ترك برس

أظهرت مخصصات وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) لعام 2019، أن واشنطن ستواصل خلال العام المقبل، إرسال الأسلحة إلى ميليشيا ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية"، التي يشكل سوادها الأعظم تنظيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD)، الذراع السوري لمنظمة "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المصنفة في قائمة الإرهاب.

جاء ذلك قبل أيام قليلة من وصول وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، إلى العاصمة التركية أنقرة، في إطار زيارة التقى على هامش كبار المسؤولين الأتراك، في مقدمتهم الرئيس رجب طيب أردوغان، بهدف بحث سبل تجاوز الخلافات بين البلدين على خلفية الدعم العسكري الأمريكي للميليشيات الإرهابية المعادية لتركيا في سوريا.

ويرى مراقبون أن الوعود الأمريكية المنكوثة تجاه أنقرة هي التي جعلت الأخيرة تغير مواقفها تجاه الإدارة الأمريكية التي وعدت بسحب الميليشيات من المناطق التي احتلتها شرق الفرات، لكن بدلاً عن ذلك، أبقتها وأرسلت جنوداً أميركيين لحمايتها هناك.

كما وعدت واشنطن تركيا أيضاً أن يكون الدعم العسكري لهذه الميليشيات محدوداً، لكن تبين أن الدعم مفتوح، وشمل أيضاً أسلحة ثقيلة، ووعد المسؤولون الأميركيون نظراءهم الأتراك بإيقاف دعم الميليشيات وسحب الأسلحة منها، لكن تبين أن واشنطن تخطط لتحويل هذه الميليشيات إلى جيش قوامه 30 ألف مقاتل منتشرين على الحدود مع تركيا.

يقول الباحث في العلاقات الدولية والخبير في الشؤون التركية الدكتور باسل الحاج جاسم، إن زيارة تيلرسون لا تحمل أكثر من رسائل بروتوكولية لم تعد تقدم أو تؤخر كثيرا في حسابات تركيا السورية، وفق وكالة (ANA PRESS).

ويُضيف الحاج جاسم: "على الاغلب زيارة تيلرسون لأنقرة لن تحمل سوى الكلام، فالرجل لا يمتلك أي تفويض أميركي حقيقي ليقدم لأنقرة شيء فعلي يتعلق بمخاوفِها حيال الجماعات المسلحة التي تصنفها في قوائم الإرهاب، وتحاربها اليوم على ثلاث جبهات، داخلية، وفي سوريا، والعراق".

ويوضح الحاج جاسم أنه لم يعد يخفى على أحد عمليات التضليل التي قامت بها الولايات المتحدة مع حليفتها الاستراتيجية تركيا لكسب أكبر قدر ممكن من الوقت ريثما يكتمل المشروع الانفصالي الذي تعد له واشنطن في إطار تمزيق الجمهورية العربية السورية والتمهيد باستهداف باقي دول المنطقة القريبة والبعيدة تدريجيا وصولا لروسيا.

ويستطرد أن اللافت في استباق لزيارة تيلرسون إعلان البنتاغون عن ميزانية ضخمة لدعم ما يسمونها في بياناتهم (المعارضة السورية)، بينما الواقع يقول إن دعمهم هو لجهة محددة أطلقت عليها واشنطن اسم"قوات سوريا الديمقراطية " وعمودها الفقري الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في تركيا والناتو.

ويعتبر الحاج جاسم أن إعلان البنتاغون هذا يعد بمثابة إطلاق النار على زيارة تيلرسون لأنقرة قبل بدايتها، ويمكن إدراج ذلك في شق منه في إطار التنافس والتضارب الذي بدأ يظهر كثيرا في الآونة الأخيرة بين المؤسسات الأميركية.

وبعد اعلان البنتاغون حول التمويل لأعداء تركيا والذي بدوره زرع بذور التقسيم للجمهورية العربية السورية، سيبدو تيلرسون في زيارته كأن واشنطن تصافح أنقرة بيد وتطعنها باليد الأخرى. وفق الباحث.

من جانبه، يقول الكاتب والمختص بالشأن التركي الدكتور علي حسين باكير، إن السلوك الأميركي، بالإضافة إلى السياسات العشوائية في سوريا، تدفع الجانب التركي دوماً باتجاه روسيا، وهذا ليس في مصلحة العلاقات الأميركية-التركية، وليس في مصلحة العلاقات التركية-الأوروبية، كما هو الحال بالنسبة لحلف شمال الأطلسي.

ويوضح باكير: "إذا ما أرادت واشنطن التخفيف من استقطاب روسيا وإيران لتركيا في سوريا، فسيكون عليها أن تدفع ثمناً مقابل ذلك، وأن تأخذ بعين الاعتبار أنه من المستحيل على الولايات المتحدة أن تقوّض من نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، وأن تقوم باحتواء نفوذ إيران في سوريا أو في المنطقة من دون جهود تركيا.

ويُشير إلى أنه باستمرار واشنطن في تجاهل مصالح تركيا في المنطقة، فضلاً عن النصائح المتكررة لها إزاء كيفية التعامل مع المشاكل المتراكمة في المنطقة، سيترك نتائج مدمرة على العلاقة بين الطرفين، ومن المتوقع لها أن تصبح عصية على الحل مع تقدم عامل الوقت، وازدياد مخاطر مساهمة واشنطن في تهديد الأمن القومي التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!