د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

أتت زيارة الوفد الإمارتي ـ السعودي إلى قاعدة عسكرية كردية في عين العرب" كوباني من أجل دعم المليشيات الكردية المتحالفة مع العصابة الأسدية ليكشف المستور والغموض عن دور الدولتين إزاء الثورة السورية، فهذه المليشيات الكردية معروفة للقاصي والداني بتحالفها العضوي مع العصابة الطائفية في الشام، ومعروفة بأن قادتها من الطائفيين النصيريين الأتراك الأشد عداوة للثورة ولتركيا. ولكن للأسف كل هذا لم يمنع الدولتين من التحالف مع المليشيات الكردية نكاية بتركيا ولو كان ذلك على حساب الثورة السورية وتثبيت الاحتلال الإيراني في الشام الذي صدّعونا بمقاومته الشفهية واللفظية..

اللافت أن هذا الدعم يأتي بعد أن نفض الداعم الأمريكي والروسي يديه من المليشيات الكردية، ورأينا جميعاً كيف تخلى الأمريكيون عن المليشيات الكردية في عفرين ليتم تحريرها من قبل الجيشين الحر والتركي، فتندحر المليشيات الكردية من المدينة، وحتى أن منبج التي تعد من معاقل المليشيات الكردية تخضع للمساومة اليوم بين الأتراك والأمريكيين، وصل الأمر إلى أن يكشف وزير الخارجية التركي مولود جاوييش أوغلو عن اتفاق بين الطرفين يقضي بانسحاب القوات الأمريكية منها..

الأغرب أن كثيراً مما يتم تداوله اليوم هو أن القوات الأمريكية تخطط لنقل قواتها وقواعدها إلى العراق بدلاً من سوريا، وهو الأمر الذي فرض على المليشيات الكردية كالعادة نقل البندقية من كتف إلى آخر، وفرض على الكفيل أن يسلم المليشيات الكردية إلى كفيل آخر، ولعل نظام الكفالة تتقنه الدول المعنية ..

لا شك أن الضحية الأولى والأخيرة المباشرة لهذه المناكفات البعيدة كل البعد عن المنطق والمصلحة، حتى مصلحة الدول المعنية المتدخلة، الضحية هو الشعب السوري وثورته، وبالتأكيد تشمل الضحية أن تكون المصالح العربية للكفيل الجديد كون العدو التاريخي والمتربص بها وهو إيران التي بالمحصلة ستكون أكثر المستفيدين من هذا الصراع الذي يريحها كثيراً، فهو يستنزف أعداء ومنافسين اقليميين كبار لها، بالإضافة إلى استنزاف الثورة السورية ملعبها الرئيسي والأساسي اليوم...

وبينما كان الوفد الإماراتي والسعودي يجري مفاوضاته في عين العرب مع المليشيات الكردية الانفصالية كانت القبائل العربية في الرقة وضواحيها تعلن موقفها الواضح والجلي من هذه العصابات عبر مظاهرات ضخمة ترفض حكمها، وهي مظاهرات ذكرتنا بالمظاهرات التي بدأت سلمية ضد العصابة الطائفية الأسدية، والتساؤل هو كيف يتم دعم مليشيات ملفوظة شعبياً؟!، وهل مجرد النكاية بتركيا سيدفع ثمنها الشعب السوري وقبائله العربية في الرقة وغيرها مما يعني بالمؤكد صبُّ كل ذلك في مصلحة الاحتلال الروسي والإيراني وأعداء الثورة السورية والأمن القومي العربي.. 

أخيراً نجح الأمريكي والروسي والإيراني مجدداً فيما أسس له لورنس العرب أحد مخططي هادمي الخلافة العثمانية حين قال في كتابه ثورة في الصحراء:" إن أخطر وأعظم ما نجحنا فيه هو وضع مكة في مواجهة اسطنبول، فهل يعيد التاريخ نفسه؟!"

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس