إبراهيم كيراس - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

منذ أيام واسم الرئيس التركي السابق "عبد الله غُل" يتردد على مسامعنا وتطرح سيناريوهات بشأن مصيره بعد الانتخابات العامة المرتقبة. والبعض يدعي أن غل سيعود للعمل السياسي ويحتل منصبا هاما في حزب العدالة والتنمية.

وقد بينت التصريحات التي أدلى بها العديد من منتسبي حزبه أنه لا اعتراض على عودته إلى السياسة.

ولو سالتموني عن رأيي فأنا أرى أن عودة غُل إلى حزب العدالة والتنمية تُكسِب الحزب قوة لا نظير لها ـ لا يمكن لأحد يفكر في مصلحة الحزب أن يعترض على ذلك.

ولكن في كثير من الأحيان تتفوق المصالح الشخصية في السياسة على المصالح الجماعية وهذا ما يجعل من الطبيعي أن يفتح باب نقاش هذا الموضوع.   

قبل كل شيء يجب الاعتراف بالمحبة والاحترام التي يكنها الشعب نحو غُل.

لا يحتاج الرئيس السابق غُل لانتطار دعوة من أحد ليعود إلى صفوف الحزب الذي أسسه هو، وجعبته مليئة بالنجاحات سواء في الفترة التي كان فيها رئيس وزراء أو وزير خارجية أو رئيس جمهورية. وخصوصا أن الكلمات الحارة التي وجهها كل من أردوغان وداود أوغلو إلى غُل للعودة إلى حزبه لا يعترض عليها الجميع.

يا ترى، ما هو رأي غُل نفسه؟ هل يود العودة إلى الحياة السياسية الفاعلة، هل يريد ذلك في "الظروف الحالية"؟ فقد كان غُل قد صرح في الأيام الأخيرة التي كان فيها رئيس جمهورية قائلا: "في الظروف الحالية ليس لي خطة مستقبلية للعمل السياسي؟"، هل يعتقد غُل أن الظروف التي تحدث عنها في ذلك الحين قد تغيرت اليوم؟.

أنا لا أعتقد ذلك؟ إلا أنني أظن أن الأشخاص المقربين من الرئيس السابق كانت لديهم هذه الرغبة. وقد يكون من الصعب على غُل أن يقول لا لهذه الضغوطات التي تأتي من محيطه، وربما هذا ما دفع لطرح شرط "توجيه دعوة". وإذا لم يتم توجيه دعوة تليق برئيس الجمهورية الحادي عشر فإن كل ما يقال سيكون عبثا.

وهناك سبب آخر قد يكون وراء امتناع غُل عن العودة إلى السياسة وهو أن قسما من الرأي العام قد يرى أن دعوة غُل إلى الحزب من جديد هي لإعطاء قوة وثقل لداود أوغلو أو أن الحزب بحاجة له ليحل محل داود أوغلو، ويعتمد هذا الرأي على فكرة أن هناك نزاعا لا يمكن تلافيه قد وقع بين أردوغان وداود أوغلو، وأن عودة غُل إلى الحزب قد تجعل رئيس الجمهورية يضع داود أوغلو على الرف.

ويشير زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كلتشدار أوغلو إلى "أن حزب العدالة والتنمية الحاكم غير راض عن داود أوغلو. وأن يبحث عن البديل".

وهذا أمرٌ لا يبدو منطقيا فلا يمكن أن يكون هناك عنصر فاعل سياسي يدعو لإظهار عدم الرضى عن من هوعلى رأس الحكومة وعلى رأس الحزب أو حتى يوحي بذلك، ولم يبق سوى شهور قليلة للانتخابات العامة.

ومن الصعب الاعتقاد بأن من عمل 7 أيام الأسبوع و24 ساعة في اليوم منذ بدأ في منصبه كرئيس وزراء والذي جعل من نفسه محبوبا من الشعب بأنه غير ناجح.

وليس من المنطقي أن يتخلى رئيس الجمهورية عن داود أوغلو إن حدث أي اختلاف في الموائمة بينهما.  وبالتالي وضع غُل موضع البديل لداود أوغلو أمر غير منطقي بحجة أنه أكثر تلاؤما مع رئيس الجمهورية.

فكلّ من غُل وداود أوغلو صديقان قديمان في عالم السياسة ليسا غريبان.

والآن يبدو أن كلاً من أردوغان وغُل مختلفان في الفكر حول إدارة الاقتصاد وخصوصا سياسات البنك المركزي. ومن المعروف للرئيس السابق غُل خلافه في الرأي بشأن عدة مواضيع مثل سوريا وأزمة مصر والعلاقات مع أوروبا وغيرها.

والأفكار التي تدعي ان أردوغان وداود أوغلو لا يتفقان في العمل ولو كان غُل لكانا متفقان ما هي إلا ادعاءات ليس لها أساس من الصحة.

كل ما ذكرناه قد يؤثر في قرار غُل بالعودة إلى السياسة، وغُل كانت له الأسبقية في رفع راية التجديد أمام أربكان زعيم حزبه السابق حزب الفضيلة ووضع حجر الأساس مع أردوغان ورفاقه للحزب الحالي الحاكم، وشغل منصب رئيس وزراء ووزير خارجية ورئيس جمهورية في أكثر الأوقات العصيبة التي عاشها الحزب، وليس من اللائق إقحامه في مناقشات الحزب الداخلية الصغيرة.

ولو كان الذين يفكرون هكذا هم قلائل في المجتمع إلا آرائهم هذه قد تجعل من الصعب على غُل العودة إلى السياسة.

فهو لا يريد تقويض صورته السياسية التي عمل سنوات على إنشائها ومن الطبيعي ألا يرغب أن يظهر بهذه الصورة. وإن كان هناك من يريد بالفعل عودة غُل إلى حزبه فيجب إزالة هذه العوائق من طريقه.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس