وداد بيلغن – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

لا يهدأ الظّلاميّون ولا يكفّون عن محاولاتهم في افتعال الفوضى داخل البلاد، فهم الآن يتأهبون لإقحام خططهم التي تشعل نار الفتنة والفوضى والتي قاموا بتحضيرها مسبقاً، حيّز التنفيذ في هذه الأيام. فلا يمرّ يوم إلّا ونسمع بخططةٍ جديدة قد انكشفت. فكلّ واحدةٍ من هذه الخطط تتمتّع بنوعٍ مختلف عن الأخرى من حيث بشاعتها. ولو نظرنا إلى آخر ثلاثة خطّط، لوجدنا أنّ هذه الخطط تكشف عن خفايا كثيرة تمّ تجهيزها للإساءة إلى الدّولة التركية.

فمخطّط الاغتيال ضدّ بعض أفراد عائلة الرّئيس رجب طيب أردوغان وأحداث الشّغب التي وقعت في مدينة إزمير والتي راح ضحيّتها شاب في مقتبل العمر، بالإضافة إلى ما يحدث في سوريا من صراع بين تنظيم الدّولة الإسلامية وعناصر تنظيم (PYD) وما نتج عن هذا الصّراع من انعكاسات سلبية على الدّاخل التركي، ما هي إلّا عبارة عن مخطّطات بشعة تحاك ضدّ الدّولة التركية وتستهدف أمن هذا البلد. وعلى الرّغم من ادّعاء بعض الأطراف عدم وجود روابط بين هذه الأحداث، إلّا أنّ النّاظر لما يجري من حوادث متتالية يدرك أنّ كلّ هذه الفعاليات ما هي إلّا سلسلة مترابطة هدفها الإخلال بالأمن التركي الدّاخلي وإعطاب مسيرة المصالحة الوطنية التي أوشكت على الانتهاء.

هنا بدر إلى ذهني السّؤال التّالي: هل كلّ ما يحدث في تركيا هو نتيجة للمؤامرات الخارجية التي يحيكها أعداء هذه الدّولة، أم أنّ هذه الأحداث ناتجة عن التّغيرات الاجتماعية والسياسية الحاصلة في الدّاخل التركي؟

أعداء تركيا

في الحقيقة، إنّ إسناد كل ما يجري من أحداث دمارٍ في الجغرافيا القريبة والمحيطة بنا إلى المؤامرات الخارجية وتقييمها بمعزل عن العوامل الدّاخلية التي تعاني منها شعوب المنطقة، لا يمكن أن يكون تقييماً صحيحاً وعادلاً. لكن بنفس الوقت لا يمكننا عزل المؤامرات الخارجية والتّدخّلات العسكرية والتّقلّبات السياسية الحاصلة في المنطقة نتيجة تحكّم الخارج بها، خلال تقييم الأوضاع في هذه المنطقة. فيجب علينا أن لا ننسى أنّه وعلى مدى مئة عام، كانت القوى الخارجية تتدخّل بشكلٍ أو بآخر في عمليّات التّحوّل في هذه المنطقة وخاصّة في الأمور السياسية.

الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في 7 حزيران/ يونيو المقبل، يحمل طابعاً هامّاً على صعيد السياسية الدّاخلية، كما أنّ هذه الانتخابات تستحوذ على أهمية بالغة بالنسبة للسياسة العالمية وتغيير النّظام العالمي القائم حالياً. فإذا ما استطاعت تركيا تخطّي هذه الانتخابات بخيرٍ وسلام، فإنّها سوف تبعث برسائل هامّة إلى العالم الخارجي بأنّها دولة تتمتّع بديمقراطية راسخة، وأنّها قادرة على الاستمرار بسياساتها التي انتهجتها منذ ثلاثة عشر عاماً والمضي بهذه السياسة نحو الأمام. ومن هذه الرّسائل القوية التي ستنتج من الانتخابات القادمة.

1– إنّ نجاح الانتخابات البرلمانية ستبعث برسالةٍ مفادها أنّ تركيا ستتخلّص من التّبعية للاتحاد الأوروبي والتي عانت منها الدّولة التركية لأكثر من مئة عامٍ تقريباً. حيث من المتوقّع أن يكون الموقف التركي أكثر جرأةً حيال مسألة الانضام إلى الاتحاد الأوروبي.

2– إنّ علاقات تركيا مع دول وشعوب منطقة الشّرق الأوسط والعالم التركي، سوف تُبنى على أساس المصالح التركية ومصالح تلك الشّعوب بغضّ النّظر عن المصالح التركية المرتبطة مع الاتحاد الأوروبي، أي بمعنى أخر إنّ تركيا لن تبني علاقاتها مع هذه الدّول والشّعوب ضمن إطار المخاوف من إضرار علاقاتها مع الاتحاد، أي سوف تتمتّع باستقلالية أكثر في اتخاذ قراراتها وإقامة علاقاتها مع من تشاء وبأي شكل تريدها الدّولة التركية.

3 – الرّسالة الثّالثة والأهم، فإنّ نجاح الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف ترغم الدّول المعادية لتركيا والتي تحيك المؤامرات تلوى الأخرى ضدّها، إلى التّفكير في سياساتها العدائية ضد تركيا من جديد، وقلب هذه السياسات إلى رغبةٍ في إقامة علاقات شراكةٍ مع الدّولة التركية.

عن الكاتب

وداد بيلغين

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس