صحيفة برافدا الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس

ما زالت واشنطن تأمل في أن ترفض تركيا شراء منظومة الدفاع الجوى "إس 400" الروسية، لأن ذلك يقوض أسس الناتو. ومع ذلك، فإن استخدام العقوبات ضد تركيا  قد يؤثر سلبا على بعض البلدان الأخرى.

عشية زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان لموسكو، أورد الإعلام التركي أن تركيا في مرحلة حرجة في علاقاتها مع الغرب، لا سيما بعد التصريح الذي أدلى به مايك بنس، في واشنطن بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الحلف. وقد أشار إلى أنه "يجب على تركيا الاختيار: إما البقاء شريكا حاسما في أنجح تحالف عسكري في التاريخ، أو المجازفة بأمن هذه الشراكة من خلال اتخاذ مثل هذه القرارات المتهورة التي تقوض حلف الناتو".   

لكن، تصر أنقرة على شراء منظومة "اس 40" الروسية. ومن جانبها، هددت الولايات المتحدة بحظر توريد مقاتلات "إف.35" وبناء مركز إمداد بالمعدات العسكرية في تركيا، في حال لم تتراجع أنقرة عن هذه الصفقة.

وعلى حسابه على موقع التويتر نشر نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، تغريدة قال فيها: "يجب على الولايات المتحدة الإختيار إما أن تظل حليفا لتركيا أو المخاطرة بالعلاقة التي تجمع البلدين من خلال توحيد الجهود مع الإرهابيين وتقويض دفاع حليفهم في الناتو ضد أعدائه".

بشكل عام، تبقى تصريحات بنس وأوكتاي مجرد مناوشات، وبعد ذلك تستطيع الولايات المتحدة فرض عقوبات ضد تركيا. في الواقع، يتميز الوضع الاقتصادي في تركيا بالركود، ذلك ما أدى بشكل ما إلى تراجع مكانة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية التي عقدت في تركيا في الآونة الأخيرة، في العديد من المدن الكبرى؛ بما في ذلك إسطنبول وأنقرة.  

على صعيد آخر، تشير التقديرات إلى أن ديون القطاع الخاص في تركيا تصل إلى ما يناهز 300 مليار دولار، ومعظمها بالعملة الأجنبية ويجب سداد نصف هذا الدين قبل نهاية هذا الصيف. في الأثناء، يعتقد محللون أتراك أن أنقرة ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يقدر بنحو 150 مليار دولار، أو أنها ستسير في نفس طريق فنزويلا. ويرى الخبراء أن اقتصاد تركيا يحتاج إلى أموال تفوق حجم الأموال التي يحتاجها الاقتصاد الفنزويلي، ذلك ما دفعهم إلى التساؤل عن الجهة التي سينقذ تركيا، وهل ستتمثل في روسيا أو قطر.

وفي سياق متصل، أشار أردوغان في العديد من المناسبات إلى أنه لن يلجأ إلى صندوق النقد الدولي، لا سيما أن ذلك سوف يؤثر سلبا على صورته خارج وداخل البلاد.

في المقابل، يعتقد عدد من المسؤولين في البنتاغون أنه حتى وقت قريب، ارتكب السياسيون الأمريكيون خطئا يتمثل في عدم إرسال إشارات واضحة إلى تركيا، والتهديد بالعقوبات بدلا من فرضها فعلا. علاوة على ذلك، أفاد محلل أمريكي لوكالة بلومبيرغ، بأنه "من الواضح أنه سيتم اختبار العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا بشكل جدي خلال الأشهر المقبلة".

وبدوره، قال نائب رئيس أكاديمية العلوم الجيوسياسية في موسكو فلاديمير أنوخين، "إن الأمريكيين لا يتسامحون مع أقل مظهر من مظاهر الخطوات المستقلة، ذلك ما يثير غضبهم. كما أن أردوغان ينتهج سياسة يرسمها بنفسه، ويفرض على الولايات المتحدة وأوروبا قبول ذلك. وسوف تستمر تركيا في تنفيذ صفقة "اس400"، لأن نظام العقوبات بحظر تزويدها بمقاتلات "إف.35"، لا يعمل معها".

ووفقا للخبير، فإن هذه المقاتلات بدت غامضة إلى حد ما، كما أظهرت الاختبارات الأخيرة أن هذه المقاتلات غير موثوقة وغير واعدة. لذلك، لن يخسر الأتراك شيئا في حال رفضت واشنطن إمدادهم بها. أما بالنسبة لنظام الدفاع الجوي "إس400"، فقد أظهرت هذه المنظومة فاعليتها خلال الأزمة السورية؛ ذلك ما دفع الهند والصين إلى التنافس من أجل الحصول عليها، والأمر سيان بالنسبة لتركيا التي لن تتخلى عن شراء المنظومة".

وأضاف أنوخين أنه "ضد عقوبات الناتو، لدى تركيا رد واحد مناسب يتمثل في إغلاق مضيق جناق قلعة، الأمر الذي سوف يؤثر سلبا على مصالح بعض البلدان. كما يتعين على تركيا الصمود لمدة سنة أخرى أو أقل من ذلك، لتصبح جهة فاعلة مهمة في أوروبا، مع انطلاق مشروع السيل التركي في العمل".

والجدير بالذكر، أن حركة المرور عبر مضيق جناق قلعة ومضيق البوسفور، الذي يربط أوروبا بآسيا بحرا يخضع لاتفاقية مونترو، التي اعتمدت سنة 1936. وتنص الوثيقة على أنه في خارج أوقات الحرب تلتزم تركيا بضمان عبور جميع السفن بقطع النظر عن العلم الذي تبحر تحته السفينة. لكن في حال وجود أنقرة تحت تهديد عسكري يحق لها حظر مرور سفن العدو المحتمل.

بشكل عام، بينت تركيا في العديد من المناسبات أنه باستطاعتها استغلال قواعد الاتفاقية لصالحها. من هذا المنطلق، حاولت السلطات التركية سنة 1982، توسيع نطاق الأنظمة الداخلية لميناء إسطنبول لتشمل المضيق، لكن تحت ضغط الاتحاد السوفيتي وعدد من القوى الغربية تخلت عن هذه الفكرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!