ترك برس

انتقد ماثيو بريزا، عضو المجلس الأطلسي للدراسات بواشنطن، والسفير الأمريكي السابق لدى العاصمة الأذرية باكو، النظرة الغربية لتركيا على أنها بلد غير ليبرالي، معتبرا أن تركيا قدمت للغرب نموذجًا قويًا لقيمة إنسانية كبرى بتوفيرها الرعاية والماوى للاجئين على أراضيها.

وفي مقال مطول نشره موقع يورو أكتيف المختص بالشؤون الأوروبي، قال بريزا إن تعامل تركيا مع أزمة اللاجئين لا يحظى بالاهتمام الكافي في الإعلام الغربي الذي يركز على مزاعم انزلاق تركيا نحو الاستبداد.

وأضاف أنه في حين أن العداء تجاه المهاجرين حفز بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويهدد مسيرة المستشارة الألمانية ميركل، ودفع الرئيس الأمريكي ترامب إلى فصل الآباء المهاجرين غير الشرعيين عن أطفالهم، فإن الهجرة لم تصبح  قضية سياسية كبيرة في تركيا، حتى خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة.

وأردف أن تركيا في المقابل استوعبت بهدوء أكثر من 3.6 مليون لاجئ ومهاجر منذ عام 2015، مقارنة بنحو 2.5 مليون لاجئ موزعين على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مجتمعة.

وعرض بريزا في مقاله لحوار وصفه بالتثقيفي دار بين لاجئ سوري ومشارك أمريكي من برنامج زمالة الألفية التابع للمجلس الأطلسي، خلال زيارة قام بها في الآونة الأخيرة لمخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا.

وقال بريزا: "كانت هناك سجادة مطبوعا عليها صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معلقة على جدار حاوية نظيفة أصبحت منزلا للعائلة السورية النازحة. وهنا أشار إليها الزميل الأمريكي الذكي وسأل رب الأسرة السوري: ما الذي تفعله هذه السجادة هنا؟ فتعجب رب الأسرة، وقال له لقد استقبلنا الرئيس أردوغان وأعطانا بيتا ويعاملنا مثل إخوته".

وأضاف بريزا قائلا إن الباحث الأمريكي أصابه الذهول وبدا عاجزا عن متابعة بعض الأخبار الإيجابية عن حقوق الإنسان في تركيا. وهذا التشاؤم عكسته مجلة الإيكونوميست بعد ذلك بيومين عندما كتبت أن "تركيا العضو في حلف الناتو... معادية للقيم الديمقراطية الليبرالية التي تربط التحالف".

وذكر بريزا أن تركيا التي يزعم أنها بلد غير ليبرالي، قدمت نموذجا للغرب في توفير المأوى  والفرص والأمل للاجئين النازحين. فمنذ عام 2015، أنفقت الحكومة التركية أكثر من 30 مليار دولار لرعاية اللاجئين السوريين.

وتابع أن "المخيم الذي زرناه في نيزب على نهر الفرات، إلى الشمال مباشرة من كوباني التي دمرتها داعش، نظيف ومنظم وشوارعه ممهدة، يضم 4000 من منازل الحاويات، ويوجد به مدرسة وعيادة طبية، ومتجر ومركز الأنشطة النفسية الاجتماعية، وملاعب، ومكتبة، وحتى صالون لتصفيف الشعر. ويتمتع سكان المخيم بحرية الخروج والدخول ويملك كثير منهم وظائف في المدن المجاورة".

وأضاف أن المخيمات ليست سوى عنصر واحد في استجابة تركيا لأزمة اللاجئين، حيث تقدم الحكومة التركية والهلال الأحمر التركي حوافز للاجئين للاندماج في المجتمع التركي بعد أن غادر 90% منهم المخيمات وانتقلوا إلى المدن. وتشمل هذه الإعانات توزيع الدعم الاقتصادي عن طريق البطاقات المصرفية، مما يوفر شعوراً بالكرامة والارتباط بالاقتصاد التركي.

وأشار إلى أن استجابة تركيا لأزمة اللاجئين ما تزال تحتاج إلى  التنسيق الأفضل من الوزارات الحكومية في أنقرة لتعميق الاندماج الاجتماعي للاجئين وجذب الاستثمارات من رجال الأعمال السوريين.

ولفت إلى أنه لاحظ بصفته مقيما في إسطنبول، أن المجتمع التركي احتضن اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى تركيا والتزم برعايتهم، مرجعا هذا السخاء التركي إلى الإرث التاريخي المشترك الذي يجمع الأتراك والسوريين، وحساسية الأتراك من تعرض اللاجئين للأذى في بلاد جديدة، مثلما يعاني أقاربهم في غرب أوروبا.

وخلص بريزا إلى أنه الرغم من قلق كثيرين في أوروبا من تولي الرئيس أردوغان قيادة نظام سياسي جديد يعزز من سلطته، فإن من مصلحة الاتحاد الأوروبي نفسه أن يعترف بتعامل تركيا الفعال مع أزمة المهاجرين، وأن يقدم الدفعة الثانية من المساعدات التي تبلغ 3 مليارات يورو لتركيا وفقا للاتفاقية الموقعة مع تركيا عام 2016.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!