ترك برس

يعود تاريخ مسلّة ثيودوسيوس إلى الفترة البيزنطية قبل 1600 عام بالتحديد، وقد تمّ افتتاحها مؤخرًا للزوار من قبل بلدية إسطنبول بعد ترميمٍ استمر لمدة ثماني سنوات، مصحوبةً بمعرض فني رائع.

وفي حفل افتتاح المسلّة الواقعة في شارع "بيير لوتي"، شكر والي إسطنبول واصب شاهين كل من ساهم في أعمال الترميم، حيث قال: "تستعيد إسطنبول بناءً هامًّا يبلغ عمره 1600 عامًا. وقد تم افتتاحه أخيرًا للزوار مع عرضٍ مهيبٍ ونادرٍ رافقه اليوم".

كما قدم شاهين شكرًا خاصًّا لأحمد نجاة الذي عرض أعماله في المعرض الذي حمل عنوان "Hiç Hali" أي حالة اللا شيء.

وذكر شاهين أن إسطنبول لديها ثلاثة مصادر للمعلومات التاريخية: المعروف، والمقروء، والمُجرب. وتابع قائلًا: "لقد بدأنا اليوم العيش في إسطنبول التي لا يمكننا فهمها عندما نقرأ. وبالتالي، بدأت إسطنبول بإبراز وإظهار نفسها. إنها مزينة بالأعمال الهامة التي تحمل آثار الحضارات القديمة والحديثة، ونحن نتولّى أعمالًا بالتعاون مع وزارة الثقافة والسياحة والمديرية العامة للمؤسسات والبلديات الأخرى، للكشف عن الأعمال الإبداعية التي عاشت في مدينتنا منذ أقدم الحضارات وحتى اليوم".

وأشار شاهين إلى أن الناس اليوم وغدًا لديهم فرصة العيش في إسطنبول الأكثر ثراءً وجمالًا من تلك التي عاشوا فيها قبل ثلاثين أو أربعين عامًا. يقول شاهين: "لقد تم الكشف مؤخرًا عن العديد من الأعمال التاريخية التي تحيط بها المباني أو التي بنيت عليها منشآتٌ أخرى. فكلما ازداد الوعي لدينا وكلما ازدادت خبرتنا بالمصادر التي لدينا كلما كانت إسطنبول أكثر جمالًا. في المستقبل، ستخدم مدينة إسطنبول بلدنا ومفاهيمنا الإنسانية، كمدينة تكشف آثار الحضارات".

وضّح شاهين أن أحد أهم العناصر لإنشاء الحضارة هو المياه، حيث يقول: "هذه المسلّة هي واحدة من أفضل الأعمال التي تظهر كيف تطور حفظ المياه وجمعها في هذه الأراضي قبل الفترتين البيزنطية والعثمانية وكيف تمت حمايتها وإثراؤها بعد ذللك تقنيًّا ومعماريًّا من قبل الإمبراطورية العثمانية".

وأكد شاهين على ثقته بأن الأجيال القادمة ستنقل هذه الثقافة والتقاليد إلى المستقبل كأحفادٍ للناس الذين قاموا بحماية الأعمال التاريخية بتقليدٍ تم نقله من الإمبراطورية العثمانية".

كما أكد أيضًا على أهمية العمل الذين قام به سكان تركيا والمسؤولون فيها منذ زمنٍ طويل في الحفاظ على آثار الحضارات القديمة حيث يقول: "لو كانت المسلّة لدى آخرين، لكان من الممكن هدمها، نحن فخورون بأن هذه القيم لا تزال حاضرةً في أرضنا. لم نعامل أبدًا أي حضارةٍ كعدوٍّ لنا ولم نحاول أبدًا محوَ آثارها، إنما نحافظ على وجودها ونحاول إثراءها". وأضاف: "إلى جانب ذلك، شكّلنا حضارتنا الأصلية. إن حضارة هذه الأرض هي في الواقع مزيجٌ مدمجٌ من عدة حضارات. وإن ختم الثقافة والحضارة محفورٌ في بلدنا للأناضول وإسطنبول".

حل مشكلة المياه

يقول العمدة مولود أويزال: "لدينا مسلّاتٌ زرناها سابقًا في إسطنبول. وبعد الباسيليكا وفيلوكسينوس، أضفنا ثيودوسيوس إلى القائمة".

وإشارةً منه إلى أنه يمكن ملاحظة استضافة إسطنبول للعديد من الحضارات الكبيرة لدى مشاهدة الأعمال التاريخية فيها، تابع أويزال: "أصبحت إسطنبول العاصمة لثلاث حضاراتٍ كبرى قامت باستضافتها. وفي الواقع، فإن المسلّات هي الشاهد والدليل على ذلك. المياه التي تم جلبها من الخارج وكانت مخزنة مثل مياه الأمطار، واليوم، يتم تخزين مياه الأمطار دون أي أوساخ وتحويلها إلى سائل قابل لإعادة الاستخدام".

ويلفت أويزال الانتباه إلى أن المسلّات التي بنيت من أجل حل مشكلات المياه في الماضي ليست موجودةً من أجل ذلك اليوم، حيث يقول: "لا نذكر أي مشكلة مائية في إسطنبول. إنه لفرحٌ بالنسبة لنا أن مشكلة المياه في المدينة قد تم حلها على الرغم من أن عدد السكان يبلغ نحو 15 مليون نسمة، ومع ذلك لا نواجه أي مشكلة في الماء منذ ما يقرب الخمسين عامًا. إنني حقًا أريد أن أشكر أولئك الذين ساهموا في ذلك".

المسلّة أقدم بمئة عام من أيا صوفيا

ذكر عمدة الفاتح السابق مصطفى ديمير أن مبنى بلدية إمينونو وقع في المسلّة من قبل. قال ديمير: "نحن في مكان رائع في حي الفاتح. هذه المسلّة التي يعود تاريخها إلى 1600 عام مضى تعد أكبر من آيا صوفيا. إنها مثاليةٌ بالفعل وقد أصبحت مكانًا حيث يتم تقديم عروض الفن التي تعكس تقاليدنا في الداخل، إنها مثالٌ نادرٌ في العالم لا يوجد شبيهٌ له. أشكر كل من ساهم في مرحلة البناء".

يعطي المؤرخ خليل فخري يلماز معلوماتٍ عن الفترة التاريخية التي وُجدت فيها المسلّة قائلًا: "لقد بُنيت في القرن الخامس، وكانت معروفةً باسم مسلّة ثيودوسيوس منذ القرن التاسع عشر. نحن نرى مسلةً تقف منذ ما يقرب الـ 1600 عامًا، تضم 32 عامودًا داخليًّا، وتم بناؤها في فترة الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الثاني".

وقد تم استخدام هذه المسلّة القديمة كمعرضٍ فني لأعمال الفنان الإيراني أحمد نجاة. رافق العرض أغانٍ رائعة من كلمات الرومي بألحانٍ جميلةٍ وممتعة.

تم افتتاح مسلة ثيودوسيوس للخدمة بعد أعمال الترميم التي استمرت لثماني سنوات، وتعد اليوم وجهةً هامةً للسياح، وسوف يعقد فيها من الآن فصاعدًا أحداثٌ ثقافية. كما تم بناء مصعدٍ في المسلّة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والعائلات التي لديها أطفال.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!