عادل دشيله - خاص ترك برس

لم يكن مستغربا موقف دولة قطر يوم أمس حينما أعلن أميرها الشاب تميم بن حمد آل ثاني أن دولة قطر ستستثمر 15 مليون دولار أمريكي بصورة مباشرة في تركيا المسلمة. تعرف قطر أن استهداف الاقتصاد التركي هو استهداف للأمة الإسلامية. لذلك، سارعت لتقول لن نقف مكفوفي الأيدي، ولن نترك أشقاءنا وحلفاءنا الأتراك لوحدهم يواجهون سياسة الهمجي ترامب واليمين المتطرف في البيت الأبيض. سنقف مع تركيا المسلمة بكل ما أوتينا من قوة. هذا الموقف الأخوي الصادق يجعلك تشعر أن الأمة الإسلامية لا زالت بخير.

يعرف الكل أن تركيا تخوض معركة شرسة مع قوى الشر الصليبية وحتما ستنتصر في نهاية المطاف. هناك من يقول من هي تركيا أمام أمريكا، نقول لأولئك، الظلم عواقبه وخيمة والغطرسة مصيرها إلى الجحيم. فقد سقطت كبرياء هتلر وانتهى الاتحاد السوفيتي ولنا من دروس التاريخ عبرة. يقود ترامب أمريكا القوية للتفكك بسبب سياساته الطائشة. فقد أصبح أعداء أمريكا أكثر من حلفائها. كما نقول لمن يشمت بتركيا المسلمة ابحثوا عن تاريخ تركيا المسلمة وستجدون من هي تركيا المسلمة، بل وستعرفون مواقفها الشريفة والمخلصة تجاه قضايا المسلمين في شتى بقاع المعمورة. واجهت تركيا الإنجليز، والبرتغاليين، والفرنسيين، والروس، وواجهت الصليبيين في البلقان، وحافظت على الحرمين، ووقفت مع قطر الشقيقة حينما خذلها البعض. تقف تركيا اليوم في خندق الشعوب والمظلومين وتناصر القدس، وفلسطين، وتساعد المحتاجين في أفريقيا وباقي بلدان العالم الإسلامي. أصبحت تركيا بلدا قويا وله هيبته في وجدان كل مسلم غيور. ولذلك، لم ولن تتخلى قطر عن شريكها وحليفها القوي "تركيا المسلمة".

تكن قطر كل الحب والتقدير لحكومة وشعب تركيا ولن تنسى قطر الموقف النبيل، والمشرف، والأخوي والصادق لتركيا المسلمة تجاه قطر العام الماضي حينما واجهت حصارا ظالما من أبناء جلدتها وجيرانها. لم تنسى قطر الجسر الجوي الذي أقامته تركيا لتزويد قطر بكل الاحتياجات حينما حوصر شعبها الشقيق. سارعت تركيا وقال رئيسها الشجاع السيد رجب طيب أردوغان: "لن نترك قطر وحدها." بل وسارع البرلمان التركي للتصديق على اتفاقية الدفاع المشترك بين قطر وتركيا، وقامت تركيا بإرسال قوات تركية فورا إلى قطر. كان لهذا الموقف الحاسم والمشرف لحكومة تركيا أثر بالغ لدى شعب قطر الشقيق وأميرهم الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ها هو أمير قطر اليوم يقول لمن يشمت بتركيا: "لن نترك تركيا  اليوم وحدها." إنه موقف تاريخي، وأخلاقي، وأخوي نبيل يدل على نُبل حكام دولة قطر! فما أشبه اليوم بالبارحة! هذا الموقف المشرف سيزيد من حب الشعوب المقهورة لدولة قطر، وسيزيد من شعبيتها في بلدان العالم العربي وفي تركيا المسلمة بوجه خاص. بكل تأكيد سيقدر الأتراك هذا الموقف النبيل للقطريين. 

ظنت أمريكا أن تركيا ستنحني وستفرج عن القس الأمريكي برانسون. لكن، تركيا لم تنحني للعاصفة ولتغريدة ترامب المتهورة حين كان يشمت بالاقتصاد التركي مغردا "الليرة التركية تنهار أمام دولارنا العظيم." لا يزال ذلك المهووس يهدد تركيا على لسان نائبه اليوم حين أكد: "من الأفضل لتركيا أن لا تختبر جدية ترامب". ألم يعرف ترامب وإدارته أن تركيا ستخرج منتصرة من الأزمة مثلما خرجت قطر منتصرة من الحصار الجائر الذي فرضه عليها جيرانها العام الماضي؟ وقد أكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة التركية أن بلاده ستخرج منتصرة من هذه الأزمة، وفعلا ستخرج منتصرة وقد رأينا التعاطف الإقليمي والدولي والإسلامي والشعبي مع تركيا المسلمة. حتى باكستان حليف أمريكا رفضت عنجهية ترامب وأكدت أنها تقف مع تركيا.

كان البعض يظن أن قطر ستتخلى عن حليفها الاستراتيجي والصادق. لكن، نواياهم وتوقعاتهم صدمت بزيارة أمير قطر يوم أمس إلى تركيا وتأكيده وقوف بلاده إلى جانب تركيا في هذه المحنة. خلال ساعات بعد إعلان أمير قطر أن بلاده ستستثمر 15 مليار دولار بطريقة مباشرة في تركيا تحسنت الليرة بشكل ملحوظ. حيث أكدت وكالة الأناضول "إن الدولار الأمريكي انخفض بنسبة 6% تقريبًا أمام الليرة التركية ليصل إلى 5.8580 ليرة بعد ساعات قليلة على إعلان قطر ضخ استثمارات مباشرة في السوق التركي." أما السفير القطري لدى تركيا سالم بن مبارك آل شافي، فقد أكد "إن تركيا "حليف استراتيجي" لنا، و"لن تتردد في تقديم الدعم اللازم للجمهورية التركية." حفظ الله شعوب العالم الإسلامي من كل شر ومكروه.

عن الكاتب

عادل دشيله

كاتب وباحث يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس