ترك برس - ديلي صباح

وسط تصاعد موجات العنصرية والإسلاموفوبيا في ألمانيا حيث يعيش 3 ملايين تركي، يُتوقّع أن يتوجّه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى ألمانيا استجابةً لدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الأحد 11 كانون الثاني/ يناير.

يُنظر إلى الزيارة على أنّها تحرّك لتهدئة الغضب المتصاعد ضدّ المسلمين والمهاجرين في ألمانيا، والذي يغلي بسبب المظاهرات التي بدأتها حركة "الأوروبيين الوطنيين ضدّ أسلمة الغرب (بيغيدا PEGIDA)" والتي بدأت في مدينة دريسدين شرقي ألمانيا، والتي أجّجتها المجزرة التي حدثت لموظفي الصحيفة الفرنسية الساخرة شارلي إيبدو يوم الأربعاء في باريس. ويُتوقّع أن يُشير داود أوغلو إلى مطالبات الاتحاد الأوروبي بحماية حرية الاعتقاد والتفكير وحقوق الإنسان، وأن يُحذّر ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى من الإسلاموفوبيا المُتنامية في أوروبا.

وقد أصدرت الحكومة التركية مؤخراً بياناً للأتراك الألمان دعت فيه المواطنين في هذه المدُن إلى أن لا يُستثاروا بالمظاهرات المعادية للإسلام والمُعادية للمهاجرين وأن لا يلجؤوا إلى السلوكات المتطرفة وإلى خطاب الكراهية.

وفقاً لدراسة نشرها منتدى الحياة العامة والدين في مركز بيو للدراسات بعنوان "خرطية المسلمين حول العالم: تقرير حول حجم وتوزّع السّكان المسلمين حول العالم"، فإنّ المسلمين في ألمانيا يُشكّلون أكبر أقليّة في المجتمع بتعداد 4,026,000 نسمة، تُساوي 5 بالمئة من إجمالي عدد السكان البالغ 82 مليون.

وأظهرت دراسة نشرت يوم الخميس الماضي أنّ 57 بالمئة من الألمان يعدّون الإسلام تهديداً، مما يدلّ على تصاعد الخوف من المسلمين والمهاجرين. وقد تصاعد عدد الألمان المرتبطين بشكل وثيق مع الحركات اليمينية المتطرفة مثل بيغيدا مقارنة بأرقام صادرة في عام 2012، وفقاً لدراسة اجريت على المسلمين في ألمانيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 من قبل مؤسسة بيرتيلزمان، وهي مركز أبحاث ينشط في القضايا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والثقافية والصحية. فقد ارتفع عدد الألمان من غير المسلمين الذين يؤمنون أنّ الإسلام لا يتوافق مع أسلوب الحياة الألماني والقيم الغربية إلى 61 بالمئة، بعد أن كان في عام 2012 لا يتجاوز 52 بالمئة، في حين أفاد 85 بالمئة من المستطلعة آراؤهم من الألمان بأنّهم متسامحون بدرجة كبيرة مع الأديان الأخرى. ومع ذلك، هذا لا ينطبق على الإسلام. بالنظر إلى المنظور السلبي للإسلام، فقد أفاد 24 بالمئة من الألمان غير المسلمين بأنّه يجب منع المسلمين من الهجرة إلى ألمانيا.

وفي إطار جهود تخفيف حدّة ردّة الفعل ضد المسلمين والمهاجرين في البلاد والدّفاع عن المجتمع المسلم فيها، أشار وزير العدل الألماني هيكو ماس إلى الهجوم الأخير على جريدة شارلي إيبدو بقوله إنّ الإسلام ليست له أي علاقة بالعنف مثل هجمات باريس. ووصف الوزير مجزرة شارلي إيبدو بأنّها هجمة على الإسلام، قائلاً إنّ غالبية المسلمين في ألمانيا يعدّون الهجوم خيانة لمعتقداتهم.

ويعُدّ خبراء اجتماعيون ظاهرتي التطرف والإسلاموفوبيا مُحفِّزات تُقوّي إحداهُما الأُخرى. ففي الوقت الذي ينجرّ فيه غير المسلمين الذين يشهدون هجمات مميتة على بعض الدول الأوروبية ارتكبها متطرّفون إلى ردّة فعل ضدّ الإسلام وضدّ أتباعه، يتعرّض المسلمون الذين يحاولون التكيّف مع أنماط المعيشة الغربية بالمُقابِل إلى سلوكات عنصرية وتصرفات تظهر كراهية للإسلام، كما يواجهون صعوبات كبيرة في الحفاظ على هوياتهم في الدول التي يهاجرون إليها حينما يتمّ تهميشهم وتجريمهم من قبل المُجتمع. تحوّل هذا الوضع ذو الوجهين إلى دائرة مفرغة تؤثّر بشكل سلبي على المسلمين وغير المسلمين في الدول الأوروبية على حدّ سواء.

ويُتوقّع أن تركّز المظاهرات المناهضة للإسلام المُقبلة - التي تخرج في كل يوم إثنين في مدينة دريسدين - من تنظيم بيغيدا على مجزرة شارلي إيبدو.

ومع ازدياد أعداد المنضمّين إلى بيغيدا من الألمان، بدأت المجموعة بتلقّي مزيد من الدعم. فقد جمعت مظاهرات بيغيدا أمام بيت أوبيرا "سيمبيروبير" في دريسدين حوالي 500 شخص في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، وجمعت 1,000 شخص في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر، و1,700 شخص في 10 تشرين الثاني، و3,000 شخص في 17 تشرين الثاني، و5,500 شخص في 24 تشرين الثاني، و7,500 شخص في 1 كانون الأول/ يناير، و10,000 شخص في 8 كانون الأول، و15,000 في 15 كانون الأول، و17,500 شخص في 22 كانون الأول.

ووسط تزايد دعم بيغيدا، يتجمع الآلاف في شوارع كولون، رابع أكبر المدن الألمانية، يوم الإثنين، نفس اليوم الذي تخرج فيها مظاهرات بيغيدا في دريسدن، للتظاهر ضد الإسلام.

كما يُشارك آخرون من دول أخرى في مظاهرات مضادة لهذه المظاهرات لإدانة المظاهرات المضادة للأجانب الآخذة في الانتشار والموجّهة بشراسة نحو مجتمع المسلمين، أكبر جالية مهاجرة في ألمانيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!