ياسين أكتاي - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

أصبح الذين لم يسموا ما وقع في مصر انقلاباً، وحاولوا تجميله بقولهم إنها إرادة الشعب، والذين يظنون أن الانقلاب سيعود عليهم بالفوائد الكبيرة في وضع لا يستطيعون معه الدفاع عن أفعال الجنرال السيسي قائد الانقلاب. حتى أن الذي قالوا إنّ مرسي الذي أصبح رئيساً نتيجة للانتخابات الأكثر عدلاً في تاريخ مصر لا يحتضن المعارضة ويحاول التفرد بالحكم تفهموا سريعاً قتل الانقلاب للآلاف من المتظاهرين السلميين. وهل هناك مالم يتفهموه؟

لم يتم اعتقال أو محاكمة أي صحفي في عهد مرسي الذي اتهموه بأنه لا يستمع للمعارضة وبالتالي فهو مستحق للانقلاب، أما السيسي الذي جاء باسم الديمقراطية فما لبث أن جاء حتى بدأ بإبعاد الصحفيين المعارضين أو زجهم في السجن أن إجبارهم على الرحيل من البلاد. وقد كانت هذه الأفعال تشمل أولاً إعلام الإخوان فقط أما الآن فهي تشمل كل من يتمرد على محاولة جعل الانقلاب مشروعاً. حيث بدأ بضرب كل فصائل التمرد كحركة 6 أبريل وحركة كفاية وبالطبع حركة الإخوان المسلمين بيد من حديد. وبدأ السيسي أيضاً بتجاهل الذين حرضوا بإصرار على التمرد ضد مرسي ليحل السيسي محله.

وقد بدأ الذين يرون بأن السيسي هو طريق الخلاص من الإخوان ومن الحركات الإسلامية الأخرى يحسون بأن بدائل الإخوان أصبحت تتجه للتشدد والعنف أكثر بسبب سياسة السيسي.

ويواجه السيسي الذي قام بالانقلاب وأتبعه بالمجزرة ووعد أنه سيضغط على المعارضة وسيجلب الدعم المادي من دول الخليج في فترة وجيزة حركة معارضة متنامية هذا إضافة إلى الاستقرار المفقود. وبالرغم من أنّ السلطات المصرية تمن المظاهرات في الشوارع الرئيسية إلا أنها تحدث كل يوم في كل أحياء وشوارع مصر.

ويظهر للعلن مع مرور الزمن أن السيسي ليس إلا أمير حرب ساع للحكم بأي ثمن وبلا أي مبدأ. وهو شخص لن يتورع عن إدخال بلده وشعبه في حرب داخلية لا نهاية لها في سبيل البقاء في الحكم.

ويتنبه الذين استثمروا في دعم السيسي إلى الوحش الذي دعموه. حيث أن مصر تتجه باستمرار إلى العنف، علماً أن العامل الأساسي في عدم وصول مصر إلى وضع يشبه الوضع السوري إلى الآن يعود إلى إصرار الإخوان والحركات الإسلامية الأخرى على التعامل مع الوضع وفقاً للدستور. بالرغم من ذلك يحاول السيسي شدّ الإخوان إلى استعمال العنف وإحداث الفوضى ليتسنى له استعمال العنف ضدهم.

حتى أنه قال في حديث سابق له عن الإخوان الذين اعتبرهم حركة إرهابية أنه سيتفهم حق الشعب في التسلّح ومحاربة أعدائهم من الإرهابيين. ولا يفهم ذلك على أنه دعوة خطيرة للحرب الأهلية. ولا يمكن أن يصدر هذا الكلام عن قائد دولة لا يعادي شعبه.

وقد ولّد هذا التصريح قلقاً لدى كل من سمعه في مصر. حيث يمكن بعد ذلك لكل شخص أن يعتدي على خصومه لأسباب شخصية ويستعمل محاربة الإرهاب حجة لذلك. وينتظر من تطور كهذا أن يؤدي بمصر وبدول أخرى كدول الخليج إلى فوضى اجتماعية عارمة.

وعند المقارنة فإن عدم صدور انتقادات من الغرب للسيسي حتى بالقدر الذي وُجِّه لمرسي يبدو أنه نتاج إحساس بالذنب من قبلهم. وسيضطر الغرب الذي دعم انقلاب السيسي واعترف به عاجلاً أو آجلاً إلى نقد ذاتي لتصرفه هذا. لأن الغرب الذي يحمل راية الديمقراطية ويحاول أن لا يتنازل عنها لغيره يجب عليه أن يلاحظ أنه يخاطر في كتابة اسمه مع هتلر العرب.

أما السعودية التي كانت المساند والمحرض الأكبر على الانقلاب فإنها أخذت مع الملك الجديد باتباع نهج جديد أقرب ما يكون إلى النهج اليميني. وقد بدأ الملك سلمان يُشعر الجميع منذ ساعته الأولى في الحكم بوجود مسافة بينه وبين السياسة السعودية السابقة تجاه مصر. حيث أنه عزل التويجري الذي يعتبر مسؤولاً في تلك الفترة عن كل الأحداث حتى قبل دفن الملك عبد الله. وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن الملك الجديد سيتبع سياسة تتسم بتغيير كبير تجاه مصر.

وأخيراً فقد قال الملك سلمان في الحديث الذي أدلى به مؤخراً لصحيفة الوطن**: " لقد لعبت المملكة السعودية دوراً لم أكن راض عنه في أي وقت. وقد ظلمنا العديد من الناس هناك، حيث قُتل الكثير من الأبرياء وزُجّ بالكثير أيضاً في السجون". وفي حين تحدث الملك سلمان عن أن المملكة السعودية يجب أن تبقى بمثابة الأخ الأكبر لكل الدول العربية والإسلامية، وعد أيضاً بتصحيح مسار سياسة المملكة العربية السعودية تجاه مصر ودول الربيع العربي الأخرى.

لقد تسببت المملكة العربية السعودية الداعمة للانقلابات ضد الثورات العربية بفقدان الكثير بالنسبة للسعودية وللعالم الإسلامي. أما الآن فإننا سعداء جداً بأن نرى حاكماً يتسم بالحكمة التي تسمح له بالتمييز بين النافع والضار فيما يخص بلده والعالم الإسلامي والعالم.


** لم يتمكن ترك برس من إيجاد التصريح في صحيفة الوطن السعودية

عن الكاتب

ياسين أقطاي

قيادي في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس