ترك برس

نشرت وسائل إعلام تركية، الجمعة، صورًا لآليات عسكرية للجيش التركي وصلت إلى قضاء "ريحانلي" بولاية هطاي جنوبي البلاد في إطار تعزيز الوحدات الموجودة على حدود محافظة إدلب السورية.

وذكرت وكالة الأناضول الرسمية أن التعزيزات التي وصلت الشريط الحدودي عند قضاء ريحانلي، تضم عناصر من القوات الخاصة وناقلات جند مدرعة ودبابات، معززة بمدافع "أوبس" التركية بعيدة المدى.

يأتي ذلك بعد أيام من إعلان الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحفي بمنتجع سوتشي، التوصل إلى اتفاق لإقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق النظام والمعارضة في إدلب.

ويعد الاتفاق ثمرة جهود تركية دؤوبة ومخلصة، للحيلولة دون تنفيذ النظام السوري وداعميه هجومًا عسكريًا على إدلب؛ آخر معاقل المعارضة، حيث يقيم نحو 4 ملايين مدني، بينهم مئات الآلاف من النازحين.

ومن أبرز النقاط التي شملها الاتفاق إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 الى 20 كلم بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في إدلب، وسحب سلاح مختلف الأطراف داخل هذه المنطقة بحلول العاشر من أكتوبر القادم، والتخلص من جميع الجماعات الإرهابية من المنطقة المعزولة السلاح بحلول 15 أكتوبر القادم.

كما يتضمن الاتفاق فتح طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب – اللاذقية) وإم 5 (حلب – حماة) بحلول نهاية عام 2018. ويؤكّد الجانبان مجدداً وفق الاتفاق على عزمهما مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره.

ويقول الباحث في العلاقات الدولية، علي حسين باكير، إنّه تمّ بفضل الاتفاق تجنيب ملايين المدنيين في إدلب مصيراً مأساوياً، لكن الحفاظ على هذا الأمر لن يكون سهلاً، خاصّة انّ الاتفاق يضع موقف بعض الجماعات المصنّفة إرهابية في إدلب تحت الاختبار أيضاً.

واعتبر باكير، في مقال بصحيفة القبس الكويتية، أنه في حال رفضت تلك الجماعات تسليم أسلحتها أو الانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح بحلول العاشر والخامس عشر من الشهر القادم، فستكون قد جعلت من نفسها هدفاً مشروعاً لكل من تركيا وروسيا.

كما ستكون هذه الجماعات قد قوّضت من فعالية الموقف التركي أيضاً في مواجهة مطالب روسيا وإيران ونظام الأسد باستخدام القوّة العسكرية للسيطرة على إدلب، وهو السيناريو الذي يأمل الجانب التركي في أن يتفادى حصوله في ذلك الوقت.

بدوره توقع القيادي في الجبهة الوطنية للتحرير، عمر حذيفة، في حديث مع موقع "الجزيرة نت"، أن يستمر النظام السوري بشن غارات محدودة على مناطق المعارضة في المرحلة الأولى من تنفيذ اتفاق سوتشي.

وتوقع حذيفة أن يميل الوضع الميداني إلى الهدوء أكثر في مرحلة لاحقة حتى تصل المنطقة إلى تنفيذ وقف كامل لإطلاق النار لتبدأ مرحلة جديدة في حياة الناس من كلا الطرفين.

وقال إن اتفاق سوتشي لم يكن هو الأمل المرجو للشعب السوري الحر الذي بذل تضحيات كبيرة خلال الثورة السورية لكنه أفضل الممكن في هذه المرحلة أمام التخاذل الدولي والتقاعس العربي، حسب وصفه.

وأشاد القيادي بالمعارضة السورية المسلحة بالدعم الثابت والقوي من الجانب التركي "الذي ساعد مع توحد فصائل المعارضة واستعدادها للمواجهة مع قوات النظام على الحفاظ على المناطق المحررة".

من جانبه، قال الباحث في مركز عمران للدراسات، عمار القحف، إن تركيا تملك بشكل عام القدرة على تنفيذ بنود الاتفاق من طرفها أكثر من الروس الذين تقف أمامهم تحديات أكبر تتعلق بالقدرة على ضبط عناصر النظام السوري أو المليشيات الداعمة له التي ترتبط بجهات مختلفة.

وتوقع أن تحاول إيران تعطيل تنفيذه رغم التصريحات السياسية المغايرة لذلك، لأن الاتفاق سيؤخر إضفاء الشرعية على النظام السوري الذي سيحاول الالتفاف على بنود الاتفاق دائما، على حد قوله.

وأضاف القحف أن نجاح الاتفاق يعتمد على مراحل تنفيذه التي ستكون صعبة جدا بالنظر إلى مدى قدرة أطرافه على التعامل مع الجهات المختلفة الرافضة له، وعلى تأسيس منظومة حكم محلي في إدلب تتوافق مع التفاهمات الدولية أو على الأقل لا تتناقض معها.

وحول مستقبل المنطقة في المدى البعيد رأى الباحث السوري أن الجانب التركي تلقى تفويضا بإدارة المنطقة من الجانبين الأمني والعسكري لكنه تساءل عن الجانب الإداري والحوكمي.

وقال إنه ثمة نماذج كثيرة يمكن أن تطبق في إدلب منها نموذج درع الفرات أو نموذج آخر يعطي إدلب استقلالا إداريا بحيث ترتبط المحافظة مع النظام بمعزل عن الأمور الأمنية والعسكرية، ولم يستبعد تطبيق نموذج قبرص الشمالية في إدلب أيضا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!