بيريل ديدي أوغلو – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

تستمر التغيرات في كوادر الرئيس الأمريكي ترامب، إما أن يتم فصل الأشخاص عن مناصبهم وإما أن يقدموا استقالتهم نتيجة عدم قدرتهم على تحمل النظام الحالي، ومؤخرا تم فصل وزير الخارجية الأمريكية "تيلّرسون" عن منصبه أيضاً، إذ لم يتم تبليغه بذلك بل اكتشف الأمر عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

في هذا السياق لا يمكن زعم تغيّر السياسية الخارجية للحكومة الأمريكية مع فصل وزير الخارجية عن منصبه، لكن عندما تتعلق المسألة بأمريكا التي يرأسها رجل مثل ترامب فإن جميع الاحتمالات تصبح قابلة للنقاش.

ومع استمرار التغييرات في كوادر أمريكا التي تعتبر أكبر دولة في النظام الدولي فيصبح من الصعب لباقي دول العالم أن تمارس سياسة متوقّعة، كما أن كل حادثة تعيين شخص في منصب جديدة تشير إلى الرغبة في إجراء تغييرات سياسية، وبذلك يبدو وكأنه توجد بعض السياسات المرغوب في تنفيذها لكن وجود بعض الأشخاص في مواقع عالية في الدولة يمنع ذلك، وعند تغيير هؤلاء الأشخاص فإن تنفيذ هذه السياسات سيكون أكثر سهولة، وأخيراً تصبح سياسة الدولة مرتبطة بالأشخاص وليس النظام العام.

استغلال إيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية

أفاد وزير الخارجية السابق "تيلّرسون" ببيان يشير إلى عدم معرفته بالسبب الذي دفع الحكومة إلى فصله عن منصبه، لكنه لفت الانتباه إلى وجود خلافات بينه وبين الرئيس الأمريكي ترامب في بعض المسائل مثل إيران، ويتوضّح من خلال هذا البيان أن ترامب يسعى إلى ممارسة سياسة أكثر صرامةً تجاه إيران ولكن تيلّرسون كان يقف في وجه ذلك، لكن نتوقّع أن أبعاد هذه الخلافات لا تنحصر في مسألة إيران فقط، بدليل أن تيلّرسون قال "مثل إيران" ولم يقم بتحديد مضمون الخلاف.

عند ربط مسألة إيران بالإسلام فلا يمكن توضيح سبب حسن العلاقات الأمريكية-السعودية، وعند ربطها بالمشاريع النووية فذلك سيدفعنا إلى التساؤل عن سبب مبادرة أمريكا في إجراء المباحثات مع كوريا الشمالية، وإن قلنا أنها تتعلّق بالدول الاستبدادية فيجب التساؤل عن مستقبل العلاقات الأمريكية-الروسية، وفي حال زعم أن أمريكا تدعم الشيعة فسيؤدي ذلك إلى التساؤل عن سبب صراعها ضد داعش، وإن اعتبرنا أنها تسعى للحفاظ على أمان إسرائيل فسيتم توجيه الانتقادات لأمريكا نظراً إلى عدم وجود عوامل أخرى تدفع إسرائيل إلى الخطر أكثر من الحكومة الأمريكية.

الخلاصة هي أن مسألة معارضة الرئيس الأمريكي ترامب لإيران لا تحتوي على مضمون مقنع، لكن عند التفكير بالمسألة يبدو أن السبب الوحيد لهذه المعارضة هي رغبة ترامب في تنفيذ استراتيجيات مختلفة من خلال استغلال أو الضغط على إيران.

العدو المجهول

تم تعيين رئيس وكالة الاستخبارات المركزية "مايك بومبيو" في منصب وزارة الخارجية عقب فصل تيلّرسون، إضافةً إلى تعيين "جينا هاسبل" في المنصب السابق لمايك بومبيو، لذلك يجدر بالذكر أن الرئيس ترامب سيفضّل الكوادر الأكثر حدّةً بعد الآن، لكن في الوقت نفسه تُظهر هذه الكوادر تأثيراً واضحاً على سياسات الرئيس ترامب.

يبدو أن سياسة ترامب الجديدة ستميل إلى استخدام الاستخبارات أكثر من السابق، وستكون أكثر حدّةً وقابليةً للصراع، والدليل على ذلك هو تعيينه لإنسانة تُعرف بالجرائم المجهولة مثل "جينا هاسبل" في منصب هام مثل رئاسة وكالة الاستخبارات المركزية، وإضافةً إلى ذلك إن هذا التغيير يشير إلى احتمال زيادة نسبة الاغتيالات السياسية خلال المراحل المقبلة.

كما يمكن القول إن ترامب يسعى إلى السيطرة على التوازن الموجود بين وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالية نظراً إلى أن هذا التوازن يحتوي على مبادرات يمكنها أن تؤدي إلى عزل الرئيس ترامب عن منصبه، لكن يجب أن لا ننسى طرح سؤال "هل سيتم تنفيذ هذه التغييرات مع روسيا أم ضدها؟

في هذه الحالة يمكن القول إن المسألة الرئيسة تتعلق بروسيا وليس إيران، ومن المحتمل أن يكون الرئيس ترامب يسعى إلى تحويل المسألة إلى بنية تحتية للوصول إلى اتفاق ينص على نبذ الأنظمة الإسلامية مع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، وبذلك ستكون إيران واحدةً من المناطق التي ستخضع لتجربة مدى تأثير هذا الاتفاق.

كما يمكن توقّع زيادة الأنشطة التي تهدف إلى تغيير السلطات في الشرق الأوسط والضغط على إيران وفتح المجال أمام المتحضرين السعوديين وإجبار تركيا على خيارات أكثر صعوبةً ودفع أوروبا إلى الخضوع لسيطرة أمريكا خلال الفترات المقبلة، لكن الأمر الذي لا يمكن توقعّه هو هوية الدول المستفيدة من هذه المواقف إلى جانب روسيا.

عن الكاتب

بريل ديدي أوغلو

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس