ترك برس

توقع النائب الأول لحزب روسيا الموحدة الحزب الحاكم في روسيا، أندريه إيساييف، مستقبلا قاتما للعلاقات السياسية بين تركيا وإسرائيل، مشيرا إلى أن بقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في السلطة من أبرز نقاط الخلاف بين البلدين، حيث تدعم إسرائيل بقاءه، في مقابل رفض تركي بات لذلك.

جاء ذلك في مقال لإيساييف تحت عنوان "تركيا واسرائيل بين الصداقة والعداوة" نشرته مجلة الشؤون الدولية التي تصدرها الخارجية الروسية.

وأشار السياسي الروسي في بداية مقاله إلى أن "العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في بدايتها عام 1949 حين كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل اقتضتها ظروف البحث عن حليف إقليمي لكلا الطرفين."

واوضح أن "تركيا كانت في ذلك الوقت على خلاف مع سوريا والعراق، بسبب إقليم الإسكندرون والموصل، كما أن الصراع الطويل مع اليونان والاتهامات المزعومة عن الإبادة الجماعية للأرمن هدد بقطع إمدادات التكنولوجيا العالية والأسلحة من البلدان الغربية. لذلك  كانت إسرائيل منذ البداية هي المورد الرئيسي لهذه التقنيات المتقدمة والأسلحة إلى تركيا."

أما بالنسبة إلى إسرائيل، فإن العلاقات مع تركيا  كانت تعني خرقًا للحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته دول الشرق الأوسط على الدولة العبرية، ومثالا يمكن أن تحتذيه الدول المجاورة لتركيا. كما كان التقارب بين أنقرة وتل أبيب خبرا سارا للولايات المتحدة، حيث مهد الطريق لظهور تحالف موال للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وأضاف إيساييف أن اتفاق أوسلو الذي وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993 كان بمثابة أساس معنوي لإقامة علاقات أوثق بين أنقرة وتل أبيب، حيث  وقعت تركيا وإسرائيل على مجموعة من اتفاقيات التعاون حول الأمن، ومكافحة الإرهاب، وتنفيذ مشاريع زراعية مشتركة في آسيا الوسطى.

ووفقا للسياسي الروسي، فإن انتكاسة العلاقات بين البلدين بدأت في تسعينيات القرن الماضي عندما وصف رئيس الوزراء التركي الراحل، نجم الدين أربكان، مؤسس "الإسلام السياسي التركي"، إسرائيل علانية بأنها العدو اللدود للعالمين العربي والإسلامي، وحذر الأتراك من مؤامرة صهيونية على تركيا، ودعا في النهاية إلى إنهاء كل العلاقات مع إسرائيل. ولكن جنرالات تركيا الأقوياء أجبروا أربكان على التخلي عن السلطة.

وأردف أنه مع تولي حزب العدالة والتنمية  السلطة في تركيا في عام 2002 ، تراجعت العلاقات بين تركيا وإسرائيل مرة أخرى. ومنذ عام 2004 تزداد حدة الخطاب المعادي لإسرائيل في تركيا، وساهمت صناعة السينما التركية في ذلك بإظهار الجانب الإسرائيلي السيء.

ورأى إيساييف أن "مستقبل العلاقات السياسية بين تركيا واسرائيل يبدو قاتماً بشكل عام، حيث تعتمد أنقرة حاليا على منصة أستانا في تنفيذ أهداف سياستها الخارجية، بينما تنجذب إسرائيل نحو تكتل سعودي مناهض لإيران يجري الآن إقامته في الشرق الأوسط. وترفض تركيا الاعتراف ببشار الأسد رئيسا شرعيا لسوريا ، لكن إسرائيل تفضل بقاء الأسد على وجود حكومة موالية لإيران في دمشق."

وتابع بالقول إن "تركيا التي تمتلك حرية المناورة الجيوسياسية أكبر بكثير من إسرائيل، ستواصل الاضطلاع بالدور القيادي في العلاقات الثنائية. ولذلك فإن هذه العلاقات لا يمكن أن تتحسن على نحو مستدام إلا إذا تخلى الزعماء الأتراك عن أيديولوجية العثمانية الجديدة."

وأضاف أن فرص مراجعة أنقرة لسياستها الخارجية في أي وقت قريب تبدو ضئيلة للغاية، لكنه استدرك أن تاريخ العقود القليلة الماضية يُظهر أن التقارب ما زال ممكناً، ولكن من المرجح أن يكون لهذا االتقارب طابع تكتيكي يعتمد على الوضع السياسي المتغير، كأن تتخلى الولايات المتحدة، على سبيل المثال عن عقيدتها في خلق "الفوضى الخاضعة للسيطرة" في الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بالموقف الروسي من الخلاف التركي الإسرائيلي، قال إيساييف إن روسيا التي تعود الآن إلى الشرق الأوسط ستتجنب المواجهة مع أي من اللاعبين الإقليميين؛ لأن موقفها المتسامي عن النزاعات يسمح لها بالعمل كوسيط في حل النزاعات الإقليمية الرئيسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!