حقي أوجال - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

المشتبه بهم المعتادون يشحذون أسلحتهم. ومن هؤلاء على سبيل المثال ستيفن أ. كوك ، وهو زميل لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية ، الذي ييقول: " إن الحكومة التركية تمادت كثيرا باستخدامها دبلوماسية الرهائن".

إذا طلبت من هذا الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن يعطيك مثالاً واحدا على دبلوماسية الرهائن التي تستخدمها الحكومة التركية ، فإنه سيكرر ببساطة تلك الجملة المسجوعة المستقاة من لعبة الورق في اللغة التركية : خذ ملكا. أعط ملكا . "Al papazı, ver papazı"

يطلق على "الملك" في لعبة الأوراق في اللغة التركية اسم "Papaz" وهو الاسم نفسه الذي يطلق على جميع رجال الدين المسيحيين، من قساوسة وكهنة وباباوات ووعاظ، حيث يطلق عليهم جميعا في اللغة التركية  "Papaz" . عندما طلبت واشنطن إطلاق سراح القس الإنجيلي، أندرو كريغ برونسون، الذي ألقي القبض عليه وما يزال يحاكم لصلته بالجماعات الإرهابية ، كان المَخْرج الوحيد هو تبادل الجواسيس أو كما يطلق عليه في إحدى ألعاب الورق التركية  "خذ الملك ، اعطِ الملك".

وما أصدق المثل التركي الموروث الذي يقول " بين أيدي طبيب نصف متعلم قد تفقد حياتك" ، إذ من الواضح أن الخبراء في شؤون المنطقة من أنصاف المتعلمين يصيغون مبادئ السياسة الخارجية من الأمثال الشعبية.

أما الملك الآخر"Papaz"  في هذه الهجمة الكلامية، فليس رجل دين مسيحي، بل هو العقل المدبر لمحاولة الانقلاب الساقط  في 15 يوليو / تموز 2016 ، فتح الله غولن الذي نصب نفسه داعية إسلاميا دون أن يتقى تدريبا أو شهادة رسمية في العلوم الإسلامية.

من الناحية القانونية ، لا ينبغي لنا أن ندخل في صفقة  "تبادل جواسيس" لنتسلم زعيم مجموعة فيتو الإرهابية،لأن تركيا  قدمت مذكرات استدعاء صادرة عن محاكم قانونية تضم أدلة قوية كافية لتسليمه، ولكن وزارة العدل الأمريكية لمّا تقدمه إلى القاضي الفيدرالي لبدء العملية. ويسود اعتقاد بأن الولايات المتحدة لن تعيده. لماذا ؟ هذا هو السؤال الأهم الذي يريد كل تركي أن يعرف إجابته. هناك نظريات كثيرة حول هذا الموضوع، إحداها أن غولن هو أحد الأدوات الرئيسية للمحافظين الجدد لإصلاح الإسلام. وهناك مجموعات شبيهة بتنظيم غولن الإرهابي في دول أخرى ، من باكستان إلى المملكة العربية السعودية ، بحيث إذا اتصلت هذه السلسلسة في مرحلة ما ، فإن المخطط بأكمله سيظهر إلى النور، وستكون الأرواح في خطر في كثير من البلدان.

لكن ما حدث أن الأتراك وحدهم تعرضت حياتهم للخطر، فقتل 62 شرطيا وشرطية، وستة جنود ،و180 مدنيا ، بينما جُرح أكثر من 2000 شخص. فتح المدعون العامون كثيرا من القضايا ضد أعضاء فيتو لمشاركتهم في تدبير الانقلاب على الحكومة وتنفيذه. هناك أيضا نظريات حول الانقلاب، منها أنه  بسبب اختلافها الاساسي عن تجارب الانقلاب السابقة - شهدت تركيا منذ عام 1906 وحتى الآن ثمانية محاولات انقلابية- فلم تكن محاولة 15 يوليو 2016 انقلابًا تحديدا ، بل كانت خطة مروعة لبدء حرب أهلية ومن ثم تمهيد الأرض لحلف شمال الأطلسي ، أي الولايات المتحدة، لغزو تركيا. وسوف نقرأ عن تلك المحاولة  خلال خمس سنوات في مذكرات مساعدي ونواب الإدارة الأمريكية.

لكن بالعودة إلى القس برونسون  الذي وشى به مترجمه الخاص، فلابد أن المدعي العام قد رأى أن هناك أدلة كافية تدينه بالتورط في محاولة الانقلاب، ورفعها إلى المحكمة، وألقى الأمن القبض عليه.  بعد محاولة الانقلاب احتجز 111.253 شخصًا، وأفرج عن 66.545 منهم. وبالنظر إلى وضع القس الأمريكي برونسون قيد الإقامة الجبرية ، فيمكن افتراض أنه سيُفرج عنه على الأرجح في جلسة المحكمة المقبلة.

ولكن بفضل الساسة الإنجيليين، مثل نائب الرئيس، مايك بنس، وكثير منأعضاء مجلس الشيوخ الذين يسعون لإعادة انتخابهم في نوفمبر ، يبدو أن برونسون الآن قد ضاع في الترجمة وضُبط في السياسة التافهة للولايات المتحدة. وإذا أضفنا إلى هذا المزيج صقور الحرب من اليمين الراديكالي  والسياسيين المسيحيين المحافظين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإننا نجد أنفسنا أمام كارثة دبلوماسية.

ولا يسع المرء إلا أن يأمل في أن يؤدي التجميد المتبادل للأصول غير الموجودة  للوزراء الأتراك والأمريكيين إلى المساعدة على تهدئة الوضع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس