أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

هناك مقاربة خاطئة منذ مدة طويلة في الولايات المتحدة بشأن العلاقات مع تركيا. السبب الأول في ذلك هو أن واشنطن تبحث عن شريك يأتمر بأمرها وليس عن حليف.

بطبيعة الحال، يصبح هذا البحث عبثي عندما يتعلق الأمر ببلدان تعطي الأولوية لمصالحها القومية وتؤمن بالقواعد الناظمة لعلاقات التحالف.

لهذا الوضع جذوره التاريخية. في سنوات الحرب الباردة، أقدمت تركيا على عملية عسكرية في قبرص بموجب مصالحها القومية عندما اقتضت الضرورة ذلك، على الرغم من خطاب جونسون الشهير.

عقب الحرب الباردة، توترت العلاقات من حين لآخر بين تركيا والولايات المتحدة لأسباب منها رفض البرلمان مذكرة التعاون مع الولايات المتحدة قبل غزو العراق، ووجهات النظر المختلفة بخصوص الربيع العربي، وتزويد واشنطن تنظيم "بي كي كي" الإرهابي بالسلاح في سوريا، وعدم تسليم الإدارة الأمريكية فتح الله غولن على الرغم من الأدلة.

رغم كل التوتر والسياسات الأمريكية المخالفة لعلاقات التحالف، أقدمت تركيا على خطوات تبدي اهتمامها بالعلاقات الثنائية، وكانت دائمًا الطرف الإيجابي.

لكن عندما تعلق الأمر بالمصالح القومية وأمن مواطنيها، لم تتردد تركيا في الإقدام على الخطوات اللازمة. اتبعت أنقرة سياسة متزنة تجاه المعارضة التي شجعتها الولايات المتحدة في البداية ثم تخلت عنها لاحقًا في سوريا.

وعلى الرغم من تحفظات الولايات المتحدة، نفذت تركيا عملية درع الفرات ضد تنظيم داعش. ومع أنها بذلت جهدها  للحيلولة دون تنفيذ عملية ضد "بي كي كي" في سوريا، لم تستطع واشنطن منع أنقرة من تنفيذ عملية غصن الزيتون.

هناك أمر لا تريد بعض الأوساط في الولايات المتحدة أن تفهمه أو أن يفهمه البيت الأبيض، وهو أن تركيا لا تساوم في القضايا المتعلقة بأمنها القومي ولا تسعى للحصول على موافقة أي كان من أجل الإقدام على الخطوات اللازمة لتحقيقه.

كما هو الحال بالنسبة لكل دولة تتمتع بالسيادة، تقدم تركيا على خطواتها من أجل تحقيق وتعزيز أمنها القومي. محاولات إخراج خطوات تركيا من سياقها وتسييسها، لن تثني أنقرة عن الإقدام على الخطوات المذكورة، فضلًا عن أنها تلحق الضرر بالعلاقات الثنائية.

تركيا هي واحدة من القاطرات الرئيسية في الناتو. ولم تبخل بأي إسهام حتى اليوم في سبيل تحمل عبء الأمن المشترك. ولن يتغير هذا الأمر مستقبلًا. لكن تركيا لن تكون مقطورة في أي وقت، وإدراك هذه الحقيقة سيكون لمصلحة القطار برمته.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس