حمزة تكين - أخبار تركيا

بالرغم من كل محاولات إفشالها، استطاعت تركيا بشخص رئيسها رجب طيب أردوغان في أيلول/سبتمبر الماضي من التوصل لاتفاق مهم مع روسيا بشخص رئيسها فلاديمير بوتين، وذلك من أجل إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب وحماية نحو 4 ملايين مدني سوري من عملية عسكرية كانت تُحضر ضدهم.

حتى اليوم مازال الاتفاق صامدا بالرغم من محاولات تدميره من هذه الجهة أو تلك، وحتى اليوم ما زالت تركيا تقف وحيدة في الميدان تدافع عن 4 ملايين مدني سوري في إدلب، وبعد غد الجمعة يعود الرئيس أردوغان ليلتقي نظيريه الروسي والإيراني، من أجل منع أي مغامرة متهورة قد تدخل ليس سوريا فحسب بل المنطقة كلها في حرب طاحنة جديدة

وقبل ساعات على لقاء أردوغان ـ بوتين ـ روحاني، فإنه من الجلي الواضح أن تركيا مصممة على موقفها المعارض لأي عملية عسكرية للنظام السوري وحلفائه ضد إدلب، بالرغم من تذرّع هذه القوى بوجود تنظيم "تحرير الشام" المدرج على لوائح الإرهاب في المحافظة.

موقف أنقرة الصارم ليس دفاعا عن مجموعة من الإرهابيين، بل دفاع عن 4 ملايين مدني هم ضحية هذه الصراعات، 4 ملايين مدني لا تلتفت إليهم أي دولة عربية أو إسلامية ولا تهتم بهم... فقط تركيا لوحدها في الميدان.

لم يكلف أي مسؤول عربي أو إسلامي بمجرد الاتصال بروسيا أو إيران للضغط عليهما كي يتراجعا عن فكرة عملية عسكرية ضد إدلب، ولكن هذا الحال لا يمنع تركيا من الثبات على موقفها الإنساني والسياسي والأمني تجاه أولئك الملايين.

 ولكن من يساهم اليوم في إضعاف الموقف التركي أمام روسيا وإيران إلا ذاك التنظيم المتطرف المتواجد في إدلب؟! لحاسب من يعمل؟! ومن أي جهة إقليمية يتخذ أوامره التي تضرب بالدرجة الأولى تركيا والملايين الأربعة؟! 

 تركيا لا تريد عملية عسكرية ضد إدلب، بل تحاول أن تفرض حلا سياسيا بنكهة عسكرية، وذلك من خلال خلق كيان مسلح من المعارضة المعتدلة على أن تقوم "تحرير الشام" بحل نفسها والتخلي عن أفكارها المتطرفة التي تتخذ من الإسلام ذريعة في غير محلها، وكذلك التخلي عن العناصر الأجنبية فيها... وحينها سيكون لإدلب كيان عسكري قادر على حمايتها.

هل ستقوم "تحرير الشام" بتغليب مصلحة الملايين الأربعة من المدنيين أم أنها ستبقى منصاعة لأوامر إضعاف موقف تركيا وإعطاء الذريعة لعملية عسكرية ضد إدلب؟!

 نعم، يمكن القول إن تركيا مازالت ناجحة بكبح جماح روسيا ونواياها ضد إدلب، خاصة وأن موسكو وبالرغم من كل تهديداتها الإعلامية، فهي تعلم جيدا أن أي تحرك عسكري ضد 4 ملايين مدني ستكون تبعاته كارثية على كل المستويات.

كل التحركات التركية مع الجانب الروسي تشير إلى أن أنقرة مازالت صامدة ومازالت تمتلك العديد من الأوراق القوية التي تخدم الملايين الأربعة في إدلب، وكل ذلك بالرغم من تقاعس الدول العربية والإسلامية وتخاذلها عن أداء واجباتها تجاه تلك المحافظة السورية.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس