ترك برس

ناقش برنامج تلفزيوني على قناة الجزيرة القطرية "السيناريوهات المحتملة لقضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول، بعد إعلان النائب العام التركي أن القتَلة السعوديين أذَابوا الجثة".

وفي وقت سابق، كشف مصدر بالادعاء العام التركي أن التحقيقات تفيد بأن جثة خاشقجي، الذي قتل قبل أكثر من شهر، تمت إذابتها بالكامل بواسطة أحماض كيميائية، بينما أكد مسؤول تركي أن بلاده لن تسمح بالتستر على الجريمة.

قال المصدر للجزيرة إن السعوديين الذين قاموا بتصفية خاشقجي داخل قنصلية المملكة في إسطنبول في الثاني من الشهر الماضي، تعاملوا مع جثة الضحية وأذَابوها بالأحماض داخل إحدى غرف منزل القنصل السعودي محمد العتيبي.

وأشار المصدر إلى أنه تم العثور على بقايا حمض "الهيدروفلوريك" ومواد كيميائية خاصة، بعد فحص عينات أخذت من بئر ببيت القنصل ومن قنوات الصرف الصحي في المنطقة.

وتساءلت الجزيرة أنه بعد إعلان النائب العام التركي وقف عمليات البحث عن جثة الصحفي جمال خاشقجي الذي اغتيل بقنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لأن التحقيقات كشفت أن القتلة السعوديين أذابوا جثته بعد تقطيعها، إلى أين تتجه قضية اغتيال خاشقجي؟ هل تعني إذابة الجثة محو الأدلة ونجاة القتلة؟

ورأى أستاذ القانون الدولي في الجامعة التونسية عبد المجيد العبدلي، أنه وبإعلان النائب العام التركي مصير الجثة، فإن التحقيق يكون قد انتهى، وأنه يتعين على المحاكم التركية أن تبدأ عملها الآن بتوجيه الاتهامات للذي نفذ وخطط وقبل ذلك للذي أمر بارتكاب الجريمة.

وأشار العبدلي إلى أن "القاتل معروف"، فالسعودية وعلى لسان المدعي العام فيها اعترفت بأن الجريمة التي وقعت بالقنصلية السعودية جرى التخطيط مسبقا لها من الرياض، وأن القتلة جاؤوا من السعودية وقطعوا جثة الضحية بعد أن أجهزوا عليه.

https://www.youtube.com/watch?v=qg4X_zFrXnE

من جانبه قال الناشط والمحامي السعودي سلطان العبدلي، إنه لا حاجة بالأساس للتحقيق التركي، فالقاتل معروف والسعودية واصلت الكذب مرات عديدة منذ افتضاح الجريمة، وكانت تقدم الاعتراف تلو الآخر كلما ضاق الخناق عليها.

واعتبر أن النظام السعودي سيعترف بنهاية الأمر بأنه أذاب جثة خاشقجي والمتعاون المحلي الذي قالوا إنهم سلموا الجثة إليه في البداية.

وبالنسبة لسؤال من الذي أمر بالقتل، أكد الناشط العبدلي أن الجواب معروف، فلا يمكن لجريمة بهذه البشاعة أن ترتكب بالقنصلية دون أوامر عليا من أرفع الشخصيات في القصر بالرياض، مشيرا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي قال إنه يصدر الأحكام والأوامر للقضاة بالفاكسات.

وردا على زعم بن سلمان بأن الجريمة ارتكبت دون علمه، تساءل العبدلي ساخرا هل يمكن الإفراج عن الداعية سلمان العودة دون معرفة بن سلمان؟

أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن وليام لورانس فرأى أن التحقيق لم ينته، وأن الذي انتهى هو البحث عن الجثة، أما التحقيق فمستمر، حيث يجب على المحققين الأتراك والأميركيين الإجابة على أسئلة أخرى تتعلق بتحديد الشخص الذي أمر بالقتل.

وتحدث لورانس عن إمكانية تحرك دولي ضد السعودية من جانب تركيا لأن السعودية اخترقت معاهدة فيينا المتعلقة بالسفارات والمقار الدبلوماسية.

في حين أشار أستاذ القانون الدولي العبدلي إلى أهمية تحرك المنظمات الحقوقية والإنسانية للضغط على السعودية لأنها مارست "إرهاب الدولة" وارتكبت جريمة وحشية بحق الإنسانية.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن قبل نحو 3 أسابيع عن عثور المحققين على مواد سامة وكيماوية في بيت القنصل ومقر القنصلية وطرح تساؤلات عن مصير الجثة ليتحدث مكتب النائب العام عن العثور على عينات من هذه الأحماض داخل بئر بيت القنصل بالإضافة لشبكات الصرف الصحي المحيطة بالقنصلية.

وقال الناشط والمعارض السعودي عبد العزيز المؤيد، في حديث لصحيفة "عربي21"، إن النظام السعودي من حيث المبدأ "يرى أنه يمتلك الحق الشرعي والأخلاقي والقانوني في التخلص من كل من يعارضه وإنهاء أثره بأي طريقة كانت".

وأوضح المؤيد أن العديد من الحالات لمعارضين سبق أن أجهز عليها النظام السعودي وألصق بها تهم الإرهاب وما زال يمارس هذا الأسلوب داخل محاكمه مثل طلبات الإعدام للداعية سلمان العودة وغيره من المفكرين والشخصيات الوطنية في السعودية.

ورأى المؤيد أن "استخدام الأسيد في التخلص من جسد خاشقجي لم يكن الرسالة المقصود إرسالها للمعارضين فعملية الإخفاء هي الرسالة لكن الأسيد كان الهدف منه إخفاء آثار الجريمة بالمطلق ثم الانطلاق لاتهام تركيا بالمسؤولية عن اختفائه وعدم وجود أدلة على وجوده في القنصلية أو بيت القنصل لكن الأمور لم تأت كما اشتهى القتلة".

من جانبه قال المحلل السياسي عمر عياصرة إن ما قام به السعوديون بتذويب جثة خاشقجي "سلوك استخباراتي قديم ويشبه ما قيل إنه حدث مع المعارض المغربي مهدي بن بركة".

وأوضح عياصرة أن المخطط بات واضحا بالقتل وتذويب الجثة وعدم الاعتراف من جانب الرياض بالأمر لاتهام الأتراك بعد أيام من التنفيذ بالمسؤولية عن إخفاء الشخص وهذا الخيار ربما لجأوا إليه بعد دراسة عدة سيناريوهات للعملية.

وأضاف: "باعتقادي اللجوء للتذويب هو الأنسب لهكذا عملية لإخفاء الأدلة وترك مسرح الجريمة نظيفا دون أدلة والحديث عن وحشية الممارسة هي قضية خارج حسابات من نفذها لأنهم قتلة في النهاية والإنسانية لا مكان لها هنا".

لكنه في الوقت ذاته رأى أن السلطات التركية قد تتوقف عن البحث عن الجثة لكنها ربما تطرح أسئلة جديدة وهي: "أين رأس خاشقجي؟ وربما لدى الأتراك أدلة أخرى مخبأة يحضرون أسئلة لها لتطرح على الجانب السعودي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!