ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس

حكي لي أحد المقربين من الرئيس أردوغان، والمرافق له في أغلب جولاته وسفراته، أن الرجل لا يكل من العمل وضرب لي مثلا أنه في زياراته للولايات التركية، والتي لا تتوقف، يرسم خط سير الزيارة مع خط سير مقابلات يتخللها، فيجري ثلاثة أو أربعة لقاءات حتى الوصول لمكان الاجتماع الرئيسي الذي يقصده ويتفقد خلال تلك المقابلات أوضاع الناس ويستمع لشكاواهم، وهو في ذلك خبير، ليقف على مفاتيح الحلول مع المختصين خلال مسيره.

وخلال الفترة الأخيرة ومنذ أن أعلن عن الانتخابات المبكرة والتي جاءت بعد أشهر من تعديل الدستور، والذي بذل لإقناع الشعب به للتصويت بنعم، جهدا كبيرا، ليبدأ جولة أخرى من الجهد الجبار المتمثل في المؤتمرات الجماهيرية والزيارات اليومية والسفر إلى الولايات بالإضافة إلى عمله اليومي الروتيني في رئاسة الجمهورية، ليخرج من هذا السباق إلى سباق الانتخابات وما سبقه من ترتيب قوائم الحزب الذي يرأسه ليضمن نسبة مريحة تسانده في البرلمان لقيادة دفة وطنه بالشكل الذي رسمه وقيادات حزبه ومستشاريه لتكون تركيا أكثر قوة وتقدما، وهو ما أثر بشكل كبير على صحة الرئيس وقد ظهر ذلك في فقدان الرجل الكثير من وزنه خلال الفترة الأخيرة.

وعلى الضفة الأخرى من المتوسط وفي أحد اللقاءات مع الشباب، الذين هم أمل ذلك البلد وأداة نموه ونهضته، قال رأس النظام لمواطنيه: نحن فقراء جدا، نحن نقترض لكي نأكل، والله العظيم أنا لو ينفع أتباع... أتباع... علشان مصر.

والغريب أن السيسي الذي ظهر عليه الثراء بشكل فاحش هو وزوجته، يبشر الشعب بالفقر بدلا من التنمية والنهضة، فالرجل الذي دعم نقديا، منذ الانقلاب، بما يقارب الثلاثين مليار دولار من السعودية والإمارات والكويت وعمان، دعما ماديا من خلال صفقات النفط والغاز التي كانت تصل له من السعودية والامارات أو تشترى لحسابه من الجزائر والعراق والتي قدرت بــ 700 مليون دولار شهريا، بالإضافة إلى نهب وديعة حرب الخليج من البنك المركزي والمقدرة بــ  9 مليار دولار، ونهب فوارق سعر المشتقات النفطية بعد رفع الأسعار على الشعب والتي تتزايد من وقت لأخر بعد رفع الدعم بنسب منذ الانقلاب بالإضافة إلى نهب 10مليار دولار من احتياطي البنك المركزي والذي تودع فيه قروض البنك الدولي، الذي لا يعلم حتى الآن أين تصرف؟

في المقابل لم يقدم برنامجا ولا مشروعا يعود بالنفع على هذا الوطن الفقير، وكل ما يعلن عنه من مشاريع إنما هي مشاريع تصب في مصلحته وعصابته من كبار الضباط الحاليين أو المتقاعدين أو من تربطهم بهم مصالح في دائرة قد تكبر بعض الشيء لكنها في النهاية تصب في مصلحة الدول الداعمة. 

فقناة السويس الجديدة والتي أثبتت فشلها، والعاصمة الإدارية الجديدة ، وتضم قائمة المشاريع التي قام بها النظام، بحسب ما يروج، استصلاح 4 ملايين فدان، إنشاء 22 مدينة صناعية جديدة، و26 مدينة ومركزا سياحيا، و8 مطارات هذه المشاريع التي يفوح منها رائحة الفساد أسند جلها إلى القوات المسلحة بهدف صب المزيد من المليارات في خزائن الفاسدين في عصابة سطت على البلد، فالرجل الذي مات ضميره لم يعد شيئا يهدده بعد أن اعتاد سفك الدماء وأمن العقاب، بعد أن ولى قضاة جور، ولم يعد شيء يؤرقه بعد أن أستطاع أن يدجن كل الأجهزة الرقابية، بل ووضع على رأس هرمها أشباهه الغارقين في مستنقع الفساد، لينعم بحياة هادئة تملؤها الرفاهية والترف فالرجل وأولاده وزوجته وحتى عائلته ظهر عليهم الثراء والحياة الرغدة وعرفوا طريق حياة القصور وما بها من متع، وهو ما ظهر أثره على رأس النظام الذي زاد وزنه بشكل ملفت من أثر الثراء وراحة البال، فلا لفقر الشعب انشغل ولا لقهر المظلوم انفطر ولا لحاجة المحتاج انتبه ولا لآخرته انتبه والتهى بمتاع الدنيا وضل في غيه من كأس التلاهي يشرب ... وفي صحتك ياريس.

عن الكاتب

ياسر عبد العزيز

كاتب وباحث سياسي ومدير مركز دعم اتخاذ القرار في حزب الوسط المصري سابقا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس