إسماعيل تشاغلار – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

شاع العديد من المزاعم حول عملية غصن الزيتون، وكانت معظمها تشير إلى عدم قدرة تركيا على تنفيذ هذه العملية، نتيجة الطبيعة الجغرافية المنطقة وقوة حزب الاتحاد الديمقراطي وأن الشروط تتطور بعكس مصالح تركيا.

لكن فيما بعد تمكنت تركيا من بدء تنفيذ العملية على الرغم من جميع الحملات الدعائية الصادرة ضدها، وعندما بدأت القوات المسلحة التركية بالتقدم بشكل بطيء ومحكم عاد أصحاب المزاعم لإصدار الضجيج والقول: "لقد قلنا إن الأمر لن يكون بهذه السهولة وستستمر العملية لأشهر وحتى لسنين عديدة".

وعندما تمكن عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي من التسرب إلى خطوط القوات التركية بالاستفادة من المعارضة الجوية وأدى ذلك إلى سقوط الشهداء من الجيش التركي رأينا ظهور أصحاب المزاعم مرة أخرى ليزعموا هذه المرة بأن توقعاتهم كانت صائبة وأن عفرين ستكون بمثابة "فيتنام" بالنسبة إلى تركيا، وأن تركيا ستبقى عالقة في عفرين وأن الشعب التركي سيقوم بمحاسبة الرئيس أردوغان بحجة أنه هو من أقحم الجيش التركي في عفرين وتسبب بسقوط الشهداء الأتراك.

لكن فيما بعد استطاعت القوات المسلحة التركية إدراك رموز عفرين وتجاوز المناطق الصعبة، وبالتالي ازدادت سرعة سير العملية وبدأت القوات التركية بالسيطرة على العديد من المراكز والمناطق الهامة التابعة للتنظيم الإرهابي، لكن استمر مؤيدو بي كي كي المسؤولون عن الحملات الدعائية السوداء في نشر المزاعم الكاذبة، وذكروا أن انسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي كان لغايات استراتيجية وأنها انسحبت من الريف لتستجمع طاقتها في مركز مدينة عفرين، وأضافوا أن وصول تركيا إلى أبواب مركز المدينة لا يعني قدرتها على الدخول إلى المنطقة، وأن حزب الاتحاد الديمقراطي سيقوم بتسليم المنطقة لنظام بشار الأسد، وأن فترة حرب المدينة ستكون طويلة جداً وبالتالي أن ذلك سيؤدي إلى زيادة أعداد الشهداء من القوات التركية مع ازدياد مقاومة عناصر بي كي كي في شوارع مدينة عفرين.

كما زعم البعض أن تركيا لن تتمكن من الانتصار دون تقديم عشرات الشهداء وقتل المئات من المدنيين، حتى إن البعض منهم قدم النصائح بتنفيذ بعض الهجمات المدبرة تجاه المدنيين من أجل دفعهم لمغادرة المنطقة، وزعموا أن تنفيذ بعض الهجمات ضد المدنيين على المدى القصير سيؤدي إلى الحفاظ على أرواح المدنيين على المدى الطويل، لكن من الجيد أن الحرب تختلف عن المكتوب في الروايات وألعاب الحاسوب وحماس المراهقة والحملات الدعائية السوداء.

الحرب تحمل منطقاً خاصاً بها، ولها موازين وأساليب محددة، وبناء على هذا المنطق وهذه الموازين والأساليب استطاعت القوات التركية دخول مركز مدينة عفرين في 18 آذار/مارس، وبذلك تم تطهير عفرين من الإرهاب والظلم والدماء، وتم تسليم المدينة للعدل والسلام التركي.

تم الدخول إلى مركز مدينة عفرين في 18 آذار/مارس بالتزامن مع الذكرى السنوية لنصر معركة "جناق قلعة"، إن حرب جناق قلعة هي إحدى أهم الانتصارات المحققة في التاريخ التركي، لكن في الوقت نفسه إحدى أكثر الانتصارات المحزنة، وذلك نتيجة ذكرى الشهداء والدماء التي سقطت في سبيل الوقوف في وجه الأعداء، لكن من الجيد أن الحزن الموجود في معركة عفرين لم يكن كبيراً بقدر معركة جناق قلعة، بالتأكيد كنا نتمنى عدم سقوط أي شهيد أو جريح من القوات المسلحة التركية، لكن نظراً إلى حجم الصراع وصعوبة الشروط فإن قلة أعداد الشهداء يمثل سبباً مفرحاً إلى جانب النصر المحقق في عفرين.

إن شروط معركة جناق قلعة كانت تتمثل في تقدم الأعداء على الأصعدة التكنولوجية واللوجستية والمالية إضافةً إلى الكثرة في العدد، لكن تم تعويض هذا الفرق من خلال دماء الشهداء وبالتالي لم يتمكن الأعداء من السيطرة على جناق قلعة، لكن اليوم كان التقدم التكنولوجي واللوجستي للقوات المسلحة التركية، وبالتالي تمكنت القوات التركية من القضاء على عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي بفضل هذا التقدم الناتج عن تطور التكنولوجيات الدفاعية المحلية وقوة الاقتصاد التركي.

عن الكاتب

إسماعيل تشاغلار

إعلامي تركي، وكاتب لدى صحيفة تقويم التركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس