغطاء الكامل لوجوه النساء وساوس الحكمدار التي أصبحت تتردد على اﻷلسن. فكّر السلطان قائلا: "ماذا سيؤول إليه أمري لو قام من يحاول اغتيالي من الرجال بالهجوم عليّ متخفيا في ثياب النساء؟"، وأصدر في ذلك اليوم على الفور أمرا بمنع النساء من ارتداء ذلك اللباس".

2) نقل "عوني أوزغوريل" في صحيفة "راديكال" بتاريخ 10 شباط/ فبراير 2008 الحادثة على أنّ السلطان صلّى الجمعة وليس الظُهر في جامع تشويقية، وقدّم الحدث على الصورة التالية: "يروى أن السلطان رأى في طريق عودته نساءً في هيئة قبيحة محزومات الخصر وملتحفات بملايا سوداء غطّت وجوههن البراقع، فقال لمسؤولي المابين: "ما حال هؤلاء؟ يشبهن النساء المسيحيات المُسنّات. كأنّهن سرب من الحشرات"، وذلك نقلًا عن فرمان صادر في صيف 1892 على حد زعمه.

وتابع أوزغوريل قائلًا: "من المعلوم أنه بعد منع ارتداء الشراشف، وقف رجال الشرطة على مفارق الطرق والنّقاط الحساسة من إسطنبول أمثال السوق المغلق، وشيهزادة باشي، والجسر، وبأيديهم المقصات يقصون شراشف النساء الملتفحات بها".

3) أشأر "عثمان أوز صوي" إلى الوثيقة نفسها، وقال في موقع "خبر 7" بتاريخ 27 شباط إنها فتوى لشيخ اﻹسلام.

إلا أنّ الوثيقة المُشار إليها من قبل الثلاثة ﻻ تربطها أدنى علاقة بالفتوى المذكورة، حسبما أورد الكاتب مصطفى أرمغان في كتابه "السلطان عبد الحميد والرقص مع الذئاب".

حقيقة فرمان السلطان

منع السلطان عبد الحميد الثاني في فرمانه الحقيقي ارتداء الملابس الضيقة التي تشف عن الجسم. تحدّث نصّ الوثيقة عن أنّ منع ارتدائها أمر طبيعي ﻻ يحتاج إلى دليل لمخالفتها للشريعة والدين، ويكشف عن هذا المعنى قوله "Açık seçik" الذي يعني "الفاضحة التي تصف ما تحتها".

وأوردت الوثيقة ذكر "ملايا سوداء محزومة من الخصر". يقول المؤرخ أرمغان: "من لديه أبسط معرفة بالملايا يعلم أنها تتكون من قطعتين ولا تحزم من الخصر." وبالتالي قصد السلطان الملاءات الغربية التي تستخدم للزينة وظهرت في تلك الفترة، وليس الملاءات السّاترة للوجه والجسم.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!