ترك برس

بالتزامن مع الانفتاح التركي في السنوات العشر الأخيرة، على المحيط الإقليمي والدولي، والمنطقة العربية بشكل خاص، لاقت المطاعم التركية والمطبخ التركي انتشاراً واسعاً في العديد من بلدان الشرق الأوسط.

وتعد مصر من بين البلدان العربية التي تنتشر فيها المطاعم التركية بكثرة، وافتتحت مؤخرا فيها 10 مطاعم تركية تقدم أطباقا مميزة من المطبخ التركي بمذاقات تجمع بين الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط.

وكانت العلاقات التركية المصرية، قد ساءت عقب الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد عام 2013، على أول رئيس منتخب. ويبدو أن المطاعم التركية ستكون الخطوة الأولى لإصلاح ما أفسدته السياسة بين البلدين.

وفي هذا السياق تناول تقرير لوكالة الأناضول للأنباء، انتشار المطاعم التركية في مصر، والدور الذي تلعبه في تبادل الرسائل الثقافية بين شعبي البلدين.

ويسعى المواطنون المصريون، ممن يرتادون المطاعم التركية في بلادهم، إلى التعرف على صنوف من أشهر الأكلات التركية، وتصحبهم الديكورات في نزهة تجول افتراضية على ضفاف مضيق البوسفور. حتى أن تلك المطاعم باتت تنافس نظيرتها الصينية واللبنانية ذائعة الانتشار في مصر.

وفي محاولة لاستثمار نجاح لافت، اختطف أنظار رواد المطاعم في مصر، مطعم تركي شهير في إسطنبول يطهو الطعام في أوان فخارية تحتضنها ألسنة النيران في مشهد لم يعتده المصريون.

وباتباع التقنية ذاتها في طهي الطعام بين ألسنة النار على الطاولات، نجحت المطاعم التركية في إيجاد نمط مختلف من تقديم الطعام ابتعد نسبيا عن أضواء الشموع التقليدية واجتذاب رواده على وقع مشهد صاخب بات جاذبا ومحببا إليهم.

وتلقى المطاعم التركية إقبالا واسعا بين المصريين، وتتخذ من قادة ورموز أتراك أسماء لها، ما يحول طهي الطعام إلى "دبلوماسية" ثقافية وشعبية تلطف الأجواء بين القاهرة وأنقرة.

ويتميز المطبخ التركي بتاريخ طويل، إذ تأثر عبر الزمن بالمطبخ الكردي والفارسي والهندي والعربي والأرمني، إذ حكمت الدولة العثمانية مناطق واسعة شرق المتوسط على مدى 500 عام.

بتجربة تحاكي مطعما تركيا شهيرا بميدان تقسيم في إسطنبول، ازداد عدد المطاعم التي تقدم أطباقا تركية داخل أوان فخارية بمصر، تتطاير منها ألسنة النار وتطهو جزءا منها أمام الجمهور.

واستثمارا لنجاح وشهرة الشيف التركي "براق" الذي أبهر رواد المطاعم في مصر عقب انتشار لافت حققه على منصات التواصل الاجتماعي، بات يحاكيه العديد من الطهاة المصريين سواء في الأداء أو العرض أو التقديم.

تتراص أطباق الطعام التي تغلب عليها أصناف اللحوم والدجاج المطهوة وفق وصفات تركية خاصة، والمعجنات الحلوة والمالحة على طاولات المطاعم لتقدم تشكيلة واسعة من الأكلات الشعبية والحلويات التركية المميزة، وعلى رأسها الكنافة التي لاقت قبولا لافتا بين المصريين.

ويقول ياسر المنشاوي وهو أحد المرتادين باستمرار للمطاعم التركية، إن طهي الطعام بإضافة التوابل المميزة في أواني الفخار وداخل أفران الطوب الحراري، أبرز ما يميز المطاعم التركية في مصر.

ويضيف: "ديكورات المطعم التركي الذي أرتاده منذ فترة، أثارت فضولي ودفعتني للتفكير في زيارة إسطنبول للتمتع بجمال الأماكن السياحية".

بدوره، يقول شريف متولي إن ميزة تناول الوجبات داخل المطاعم التركية لا تقتصر على المذاق الطيب للأطباق فحسب، ولكن في الثقافة التي تمنحها "قائمة الطعام".

ويشير إلى أن القائمة عادة ما تكون مصحوبة بصور الأماكن السياحية في تركيا وأسمائها وفقرة تعريفية عن تاريخها على هامش شرح مفصل لأصناف الأطعمة المختلفة.

وتتخذ المطاعم التركية في مصر أسماء لقادة وأماكن سياحية شهيرة في إسطنبول لتؤكد هويتها، أبرزها "أتاتورك" نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك (1881 ـ 1938).

وتقدم تلك المطاعم أيضا بجانب أصناف اللحوم والمعجنات والمحاشي والمشروبات التي تأتي في صدارتها القهوة التركية، والشاي الأحمر. إلى جانب السحلب الذي يتم تناوله في فصل الشتاء، وعصائر الفواكه، والخشاف الذي عادة ما يقدم في شهر رمضان.

ويقول فتحي علي المدير الإداري لمطعم تركي بالقاهرة، إن رواد المطاعم في مصر استحسنوا أصناف المأكولات التركية والأجواء المصاحبة لها والتي تقدم نمطا مختلفا.

ويضيف: "استعنّا بطاهٍ تركي ليكون خبيرا بأصناف الطعام والتوابل والحلويات بمذاقاتها الأصلية، ثم قام بدوره بتدريب مساعدين مصريين على خبايا المطبخ التركي".

ويمضي قائلا "المطاعم التركية تلقى إقبالا هائلا بين المصريين"، ويضيف مازحا: "فلا مجال للمناوشات السياسية بين الأطباق الشهية... دبلوماسية الطعام تصلح ما أفسدته السياسة".

وتتزين جدران أغلب المطاعم بصور لقصور ومتاحف وآثار بارزة في تركيا، وفي الأفق تصدح أنغام الموسيقى التركية، لتضفي أجواء واقعية بجانب الأطباق الشهية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!