ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس

وضح من القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برفع رسوم الألمنيوم على تركيا إلى 20% ورسوم الصلب إلى 50% والذي جاء أثناء عرض وزير الخزانة والمالية التركي لخطة بلاده الاقتصادية أن الولايات المتحدة الامريكية ماضية في حرب العملة التركية بلا هوادة راغبة في كسر الإرادة التركية التي تسعى إلى الخروج من تحت الوصاية الأمريكية، قيل إن خروج وزيري الخارجية والدفاع التركيين من الاجتماع بنظرائهم الأمريكيين رفضا للشروط الأمريكية المجحفة أثر كثيرا على اتخاذ ترمب لهذا القرار.

أثناء خطاب الرئيس أردوغان في ولاية بايبورت انخفض سعر الليرة التركية بشكل رهيب ليصل إلى 6.70 مقابل الدولار الواحد ورغم محاولات وزارة المالية التركية إنقاذ ما يمكن إنقاذه لمساندة الليرة إلا أنها لم تأت بالمأمول منها، وإن كانت خففت من وطأة الضربات التي لا يمكن أن تكون إلا مخططة بدقة وبعناية من خلال دخول المضاربين الأجانب لجني الأرباح السريعة على حساب الاقتصاد النامي، مع انسحاب مدروس لرؤوس الأموال الأجنبية من السوق التركية والذي تبعه بشكل غريزي انسحاب رؤوس الأموال غير المؤدلجة والتي دائما ما تتصف بالجبن.

القرارات الاقتصادية التركية التي تتخذ من قبل الوزارة المعنية، وحتى نكون صادقين مع أنفسنا، لن تحل الأزمة في حرب لا يمكن أن نصفها إلا بأنها غير متكافئة، إلا أنها في نفس الوقت تخفف من وطأة  تلك الضربات، إن القرارات الأمريكية وإن كان ظاهرها اقتصادي لكن أهدافها سياسية بشكل كبير، وهو ما فطن له الرئيس التركي فبعد لحظات من القرارات الأمريكية بزيادة رسوم الصلب والألمنيوم على تركيا واللذان يعانيان بالأساس منذ بداية العام بسبب الممارسات الأمريكية، رد الرئيس التركي باتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فبحسب الكرملين فإن الرئيس فلاديمير بوتين ناقش العلاقات الاقتصادية والتجارية في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ساعين إلى تدشين مشاريع استراتيجية مشتركة بين البلدين، وخصوصا في مجال الطاقة.

والحديث عن الطاقة هنا يعني بالنتيجة محاولة تركية من التخفيف من ضغط الدولار على المنتج الرئيس الذي يستنزف العملة الصعبة في تركيا وعلى رأسها الدولار.

يجمع بين تركيا وروسيا عقوبات مفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يدفعهم إلى التعاون للخروج من تحت هذا الصلف الأمريكي، لكن المتأثرين من الصلف الأمريكي كثر ورقعة البطش الاقتصادي الأمريكية تتسع لتشمل العديد من الدول، وهو ما يجعل من وجوب توحيد الجهود للخروج من عباءة الدولار الأمريكي ومؤسساتها الدولية الخادمة  كالبنك الدولي أصبح واجب الوقت للدول النامية والدول الفقيرة التي تزداد فقرا بارتباطها بهذا الغول الذي يأكل خيرات العالم تحت شرعية اتفاق بريتون وودز.

سعي روسيا مع الصين والبرازيل والهند وجنوب افريقيا إلى ذلك من خلال تجمع (بركس) خطوة مهمة في سبيل الخروج من الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، بتدشين بنك بآليات يبعد بالدول المشاركة عن تلك الهيمنة التي فرضتها الولايات المتحدة من خلال قواعد اقتصادية تنفذها أدوات دولية تمكنها من السيطرة على العالم.

تركيا التي تترأس منظمة التعاون الإسلامي يجب أن تسعى لتجمع اقتصادي كبير يخرج أعضائها من الوصاية الأمريكية، الفكرة ليست جديدة فلقد بدأها المرحوم نجم الدين أربكان وقت أن كان رئيسا لوزراء تركيا، لكن الحاجة الآن أكثر إلحاحا في ظل هيمنة راعي البقر على مقدرات العالم.    

عن الكاتب

ياسر عبد العزيز

كاتب وباحث سياسي ومدير مركز دعم اتخاذ القرار في حزب الوسط المصري سابقا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس