ترك برس

بعيدا عن حادثة قتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، وتأثيرها في العلاقات بين أنقرة والرياض، يبدو أن ثمة منافسة خفية تدور بين البلدين للفوز بقلوب وعقول مسلمي الهند الذين يبلغ عددهم 180 مليون نسمة، ويشكلون ثاني أكبر مجتمع إسلامي في العالم بعد إندونيسيا ودول جنوب آسيا.

ويقول جيمس دورسي، المحلل السياسي الأمريكي المختص بسياسات الشرق الأوسط، إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عندما أعلن أخيرا أن "تركيا الدولة الوحيدة القادرة على قيادة العالم الإسلامي"، فإنه لم يكن يعني فقط الدول الإسلامية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، مثل باكستان وبنغلاديش أو دول البلقان الصغيرة، بل كان يقصد مسلمي الهند.

ويضيف دورسي في مقال نشره موقع يوراسيا ريفيو، أن هناك أدلة متزايدة على أن مسلمي الهند هم على رادار الرئيس أردوغان، ولا سيما في سياق تنافس تركيا والسعودية على قيادة العالم الإسلامي، وهو التنافس الذي برز على السطح مع حادثة مقتل جمال خاشقجي، لكنه تنافس في مصلحة مسلمي الهند.

وأوضح أن اهتمام أردوغان بمسلمي الهند يتجاوز بكثير محاولاته لإقناع السلطات الهندية بإغلاق نحو تسع مدارس وكليات في بلادهم ترتبط بتنظيم فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الساقط في تموز/ يوليو 2016.

ويلفت إلى أن جهود الرئيس التركي الرامية إلى شق طريقه نحو المجتمع الإسلامي الهندي سهلتها السياسة القومية الهندوسية التي يتبناها رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي. فقبل أن يصبح  مودي رئيس وزراء الهند بفترة طويلة، "كانت هناك دلائل على أنه يشعل نار العداء للمسلمين في بلاده."

ويقول دورسي إن سياسة مودي المعادية للمسلمين دفعت صحيفة واشنطن بوست إلى نشرمقال حديث للصحفية الهندية رانا أيوب تصف فيه المشاعر المعادية للمسلمين في ظل حكم مودي بأنه كابوس يعيش فيه المسلمون.

ولكن جهود الرئيس التركي للفوز بقلوب وعقول مسلمي الهند لا تمضي دون تحدي، فهو يواجه، كما يقول دورسي، منافسة من السعودية، مع استمرار تدفق الأموال السعودية إلى العديد من المنظمات السلفية، بما في ذلك الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية والمنظمات السياسية.

ويشير إلى أن السعودية تدعم الداعية الإسلامي الهندي الشهيرذاكر نايك الذي يصل عدد مشاهدي قناته التلفزيونية إلى أكثر من 200 مليون مشاهد على الرغم من حظره في الهند. وتقول تقارير صحفية غير مؤكدة إن نايك يسافر بجواز سفر سعودي منذ إلغاء جوازه الهندي في عام 2017.

ورغم ذلك لا يتخذ نايك موقفا معاديا لتركيا، بل إنه يشيد في كل مناسبة بالرئيس التركي أردوغان. ففي كلمة له بإسطنبول في شهر آذار/ مارس 2017 وقبل أشهر من إعلان تركيا دعمها لقطر في بداية المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية التي قادتها السعودية والإمارات، قال نايك إن "أردوغان من بين عدد قليل من القادة المسلمين الذين يملكون الشجاعة لدعم الإسلام علانية. أنتم محظوظون بوجود رئيس مثل الرئيس أردوغان".

ووفقا للمحلل الأمريكي فإن رغبة السعودية في كسب عقول مسلمي الهند لا ترتبط فقط بقيادة العالم الإسلامي، بل تمنحها نقاط قوة أخرى في معارضتها للتمويل الهندي لميناء تشابهار الإيراني في المجيط الهندي، حيث قررت نيودلهي ضخ 20 مليار دولار في جهود تنمية الميناء.

وتخشى السعودية من أن يساعد الميناء إيران في مواجهة العقوبات الأمريكية التي فرضت بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاقية البرنامج النووي الإيراني. كما تشعر المملكة بالقلق كذلك من أن الميناء سيمكن إيران من الحصول على حصة سوقية أكبر في الهند لصادراتها النفطية على حساب المملكة العربية السعودية، وزيادة الاستثمار الأجنبي في إيران، وزيادة إيراداتها الحكومية، والسماح لإيران بتوليد الطاقة في الخليج والمحيط الهندي.

وأخيراً، ترى السعودية أن "الشيعة الهنود، الذين يعتقد أنهم يشكلون ما بين 10 و30 في المئة من مسلمي الهند قد يكونون طابورا خامسا لإيران."

ويخلص دورسي إلى أن التنافس بين تركيا والسعودية على كسب قلوب مسلمي الهند هي مجرد قوة صغيرة في مواجهة تنامي القومية الهندوسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!