ترك برس

تناول مقال للكاتب أندريه كينياكين، في صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، "اللعبة التي قد يلعبها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الأرض الألمانية، فيما يحاول الألمان أن يستفيدوا من لعبه".

وأشار الكاتب إلى تركيز العديد من وسائل الإعلام الألمانية على زيارة أردوغان المرتقبة إلى البلاد. وتحدث مكتب رئيس ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير (صاحب المبادرة إلى دعوة نظيره التركي) عن حفل استقبال خاص للرئيس التركي (28-29 سبتمبر) مع استعراض "حرس الشرف".

ويرى كينياكين، وفق وكالة "RT"، أن السبب في ذلك بسيط ، ففي الوقت الراهن تحتاج ألمانيا إلى تركيا وإلى أردوغان لحل عدد من القضايا المهمة. إحداها، المشكلة حول لاعب كرة القدم الألماني التركي الأصل مسعود أوزيل.

وأوضح أن المشكلة حول أوزيل، أثبتت مرة أخرى فشل سياسة التعددية الثقافية واندماج الأجانب في ألمانيا، وأثارت جولة جديدة من التوتر في العلاقات الألمانية التركية.

وبالتالي، سيتم استغلال زيارة أردوغان القادمة للانتهاء من موضوع أوزيل. بالنسبة للسلطات الألمانية، التي اعترفت بأن ما جرى سوء فهم مؤسف، في غاية الأهمية أن لا يتطور هذا الموضوع في بلد يبلغ عدد مواطنيه الأتراك حوالي 3 ملايين من الذين مسألة التكامل بالنسبة لهم حساسة جدا.

وتابع: أخيراً وليس آخراً، يرتبط ذلك بالانتخابات الإقليمية المقبلة في ألمانيا، والتي يمكن أن تعيد رسم المشهد السياسي. فـ"الائتلاف الكبير" الحاكم، وفقا لاستطلاعات الرأي، يفقد شعبيته بسرعة.

مثل هذا التطور للأحداث، لا يمكن إلا أن يجبر الديمقراطيين الاجتماعيين على اتخاذ خطوات غير قياسية، مثل محاولة لعب "الورقة التركية" في الانتخابات المقبلة، وزيادة الدعم الانتخابي باستخدام أردوغان كزعيم أمام الرأي العام.

إنما المثير للفضول مدى استعداد أردوغان نفسه للعب دور "الشخص المفيد". فلعله يريد أن يلعب لعبته الخاصة في الميدان الألماني. في هذه الحالة، ستدخل العلاقات الألمانية التركية مرة أخرى في طريق مسدود، وسوف يتحول أردوغان مرة أخرى من "جيد" حاليا إلى "سيئ" دائمًا.

في السياق، تناول تقرير في إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، وقوف السياسيين الألمان إلى جانب تركيا على خلفية الحرب الاقتصادية التي أعلنتها الإدارة الأمريكية بسبب قضية قس وضعه القضاء التركي تحت الاقامة الجبرية بتهم تتعلق بالإرهاب والتجسس.

وكان وزير الخارجية الألمانية السابق زيغمار غابرييل الذي انتقد في حوار له مع "شبكة التحرير الصحفي في ألمانيا" بشكل صريح سياسة الولايات المتحدة تجاه تركيا، وقال: "علينا فعل كل ما بوسعنا للإبقاء على تركيا في الحلف الغربي" معللاً ذلك بأخطار سياسية وأمنية جسيمة قد تواجه ألمانيا وأوروبا إذا استمر الضغط على تركيا وأدى إلى انعزالها.

وتساءلت الإذاعة الألمانية "هل تعكس تصريحات غابرييل المزاج العام في ألمانيا؟ وهل يمكن لبرلين فعلاً أن تلعب دور المنقذ في الأزمة الحالية التي تمر بها أنقرة؟".

وأضافت: في تصريحاته أكد غابرييل على أن طريقة تعامل واشنطن مع أنقرة لا تليق بعضو في حلف الناتو. تصريحات غابرييل تعكس في الحقيقة جزءاً مهماً من مخاوف ألمانيا أمام أزمة العملة التي تمر بها تركيا اليوم.

فتركيا ليست فقط عضواً في حلف الناتو، بل العضو ذو ثاني أكبر جيش في الحلف. سياسة أنقرة اتسمت إضافة إلى ذلك بعدم الوضوح تجاه الغرب خلال السنوات الأخيرة، وظل أردوغان يلوح باحتمال تقربه من روسيا كلما ساءت الأحوال بينه وبين حلفائه الغربيين.

الصحفي الألماني ومراسل صحيفة دي تسايت، ميشائيل تومان، أشار إلى ذلك وتحديداً إلى رغبة تركيا بشراء أنظمة الدفاع الجوي S-400  من روسيا، مذكراً بتلميحات سابقة للرئيس التركي تشير إلى أن تركيا قادرة على العثور على حلفاء جدد، واعتبر تومان أن "هذه هي المخاوف التي تحرك برلين اليوم".

أهمية تركيا بالنسبة لأوروبا تكمن أيضاً في موقعها الجيوسياسي بين الشرق الأوسط المأزوم وأوروبا التي تصارع لضمان استقرارها وتماسكها أمام تحديات أزمة اللاجئين القادمين في كثير من الأحيان من الشرق الأوسط.

تومان أشار إلى أهمية استقرار الأوضاع في تركيا مؤكدا على أن "ما يشغل بال الحكومة الألمانية هو اتفاق الهجرة المبرم مع تركيا، ومدى التزامها بهذا الاتفاق في ظل الظروف الراهنة".

على كل حال، برلين على موعد مع زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان يومي 28 و29 من الشهر القادم. موعد سيعطي إشارات مهمة حول قدرة الطرفين على تجاوز البرود المخيم على العلاقات منذ أكثر من عام، وقد يعطي إجابة أولية حول ماهية أي مساعدة ألمانية للحليف التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!