محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

من الطبيعي أن يكون التحالف السري بين حزبي "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" أكثر قضية مثيرة للجدل قبل الانتخابات المحلية.

لا يعترف "الشعب الجمهوري" بهذا التحالف، لأن علاقة "الشعوب الديمقراطي" واضحة جدًّا مع "بي كي كي" الذي يعتبره العالم منظمة إرهابية.

رغم معرفته بهذه الحقيقة يدعم حزب الشعب الجمهوري حزب الشعوب الديمقراطي، ويمهد الطريق أمامه. وهذا بطبيعة الحال يعني تقوية وتشجيع "بي كي كي".

لا يمكن ارتكاب خطأ سياسي أكبر من ذلك. ولهذا يخفي حزب الشعب الجمهوري التحالف. وبالنظر إلى التاريخ القريب للحزب نرى أن العلاقات الوثيقة بين حزب الشعوب الديمقراطي و"بي كي كي" كلفت المجتمع التركي وحزب الشعب الجمهوري معًا أثمان باهظة.

في انتخابات حزيران 2015، حصد حزب الشعوب الديمقراطي 13% من الأصوات ودخل البرلمان، بدعم من حزب الشعب الجمهوري.

لكن الشعوب الديمقراطي لم يتخذ موقفًا مناهضًا من العنف، وسلم نجاحه السياسي لقادة "بي كي كي" في معقلهم بجبل قنديل. ثم قدم دعمه لنداء القادة إلى "حرب شعبية ثورية" فمهد الطريق أمام الأعمال الدامية في المنطقتين الشرقية والجنوب شرقية.

مع هذا الدعم من حزب الشعب الجمهوري، أوصل فراغ السلطة في سوريا "بي كي كي" إلى درجة تحدى معها الدولة التركية وأعلن فيها الإدارة الذاتية.

لكن لماذا قام حزب الشعب الجمهوري بذلك عن علم ودون الاتفاق على أي مبدأ سياسي؟ هنا يتماشى هدف حزب الشعب الجمهوري مع مساعي مراكز القوى العالمية، وهو هزيمة أردوغان.

في حين أنه كان بإمكانه، بصفته الحزب المؤسس للجمهورية أن يتبع سياسة مبدئية ويتخذ موقفًا مناهضًا للعنف عوضًا عن إقامة تحالف سري مع حزب الشعوب الديمقراطي.

ولو أنه فعل من كان سيعترض؟ بذلك كان سيسهم في تطبيع الحياة السياسية وتخفيف العنف. لكن ما كان بإمكانه حتى فعل ذلك لسببين.

أولًا، لأن داعمي العنف والصقور هم من يديرون حزب الشعوب الديمقراطي، ولا يقبلون بإقامة علاقة مع الشعب الجمهوري لو كان يرفض العنف.

وثانيًا، لأن الأمر يتعلق أيضًا بالقوى الخارجية. فالولايات المتحدة على الأخص لن تسمح أبدًا لـ"بي كي كي" الذي يقاتل تحت رايتها، أن يتخلى عن العنف في تركيا. وإذا فعل فهي ستقطع دعمها له.

سنرى بشكل أوضح خلال الفترة القادمة ما سيسفر عنه التحالف السري بين حزب الشعب الجهوري وحزب الشعوب الديمقراطي.

هذه العلاقة لن ترفع معنويات حزب الشعوب الديمقراطي فحسب، بل قيادات "بي كي كي" في قنديل أيضًا. فهل يتخلى "بي كي كي" عن العنف وهو يحظى بدعم الشعب الجمهوري الأتاتوركي، والحزب الجيد القومي، وحزب السعادة المحافظ؟

هل يمكن ألا تثير هذه العلاقة، التي تضع مستقبل البلد في خطر، جدلًا شديدًا؟

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس