بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يتوجب علينا أن نرى الديناميكيات المشتركة في جوهر جهود تشكيل حزام جديد مناهض لتركيا بشكل متناسق في الشرق الأوسط وأوروبا والبلقان وشرق المتوسط وشمال إفريقيا. 

كل هذه السيناريوهات المتزامنة تعيد إلى الأذهان العسكري الاستراتيجي البروسي كارل فون كلاوزويتز (1831-1970) وسؤاله الشهير "ما هو المبدأ الأساسي للحرب؟".

بحسب كلاوزويتز فإن الاستراتيجية الأساسية في الحرب هي "عدم مخالفة مبدأ تركيز القوة على العدو الحقيقي". 

لكن كما يُلاحظ من التطورات الأخيرة، أننا ندفع كبلد أثمانًا باهظة، لأننا  نخالف هذا المبدأ من حين لآخر. 

***

ينبغي علينا ألا ننسى استعراض العضلات الذي قامت به الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليونان وإسرائيل والأردن في شرق المتوسط عبر مناورات "Nemesis 2018". 

هذا التحدي هو دليل على أن صانعي السياسة في الغرب ما يزالون ينظرون حتى اليوم إلى تركيا كما كان يفعل مخططو الحروب بين 1914 و1918. 

لأن هدف الغرب، الذي حل محل الإدارة العثمانية كان هدفه الرئيسي في الشرق الأوسط أن تستمر تركيا في حماية اتفاقية سايكس- بيكو. 

لكن لأن المعسكر الأطلسي فقد قوته، تفضل الإدارة الأمريكية اليوم تعزيز مواقعها الدفاعية عوضًا عن التوسع. تسمي  الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية "الحصار الجديد". 

تنشئ واشنطن جدرانًا وتحالفات وأحزمة خاصة على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد المنافسين من أمثال تركيا وروسيا والصين وإيران وفنزويلا والهند. 

صراع النفوذ هذا بين الدول الكبرى هو في الوقت نفسه نذير حرب باردة جديدة على الصعيد العالمي. 

***

مما لا شك فيه أن وكالة الاستخبارات المركزية ستلعب الدور الرئيسي للولايات المتحدة في هذه الحرب الباردة الجديدة. 

تأسست الوكالة عام 1947 بموجب هدفين، الأول هو جمع المعلومات الاستخبارية، والثاني تنفيذ عمليات سرية من أجل الإطاحة بالأنظمة المعارضة للمصالح الأمريكية.

ينبغي علينا تناول التطورات الخطيرة الحاصلة في مناطق تمتد من فنزويلا حتى السودان، من هذا المنظور. 

تتغير التصورات في الصراع الجيوسياسي الذي تحول إلى تنافس قوى كبرى مكونة من تحالفات ومؤسسات متعددة الجنسيات. 

تحولت الحرب الباردة في كوريا في الخمسيات إلى حرب ساخنة في الستينات والسبعيانت في فيتنام وأفغانستان. حاليًّا ليس هناك خطر من هذا القبيل، وعودة الحرب بين القوى العظمى صعبة. بمعنى أنه من الآن فصاعدًا سيفعل الأقوياء ما يريدونه، وسيرضى الضعفاء بمصيرهم.

يتوجب علينا اتباع استراتيجية تحررية على الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية في مثل هذه الفترة التي تشهد عملية تغيير جذرية في محيطنا. نعيش مرحلة صعبة محطينا محاصر فيها من كل الاتجاهات.

وهنا لا يستطيع المرء منع نفسه من التساؤل: "ماذا كان كلاوزويتز سيفعل في هذا الموقف؟".

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس