ترك برس

وأشار تقرير لجريدة "هسبريس" المغربية، إلى أن عاصفة من المسلسلات التركية المدبلجة غزت قنوات القطب العمومي في البلاد، "ولا يبدو أنّ لها نهاية تلوح في الأفق، ما دامت تتربع على عرش أكثر البرامج متابعة عبر مختلف القنوات المغربية".

وأوضح التقرير أن هذا التفوق الذي تجنيه الإنتاجات التركية المدبلجة على حساب باقي الإنتاجات الأخرى، ومن ضمنها المغربية، تقابله انتقادات كبيرة بسبب "استهدافها الهوية المغربية".

ومن بين المسلسلات التركية الأكثر مشاهدة في المغرب "ماتنسانيش" و"زمن الغدر" و"ثمن الحب" و"لن أتخلى أبدا" و"حب أعمى" و"سامحيني".

ووفقًا للتقرير، فإنه بالرغم من طول مسلسل "سامحيني" الذي بلغ عدد حلقاته ما يزيد عن 1480 حلقة، إلا أنّه مازال يتصدر نسب المشاهدة في التلفزة المغربية؛ إذ تابعه ما يقارب 5 ملايين مشاهد، حسب آخر إحصاءات صادرة عن مؤسسة "ماروك ميتري" لقياس نسب المشاهدة.

ويتصدر مسلسل "سامحيني" قائمة البرامج المغربية الأكثر مشاهدة منذ انقضاء شهر رمضان الماضي، واستطاع يوم الثلاثاء 17 يوليوز الجاري استقطاب 4.8 ملايين مشاهد، متبوعا بالمسلسل التركي الآخر "حب أعمى"، الذي بلغ عدد متابعيه في حلقة يوم الاثنين 16 يوليوز الجاري ما يفوق 4 ملايين مشاهد.

غزو المسلسلات التركية للمغرب فتح المجال أمام صناعة فنية جديدة في المغرب يطلق عليها "الدوبلاج"، منحت فنانين وإعلاميين فرص عمل وإن كانت بأثمنة زهيدة.

زكرياء أقشور، واحد من الشباب الذين احترفوا هذه المهنة منذ ثماني سنوات، ذاع صيته بعد أدائه لأصوات شخصيات عدة من بينها "كمال"، بطل مسلسل "سامحيني".

ويقول أقشور: "الدبلجة مجال يعتمد على نبرة الصوت بشكل خاص، وهي ملكة فطرية يجب صقلها بالتكوين الأكاديمي"، مضيفا: "فكرة التعاطي للدبلجة لم تكن وليدة اللحظة، أعجبت بشخصيات المسلسلات الدرامية السورية وكنت أقلد أصوات الرسوم المتحركة".

وتابع: "واصلت مساري الدراسي بالحصول على الإجازة في الأدب العربي والإجازة المهنية في مجال الصحافة ومهن الإذاعة والتلفزيون".

وكشف أقشور أنّ مبلغ دبلجة الحوار الواحد تتراوح بين 8 و10 دراهم، وعلق على ذلك: "صحيح أن المقابل المادي لا بأس به، لكن المجال علمنا الصبر والجدية.

وأكيد أنّ حوارات الشخصيات الرئيسية يمكن أن تمنح صاحبها مقابلا ماديا محترما في مجموع الحلقات، وحسن التواصل والالتزام مع الشركات المحترفة يضمن لك الاستمرارية في هذا المجال".

وتابع المتحدث نفسه في تعليقه على تغيير نبرة الصوت من شخصية إلى أخرى: "هذه الموهبة ليست في متناول الجميع، والدوبلاج يتطلب الموهبة وتقنيات كبيرة لتقمص الشخصية التي يريد أن يقدّمها الممثل، وتطابقها مع الصوت ونص الحوار المدبلج".

في المقابل، كشفت مصادر من داخل القناة الثانية أنّ ثمن اقتناء الإنتاجات التركية يرتفع حسب شهرة العمل وسمعة الممثلين الذين يجسدون أدوار المسلسل، وتتراوح تكلفة الاقتناء بين 20 و40 ألف درهم للحلقة الواحدة.

يرى الناقد الفنّي محمد الطالب أنّ علاقة المشاهد المغربي بالأعمال الدرامية المدبلجة ليست وليدة اليوم؛ فـ"الذاكرة تحتفظ لنا بالعديد من الأعمال من هذا النوع التي اعتاد عليها المتفرِج المغربي، من بينها المسلسلات المكسيكية والبرازيلية التي تبْتعد عن بيئة المغاربة الثقافية والاجتماعية والقيمية، فضلاَ عن تركيزها على الشخصيات والصراعات والأحداث الدرامية نفسها، وإنْ كان ما ترجم إلى الفرنسية أفضل مما ترجم إلى اللغة العربية".

وقال الناقد المغربي إنّ "نجاح الدراما التركية في المغرب يرجع إلى اختيار الدبلجة المغربية التي قربت المشاهد من عوالم هذه الدراما ومكنّته من تتبعها بسهولة، وإن كانت أحياناً غير موفقة؛ إذ يبدو لك وكأن قصة أخرى مغربية ركبت على قصة تركية، ممّا يفقدها مصداقيتها"، معتبرا أن "القنوات ترتكب جرما في حق هذه المسلسلات بمنحها لغة ولهجة مختلفتين".

ومن بين أسباب نجاح هذه المسلسلات، ذكر المتحدث ذاته "الحبكة الدرامية السلسة دون مطلب الغوص في الشخوص لفهم القصة، بالإضافة إلى القاسم الديني والثقافي بين المغرب وتركيا الذي يجعل هذه الدراما أقرب إلى المشاهد المغربي".

في مقابل ذلك، يرى محمد الطالب أنّه "رغم القواسم المشتركة بين المجتمع المغربي والتركي من حيث الأعراف والتقاليد وقدسية الشرف والمشاكل الاجتماعية، إلا أنّ بعض المشاهد قد تشكل صدمة ثقافية لدى المتلقي، لأنّ المجتمع التركي أكثر انفتاحا من المجتمع المغربي، وبالتالي يمكن أن تستهدف الهوية المغربية".

وأورد الطالب أنّ "الدراما المغربية تعيش اليوم تحسنا كبيرا من حيث الحبكة الدرامية وتعرف متابعة مهمة من طرف الجمهور المغربي".

واستدل على ذلك بالإنتاجات الدرامية الرمضانية لهذه السنة، لكن "ما يجعل القنوات المغربية تقبل على الدراما التركية أكثر من الإنتاج الوطني هو تكلفة العمل المحلي الباهظة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!