ترك برس

بعد مرور أسبوع عليها، لا تزال سيطرة الجيش التركي على مركز مدينة عفرين بالتعاون مع الجيش السوري الحر، ضمن إطار عملية غصن الزيتون، موضع حديث الصحف العالمية وبالأخص الغربية، متناولة تأثيراتها الإقليمية والدولية.

في هذا السياق نقل موقع "عربي 21" عن صحيفة "ميديابار" الفرنسية، قولها إن السيطرة التركية على عفرين عززت موقف الرئيس رجب طيب أردوغان، على الساحة الوطنية بالإضافة إلى أن نجاح أنقرة بمواجهة الوحدات الكردية المصنفة إرهابية ساهم في التأثير على الدعم الأمريكي الممنوح لتنظيم "ي ب ك/ب ي د" في سوريا.

وأضافت الصحيفة في تقريرها، أن تخلي الغرب عن "ي ب ك/ب ي د"، وخاصة واشنطن، والتي اقتصر تدخلها في سوريا على مقاومة تنظيم "داعش"، فيما يتعلق بعملية عفرين يعتبر دليلا على أن الجانب التركي والأمريكي يجمعهما تحالف استراتيجي. في الأثناء، خدمت سيطرة تركيا على عفرين مصلحة طرف آخر في النزاع السوري، أي المعارضة السورية.

ونقلت الصحيفة على لسان المعارض السوري، عبد الأحد اسطيفو، أنه "بالنسبة للجيش التركي، كانت عملية اقتحام عفرين بمثابة تحدي لا بد أن يكلل بالنجاح في غضون أسبوع لا غير. ولعل ما يفسر استمرار العملية برمتها لنحو 60 يوما، بالضغوط الدولية التي سلطت على القوات التركية بشأن حماية المدنيين".

ولفتت الصحيفة إلى أن مكاسب أردوغان وحكومته على الرقعة الجغرافية السورية تعد قيمة للغاية. فمع السيطرة على بلدة عفرين، عززت تركيا تقدمها الترابي بين منطقتي جرابلس والباب في الشمال، التي تديرها بالاشتراك مع المعارضة السورية منذ عملية درع الفرات. علاوة على ذلك، ستتمكن أنقرة من تأكيد نفوذها ضمن محافظة إدلب، الواقعة شمال غرب سوريا، التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة بمختلف فصائلها.

وقالت الصحيفة إنه في سبيل الحفاظ على هذه المنطقة تحت نفوذها عبر أردوغان عن نيته في "تسليم عفرين لمالكيها الأصليين". فيما شدد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، على نوايا أردوغان، حيث ذكر في 17 من الشهر ذاته أن "جل إخواننا من العرب، والأكراد، والتركمان سيعودون للاستقرار في أراضيهم". ووفقا لعبد الأحد اسطيفو، من المنتظر أن يعود قرابة 150 ألف سوري من السكان الأصليين إلى عفرين من جديد.

وأكدت الصحيفة أنه حالما تصبح بلدة عفرين منطقة آمنة، لن يخفي المسؤولون الأتراك عزمهم توسيع مناطق سيطرتهم بهدف احتواء نفوذ المجموعات المسلحة الكردية إلى أقصى حد.

وفي السياق ذاته، وعد الرئيس التركي يوم الاثنين الماضي، بأن تركيا "ستقتحم دون سابق إنذار مدينة سنجار وتطهرها من تنظيم بي كي كي". وقد تطرق أردوغان في خطابه بشكل خاص إلى سنجار، المنطقة الجبلية الواقعة شمال غرب العراق، التي يرتكز فيها مقاتلو "بي كي كي" منذ أن شاركوا في القتال ضد "داعش".

في هذا الشأن، قلل مصدر دبلوماسي غربي من مخططات أردوغان بشأن خوض مغامرة في العراق على المدى القصير. وأفاد المصدر ذاته أنه "إذا أراد الأتراك التدخل في سنجار، يجب عليهم أولا عقد مصالحة مع أكراد العراق". فخلال خريف سنة 2017، هددت أنقرة إقليم كردستان العراق بعواقب وخيمة في حال أقرت مشروع استفتاء بشأن استقلال الإقليم، الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات الودية مع أكراد العراق إلى حد الآن.

ونوهت الصحيفة إلى أن أولويات الحكومة التركية في الوقت الراهن تتمثل في التوسع باتجاه مدينة منبج ذات الأغلبية العربية، التي تسبب خضوعها لسيطرة ما بعرف بقوات سوريا الديمقراطية خلال شهر آب/أغسطس سنة 2016 في إطلاق عملية "درع الفرات". وفي الوقت الحاضر، تأمل أنقرة في السيطرة على كامل التكتل الحضاري، الذي تنتشر فيه وحدات عسكرية أمريكية، دون استخدام العنف.

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه منذ بداية شهر آذار/مارس، هيأ فريق عمل تركي-أمريكي مشترك الأرضية الملائمة لتسليم سلمي لإدارة المدينة من القوات التركية إلى المعارضة السورية. ويتوقع كل من الدبلوماسي الغربي وعبد الأحد اسطيفو أن "تجير الولايات المتحدة الأكراد بالإكراه على تسليم منبج كما حصل تماما مع عفرين".

من جهته، حدد المتحدث باسم البنتاغون، روبرت مانينغ، دور القوات الأمريكية الموجودة في منبج، قائلا: "لقد وضحنا موقفنا سابقا، حيث أن القوات الأمريكية المنتشرة في منبج موجودة فقط للتركيز على هزيمة تنظيم داعش".

ونقلت "ميديابار" على لسان الدبلوماسي الغربي، أن "تنظيم ب ي د يجد نفسه تحت رحمة الأمريكيين، لذلك يجبر الأكراد على تغيير موقفهم للحصول على ضمانات في خصوص مناطقهم التاريخية".

هذا ودخلت قوات الجيشين التركي والسوري الحر، صباح الأحد الماضي، إلى مركز مدينة عفرين السورية ضمن إطار عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ضد تنظيم "ب ي د/ي ب ك" الذراع السوري لتنظيم "بي كي كي" المدرج على لائحة الإرهاب في تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!