د. مقبل الذكير

سألني بعض الأصدقاء عن أسباب تراجع سعر الليرة التركية بشكل مضطرد في الآونة الاخيرة!

خاصة وأن الاقتصاد التركي حقق معدل نمو جيد في الناتج القومي هو الأعلى بين دول العالم في العام ٢٠١٧ م!

ومع ذلك رأينا أن سعر الليرة يتراجع!

الحقيقة أن المقلق في الآونة الأخيرة ليس انخفاض مستويات سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، وإنما في تذبذب سعر صرفها وعدم استقراره عند مستوى محدد صعودا أو هبوطا.

هذا يعود لمجموعة أسباب اقتصادية وسياسية.

فمن الأسباب الاقتصادية:

1- عجز الميزان التجاري حيث تستورد تركيا أكثر مما تصدر. 

2- ارتفاع أسعار النفط يزيد الضغوط ويرفع التكلفة على واردات الحكومة من النفط. ومعلوم أن تركيا تستورد 90%، من استهلاكها النفطي، ولذلك سعر النفط يؤثر سلبا في الليرة. لذلك فإن ثلثي العجز في الميزان التجاري التركي هو ممثل في فاتورة استيراد الطاقة "غاز ونفط" وهي تمثل 8%، من الناتج القومي التركي.

3- إحجام البنوك التركية عن الإقراض مقارنة بالمعدلات السابقة، وهذا يؤثر على عجلة الاقتصاد ومستويات النمو والتي تؤثر على قيمة الليرة التركية.

4- انخفاض الاحتياطات من العملات الدولية لدى البنك المركزي التركي، مما يثير الشكوك عن قدرته على الدفاع عن الليرة.

5- تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج تؤدي إلى الضغط على موارد النقد الأجنبي للدولة، في الوقت الذي يحتاج فيه البنك المركزي التركي لهذه التدفقات لتمويل العجز في ميزان المدفوعات ولأغراض التدخل في سوق الصرف الأجنبي للدفاع عن الليرة التركية.

6- كما أدى تراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار واليورو إلى ارتفاع قيمة الواردات ومن ثم تغذية التضخم، وهذا يؤدي إلى أثرين:

الأول: زيادة العجز في الميزان التجاري.

والثاني: ارتفاع المستوى العام للأسعار بصفة خاصة الوقود، حيث تستورد تركيا نحو 90 في المئة من احتياجاتها من النفط والغاز من الخارج.

6- تصريحات الرئيس أردوغان الأخيرة (نيسان/ أبريل 2018م) بالحاجة إلى تغيير السياسة النقدية والعمل على خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار والنمو!

ومعلوم أن هذا من شأنه أن يقلل العوائد على المدخرات بالليرة، الأمر الذي يدفع أصحابها لتحويلها للدولار!

وهذا بالطبع يولد ضغوطا إضافية على الليرة!

ثم هناك أيضا الأسباب السياسية فتركيا تأثرت بالأوضاع الجيوسياسية في المنطقة والأزمة السورية وتوتر العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

وكان للانقلاب الفاشل ومحاولات علاج آثاره خلال السنوات الماضية، فضلا عن القضاء على مجموعة غولن المتغولة في المؤسسات التركية، إضافة لنفقات مواجهة تركيا للتهديدات في جنوبها من ناحية المواجهات والمناوشات المدمرة في سوريا والعراق وإقليم شمال العراق.

كان لكل هذا آثار سلبية تضافرت مع الآثار الاقتصادية.

في اعتقادي إن العوامل والمؤشرات الاقتصادية الكلية الإيجابية في الاقتصاد التركي سوف يكون لها الغلبة في نهاية الأمر.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس