حمزة تكين - أخبار تركيا

في ظل الأجواء الساخنة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط منذ عقود، وخاصة مع اقتراب حدث ذي تأثير كبير وشامل على التطورات في سوريا وهو العملية العسكرية التي تستعد تركيا لشنها ضد تنظيم PYD/PKK الإرهابي شرقي الفرات، نسمع ونقرأ الكثير من المصطلحات الخاطئة والأفكار غير الصحيحة التي يرددها الكثير من العرب والأتراك والأكراد.

مصطلحات خاطئة وقع بفخها ليس فقط غير المتعلمين وغير المثقفين، بل حتى إن الكثير من السياسيين والإعلاميين والصحافيين يقعون بها عن طريق الخطأ ودون نية خبيثة مبيتة.

يجب أن نكون واضحين ودقيقين باستخدام مصطلحاتنا وتعبيراتنا وكلماتنا في هذه الفترة كي لا نقع بفخ الخبثاء الأعداء الذين لا يضمرون لأمتنا إلا كل شر وحقد وحسد وضغينة، فأي تعبير بصورة خاطئة سيؤدي لتعزيز العصبية النتنة وسيتسبب بمزيد من الخلافات والتباغض.

فعلى سبيل المثال، تركيا أمس واليوم لم ولن تقاتل الأكراد لا داخل حدودها ولا في سوريا ولا في العراق، بل إنها تقاتل تنظيمات إرهابية تتغطى بالشعب الكردي زورا وعدوانا.

كيف تفعل ذلك تركيا وبين جنودها من هم من الأكراد ويقاتلون تلك التنظيمات، كيف تفعل ذلك تركيا والكثير من مسؤوليها السياسيين والأمنيين والاستخباراتيين هم من الأكراد، كيف تفعل ذلك تركيا وهي اليوم تعيد تنمية وبناء المناطق التركية ذات الغالبية الكردية، كيف تفعل ذلك تركيا وهي تحاول إعادة المدنيين الأكراد إلى قراهم ومنازلهم في مناطق شرقي الفرات بعد أن هجرهم تنظيم PYD/PKK الإرهابي؟!

تركيا لا تحارب الأكراد بل تحارب التنظيمات الإرهابية صاحبة المشاريع التقسيمية التخريبية في المنطقة التي تسوق أطفال الأكراد وبالقوة إلى الجبال النائية لتجنيدهم عسكريا، التنظيمات الإرهابية التي تقتل النساء والرجال والشيوخ فقط لأنهم لا يؤيدون سياساتها.

مثال آخر، نحن اليوم كمسلمين مَنّ الله علينا ألا نكون في صفوف الغلاة المنحرفين، لا نؤيد تنظيم "داعش" الإرهابي بل نحاربه فكريا ودينيا وأمنيا وعسكريا، وهذا لا يعني أننا ضد الإسلام!

هل يكون من يحارب هذا التنظيم، ضد شرع الله وضد العرب فقط لأنه يحارب هذه الفئة الإرهابية التي اتخذت من الإسلام والعرب غطاءا وهي كاذبة؟! بالطبع لا!

مثال ثالث، من قام بالتعامل مع الأعداء وتنفيذ محاولة انقلابية فاشلة في تركيا في 15 تموز/يوليو 2016 وقتل وجرح الآلاف هم من الأتراك، وعندما شنت الحكومة التركية الشرعية حملة تطهير للبلاد من هذه الزمرة الخائنة، هل نقوم أنها ضد الأتراك لأن الانقلابيين من الأتراك؟!

بالطبع هذا قول غير منطقي، ونفس الأمر يُسقط على المثالين الأولين.

فلننتبه، العرب والأتراك والأكراد ليسوا ضد بعضهم البعض، ولنتيقن أن الخيانة عندما تعشعش في القلب لا تعرف عربيا أو تركيًا أو كرديا، فلننتبه لمصطلحاتنا وتعبيراتنا ومنشوراتنا وكتاباتنا كي لا نكون في صفوف من يغذي الفتنة ولو عن غير قصد، ولنسمي الأشياء بأنفسها، فمثلا تنظيم PYD/PKKالإرهابي ليس "قوات كردية" وليس "الأكراد"... بل هو تنظيم مسلح خارج عن القانون والأعراف والإنسانية.

لا تركيا تحارب الأكراد، ولا المسلمون يحاربون شرع الله، ولا الحكومة التركية تحارب شعبها، بل إن المتغطين بالقوميات والأديان والقوانين في سبيل تنفيذ مشاريع سوداوية يجب أن يلقوا عقابهم وحسابهم دون النظر لقومياتهم وانتماءاتهم.

هذه العصبية القومية البغيضة تسببت عبر التاريخ بانهيار أكبر الدول الإسلامية، هذه العصبية القومية البغيضة غذتها وتغذيها الكثير من القوى المعادية لمنطقتنا، وبعض هذه القوى تتحكم بالعديد من بلادنا زورا وظلما وتنشر الفتن والبغضاء والتنافر بين شعوبنا باستخدام إعلامها وسياسييها وأموالها ونفوذها، فالحذر من مشاركة هذه القوى في مشروعها الفتنوي التقسيمي التمزيقي.

قوى خبيثة تلعب على وتر القوميات والعصبيات فلا يجب أن نساعدها ولو عن غير قصد، يجب أن نكون متنبهين وواعين لحجم الخطر وبالتالي يجب أن نكون دقيقين بالمصطلحات والتعبير عند كلامنا وكتاباتنا.

أما من يتعمّد اللغط في تعبيره ومنشوراته وكتاباته وخاصة بعض الصحافيين والإعلاميين ووسائل الإعلام، فهم وبكل اختصار من الفئة الخبيثة العميلة الحاقدة على شعوب المنطقة ووحدتها وتعايشها المتناغم، وهنا لا يجب أن نكون فقط دقيقين باستخدام مصطلحاتنا بل يجب علينا أن نحارب أيضا هذه الفئة ونفضح نواياها القذرة تجاه منطقتنا وعمالتها السوداء لأعدائنا.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس