ترك برس

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقف إعفاءات شراء النفط من إيران للدول الثماني التي سبق أن حصلت عليها قبل أشهر، ومن بينها تركيا، اعتبارا من مطلع مايو/ أيار المقبل، وهو ما أثار تساؤلات حول خيارات أنقرة للتعامل مع القرار.

وخلال مؤتمر صحفي عقده الاثنين في العاصمة أنقرة، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تعليقه على القرار الأمريكي، إن "الاقتراح بشراء النفط من أي دولة أخرى غير إيران هو تجاوز للحدود"

وأوضح تشاووش أوغلو أن تركيا "تعارض مثل هذه الخطوات والإملاءات"، وأنها أكدت منذ البداية على أن مثل هذه الخطوات غير صحيحة، وتصرف واشنطن خاطئ من الناحية التجارية والأخلاق السياسية، ومخالف لمبادئ منظمة التجارة العالمية.

وتفيد بيانات من هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية بأن تركيا تحتاج إلى نفط إيران، إذ تستورد الأولى من الأخيرة نصيبا كبيرا من احتياجاتها من النفط والغاز، حسب ما أورد موقع "الجزيرة نت".

ففي العام 2017 أصبحت إيران المصدر الأول الذي تحصل منه تركيا على الطاقة بما يعادل 44.6% من مجموع الإمدادات النفطية و17% من إجمالي واردات الغاز، وتعتمد أنقره في النسبة الباقية على العراق وروسيا والكويت والسعودية.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين إيران وتركيا في السنوات الماضية بأكثر من 80%، وشملت الصادرات الإيرانية إلى تركيا النحاس والألمنيوم والفولاذ والزنك والمشتقات النفطية والغاز والبطيخ والفستق.

في حين شملت الصادرات التركية لإيران الحبوب والتبغ والآلات الصناعية والقطن والخشب والأدوية والورق.

ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تواصل الصين وتركيا شراء الكميات نفسها أو أكثر منها على الرغم من إشارات سابقة من أنقرة إلى أنها قد تشتري المزيد من النفط السعودي.

القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم رسول توسون، رجّح ألا تتوقف أنقرة عن شراء النفط الإيراني في الوقت القريب، معربا عن اعتقاده بعزم الحكومة مواصلة شرائه ما لم تدعم الأمم المتحدة أو تتبنى الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة.

وأضاف توسون النائب البرلماني السابق أن "أنقرة تحصل على سعر جيد جدا من إيران، ومن وجهة نظرها لا يوجد شيء مخالف للقانون، نحن ندفع من خلال وسائل قانونية، وما دام الأمر كذلك فلماذا التوقف عن شراء النفط الإيراني؟".

وأكد، في تصريحات لموقع "الجزيرة نت"، أن "إيران جارة جيدة لتركيا، ولن نقطع علاقاتنا التجارية معها لأن دولا أخرى طلبت منا هذا بسبب برنامجها النووي".

وأشار القيادي في الحزب الحاكم إلى أن بلاده ستنظر فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض لاحقا عقوبات جدية على تركيا في هذا الشأن، مبينا أن حكومته ستعمل على إقناع الرئيس الأميركي ترامب بالحصول على استثناءات جديدة بعد انتهاء أجل الاستثناءات الحالية في مايو/أيار.

ويعتقد توسون أنه إن كانت واشنطن مصرة على موقفها أو على استعداد للتضحية بعلاقتها مع أنقرة فإن تركيا سترد بالتحول إلى أسواق جديدة وشراكات جديدة وتحالفات جديدة، موضحا أن أنقرة ستتبع مصالحها في نهاية المطاف.

من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "نجم الدين أربكان" غوكهان بوزباش إن واشنطن تزرع الفوضى في الشرق الأوسط، وتتبع سياسة بعيدة عن واقع المنطقة، ومن الوارد التماس تبعاتها بعد خمس أو عشر سنوات، الأمر الذي سيسبب صراعا في المنطقة.

وأضاف بوزباش "لا يمكن لأنقرة القبول بقرار وقف إعفاءات شراء النفط الإيراني الذي من شأنه إشعال صراع في الشرق الأوسط"، مبينا أن السياسة التركية كانت وما زالت ترجح الحل الدبلوماسي لأي مشكلة كانت.

وأشار إلى أن تركيا لديها حصة من الغاز الإيراني كما الصين واليونان وغيرها من الدول على خلفية اتفاقيات نفذت منذ نحو 20 عاما وأكثر.

وتعقيبا على تصريحات وزير الخارجية التركي، ذكر بوزباش أن هذا الموقف ليس جديدا على تركيا المرتبطة بعلاقات تجارية موسعة مع إيران، فسابقا رفضت تركيا كذلك الالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران.

ولفت إلى أن أنقرة لا تريد وقف شراء النفط الإيراني تفاديا لمؤشر العجز في الحساب الجاري وزيادة التضخم وخفض النمو الاقتصادي.

وأكد أن على ترامب معرفة أن قرارا مثل هذا لا يخص فقط أنقرة وطهران، فجميع الدول معنية بذلك، وعلى الرئيس الأميركي إظهار استعداده للتعاون كتعاون أنقرة مع واشنطن حيال قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول العام الماضي.

ويرى بوزباش أن بعض دول المنطقة كالإمارات والسعودية تدعم سياسة واشنطن، وهذا الدعم يعقد المشكلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!