أسامة حساني - خاص ترك برس

كان لدى الإمبراطورية العثمانية منذ عام 1396م ثاني أقوى جيش في العالم بعد جيش تيمور، وفي عام 1447م أصبح الجيش العثماني هو الجيش الأقوى في العالم. وفي الفترة ما بين 1517م إلى 1683م كان يُعادِل مجموع جيوش بقية الأقطار في العالم وكان وضع أُسطولها موازياً لذلك.

استطاع الجيش العثماني أن يحافظ على قوته وجبروته لفترة ممتدة حتى عام 1871م كان يعدّ الجيش الثالث من حيث الحجم بعد فرنسا وروسيا، حيث كان يضم حوالي 700.000 جندي.

وصف الجغرافي الفرنسي هنري هاوسر الجيش العثماني بقوله:

"كانت أجود الوحدات العسكرية الأوروبية والسرايا الإسبانية والمشاة السويسريين الرمّاحة تضطرب أمام الجيش العثماني، كان أعظم جيش في العالم بلا شك، يعيش من أجل الحرب فقط، وُجِد لهذا السبب، سُلّح بشكل متفوق جداً، تسانده مدفعية متمكنة، يتقاضى راتبه بشكل منتظم ورواتبه كانت جيدة، إن نظامه الحديدي الصارم لا يمكن أن تتصوره أوروبا."

يستند هذا التفوق الذي لاحظه المؤرخون الأوربيون إلى عوامل كثيرة أولها النظام السياسي للدولة العثمانية والتفوق العلمي، فضلاً عن الاقتصاد الذي يُمَكّنها من إقامة جيش كهذا.

ذكر الأميرال الإنجليزي السير أدولفوس سلود بقوله: "شاهدت الخيالة العثمانية في الحرب الميدانية (كلفجة) أغاروا بخيولهم على الروس وهم يصيحون (الله، الله) لم يتمكن المشاة الروس من الصمود أمامهم أبداً واندحروا، كانت الخيالة العثمانية وكأنها تُمارِسُ حركات رياضية، وكانوا يهزؤن بعجز الروس أمامهم".

وضع العثمانيون أيضاً بصمتهم في تاريخ الأسلحة النارية والمدافع، واعتُبِرت المدفعية العثمانمية أرقى مدفعية في العالم حتى عام 1700م. ومن المؤكد أنّ هذا التفوق ساهم في حكمهم العالم لقرابة الثلاث عصور.

قال مؤرخ الاسلحة كورتلاند كانبي في هذا الصدد:

"إنّ قصف المدفعية العثمانية للبيزنطيين في معركة فتح القسطنطينية عام 1453م هو أول قصف ناري مدفعي في العالم".

كما كتب الضابط المدفعي بارون دي توت: إنّ المدفعية العثمانية حتى في غضون عام 1770م كانت في وضع جيد جداً، حيث امتلكت مدافع نارية سريعة تقذف خمس إطلاقات في الدقيقة، وكان الجيش العثماني يملك مدفعاً صاروخياً خارقاً يقذف 15 قذيفة في الدقيقة.

ما زالت آثار تلك المدافع شاهدةً على عظمة ذاك الجيش فمدفع الفاتح الموجود حالياً في منطقة توبكابي يزن 20 طناً ويبلغ طوله 7.5 متراً، وقطره 25 سم، وتزن قذيقته ما يقارب 700 كيلوجرام، ويتطلّب تحريكه جهد 200 رجلاً وما يقرب من 60 ثور.

كما أنّ الإمبراطورية العثمانية كانت تملك في أواسط القرن السادس عشر أكبر مسبك ومعمل للمدافع في العالم (طوبخانة) في إسطنبول، وأكبر معامل للبارود في إسطنبول والقاهرة وسلانيك وبلغراد، وفي عام 1571م كان معمل بارود إسطنبول ينتج 17 طناً من البارود شهرياً.

يعُود تفوق الجيش العثماني إلى تأسيس الدولة لجيش نظامي منذ بدايتها حيث كان أول جيش نظامي دائم في أوروبا، كما أفاد المارشال كونت مونتيلي القائد العام للإمبراطورية الألمانية بأنّه "لا يُمكِن الإنتصار على الجيش العثماني ما لم يُؤسس جيش نظامي دائم في أوروبا"، ولم يتمكّن الأوربيون من تحقيق ذلك إلا في أواسط القرن السابع عشر.

كان قانون الالتحاق بالجيش إجبارياً وكانت مدة الخدمة العسكرية للمشاة والبحرية ثلاث سنوات وللخيالة والمدفعية أربعة سنوات، وكان يُسَرّح من الخدمة خلال ثلاث أشهر من يرغب بدفع بدلٍ نقديّ قدره 50 ليرة ذهبية.

على الرغم من أن تعداد الجيش العثماني الذي كان يؤَمّن صمود الإمبراطورية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر بلغ حوالي 500,000 مقاتل إلا أنه لم يُنقل في أي وقت من الأوقات إلى جبهة واحدة من الجبهات، ذلك أنّ اتّساع رقعة الإمبراطورية كان يحُول دون ذلك، فقد خاضت أكبر الحروب بواسطة 100,000 جندي تقريباً، ومن المُبهِر أن تُحكم أقطار واسعةٌ بهذا العدد القليل من الجُند بالنسبة إلى مساحة الإمبراطورية الشاسعة، ولهذا ما يبرره طبعاً إذ أن الجيش العثماني كان يحارب من أجل النصر ولم يتردد في الاستشهاد أبداً ولم يتزعزع إيمانُه، فلا يمكن إنكار حقيقة أن الدين جعل من الجندي العثماني شجاعاً جسوراً مخلصاً لا يخشى عارضاً يعترض طريقه أياً كان.


المراجع :

تاريخ الدولة العثمانية (سيد محمد السيد محمود)

تاريخ الدولة العثمانية (يلماز أوزتونا)

عن الكاتب

أسامة حساني

محرر في وسائل التواصل الإجتماعي في ترك برس


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس