ترك برس

تباينت آراء الخبراء حول أسباب بناء الجيش التركي الجدران الإسمنتية حول نقاط المراقبة التي أقامها في محافظتي إدلب وحماة السوريتين، في إطار تفاهمات مع روسيا وإيران.

وأفادت مواقع محلية، قبل أيام، بأن الجيش التركي بدأ ببناء جدار إسمنتي (مسبق الصنع) في محيط نقطة المراقبة التابعة له في مدينة "مورك" بريف حماة الشمالي.

وأوضحت صحيفة "عنب بلدي" أن إنشاء الجدار الإسمنتي يهدف إلى تحصين النقطة وزيادة مستوى حمايتها.

المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد أديب عليوي، تحدّث عن سلة من الأهداف وراء قيام الجيش التركي بتسوير نقاط المراقبة، من بينها تأمين الجدران التي يبلغ طولها عشرة أمتار مزيدا من الحماية والتحصين لنقطة المراقبة.

وبحسب موقع "عربي21"، أشار عليوي إلى عدم استقرار المنطقة أمنيا، لافتا إلى الحوادث الأمنية والاقتتال الداخلي الذي تشهده إدلب وريفها، فضلا عن اختراقها من قبل خلايا تابعة لتنظيم الدولة "داعش".

وتابع عليوي بأن من بين الأهداف الأخرى حرص تركيا على تأمين قواتها من هجوم مفاجئ قد تقوم به قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية الموجودة على مقربة من نقاط المراقبة، لكنه علق بالقول "هو احتمال ضعيف لأنه ليس للروس مصلحة حاليا في التصعيد مع تركيا بإدلب، وهذا ما أكدته روسيا مؤخرا".

غير أن الأهم من كل ذلك، بحسب عليوي، هو تزامن هذه الخطوة التركية مع اندماج الفصائل الذي اعتبر أكبر اندماج على مستوى المعارضة السورية (الجبهة الوطنية للتحرير)، وعلق بالقول: "لقد ضمت هذه الجبهة كل الفصائل وصار لدى المعارضة كتلة كبيرة، دون أن تكون هيئة تحرير الشام داخلها".

وتساءل المحلل العسكري: "ما معنى بقاء الهيئة خارج هذا التكتل العسكري الضخم"، وأردف: "باعتقادي لم يعد أمام هيئة تحرير الشام، إلا الانصهار في هذا التكتل، وإلا فإن المواجهة معها ستكون قريبة جدا".

وعن علاقة ذلك بإنشاء الجدار الإسمنتي، أجاب عليوي: "بالنظر إلى التنسيق والدعم التركي للتكتل الجديد، فإنه من الطبيعي أن تتحول نقاط المراقبة إلى أهداف لهيئة تحرير الشام فور بدء الاشتباكات معها، لأن الأخيرة ستعتبر تركيا عدوا".

وعلى النقيض مما ذهب إليه عليوي، رفض الخبير بالشأن التركي ناصر تركماني، اعتبار أن من بين أهداف إنشاء الجدار حول نقاط المراقبة، حمايتها من هجمات هيئة تحرير الشام، معتبرا أن سيناريو التصعيد العسكري ما بين تركيا والمعارضة من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أمر غير وارد على الإطلاق.

وقال تركماني إن كل المعطيات تؤكد أن الهيئة ستعلن عن حل نفسها بنفسها، ومنذ البداية حرصت تركيا على عدم خوض نزاع مسلح ضد الفصائل السورية، ولا زالت هذه سياستها، واستدرك "لا دلائل على تحقق هذا السيناريو بالمطلق، والحديث عنه لا يتردد في أروقة صنع القرار التركي".

وبالعودة إلى أهداف تركيا، أشار تركماني إلى خشية أنقرة من احتمال قيام النظام السوري مدعوما بإيران بالهجوم على الشمال السوري، مشيرا في هذا السياق إلى قرع النظام وإيران لطبول الحرب على إدلب، بعكس الرغبة الروسية.

وبالتوازي مع ذلك، لفت تركماني إلى وجود مليشيات شيعية غير منضبطة، معتبرا أن تعرض نقاط المراقبة لهجمات من هذه المليشيات، من شأنه توتير الأجواء ما بين تركيا وروسيا، ولا مصلحة لأحد بذلك.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أعلن الجيش التركي أنه بدأ بإقامة نقاط مراقبة بإدلب، في إطار اتفاق أبرم في أيلول/سبتمبر من العام ذاته مع روسيا وإيران في أستانا عاصمة كازاخستان، وصولا إلى نشر 12 نقطة مراقبة في إدلب ومحيطها.

في السياق، يرى الباحث في مركز عمران الإستراتيجي ساشا العلو، إن الوضع في إدلب سيبقى مرهونا لتوافقات دولية وإقليمية مع أخذ الوضع الإنساني والجغرافي والفصائلي لإدلب بعين الاعتبار، بحسب تقرير بموقع "الجزيرة نت".

وأشار إلى إمكانية فرض تسوية جديدة مختلفة تماما عن المناطق السورية السابقة لا تخرج عن البوصلة الروسية في النهاية، بحيث يضبط فيها وضع الفصائل والسلاح والمعابر والطرق الدولية والمؤسسات.

وأوضح العلو أن جميع السيناريوهات لا تزال مطروحة لأن السياسات الإقليمية والدولية تجاه الملف السوري أصبحت خاضعة للصفقات، وأنه لا يمكن انطلاقا من ذلك التنبؤ بمواقف الدول المعلنة، حيث لم تلتزم جميع الدول إزاء الملف السوري بنهج ثابت أو بخطوطها الحمر، حسب قوله.

ولم يستبعد الباحث السوري أن تتولى تركيا مسؤولية ضبط المنطقة بفصائلها وسلاحها وفق تركيبة جديدة بالتنسيق مع الروس، وبشكل يجنب المحافظة كارثة إنسانية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!