ناصر ناصر - خاص ترك برس

تلقت مقولة الأساس لدولة الاحتلال الإسرائيلي والمدعومة أمريكيا وغربيا والمستخدمة كمبرر لاستمرار تدفق الدعم الأمريكي والغربي الهائل لإسرائيل، والقاضية بأن "إسرائيل هي واحة الديموقراطية المزدهرة الوحيدة في الشرق الأوسط" ضربات متتالية في السنوات الأخيرة وذلك من خلال تزايد الدراسات والتقارير الإسرائيلية الداخلية التي تؤكد تدهور وتهافت الديموقراطية فيها، ومن ذلك التحقيق الصحفي الهام الذي أعده باحثو ومحللو صحيفة هآرتس حاييم لوينسون وسيفان كلنجليل وآخرون ونشرته الصحيفة على صدر صفحتها الأولى ثم الرابعة والخامسة والسادسة يوم الجمعة 16 آب/ أغسطس تحت عنوان "بدون إشراف ومع أخطاء وشبهات تزوير: هكذا تبدو الانتخابات في إسرائيل".

ذكر باحثو هآرتس أن تحقيقهم جاء بعد قيام نشطاء ومتطوعين إسرائيليين باسم "حرس الانتخابات المدني" بإعادة تعبئة وطباعة نتائج التصويت في انتخابات نيسان/ أبريل 2019 للكنيست الـ21، وأنهم اعتمدوا في دراستهم على فحص آلاف البرتوكولات والمحاضر التي تمت كتابتها في يوم الانتخابات داخل مراكز الاقتراع، ومن ثم قاموا بإجراء حوارات مع العشرات من ممثلي ومراقبي لجان صناديق الاقتراع.

لخص تحقيق هآرتس استنتاجه الرئيس بالقول: "إن طريقة الانتخابات في إسرائيل فشلت في أداء مهمتها الأكثر أهمية، وهي التوصل لنتائج انتخابات معتمدة وموثوقة"، وذلك ركن أساس من أركان الديموقراطية التي تدّعيها إسرائيل المحتلة زورا وبهتانا، كما لخص التقرير استناتاجاته لعدة أمور من أهمها: "وجود مخالفات وتجاوزات للنظام في تركيبة لجان صناديق الاقتراع أدت لإشراف ضعيف وهش على الصناديق، حيث لم يوجد ممثلين لأحزاب اليسار وسط في أكثر من ألف صندوق من أصل 10458 صندوق".

أما الخلل الثاني وفق تحقيق هآرتس فكان عدم فحص ومتابعة لكثير من المخالفات والتجاوزات لعشرات الصناديق في الوقت المحدد، إضافة لعدم التزام لجنة الانتخابات المركزية بقوانين وتعليمات وضعتها هي بنفسها.

وأضاف تحقيق هآرتس خللا آخر وهو قيام ممثلي صناديق الاقتراع والذين قام بعضهم بعقد صفقات فيما بينهم وممنوعة وفق القانون لتبادل التواجد في مراكز الاقتراع "بتعبئة وملء مئات كثيرة من الاستمارات بعكس التعليمات، مما قد يخفي عمليات تزوير"، كما أشار التحقيق إلى أن موظفي السكرتاريا وطباعة نتائج الانتخابات قد أزالوا أو أضافوا آلاف الأصوات، وقد ضرب التحقيق الكثير من الأمثلة على استناتاجاته وادعاءاته.

كما أضاف تحقيق هآرتس خللا رئيسيًا آخر وهو قيام القضاة وتحت ضغط العمل والعبء الكبير بالتوقيع على بروتوكولات ومحاضر الصناديق بشكل سريع وشكلي ودون إجراء الفحص المطلوب، فقد تم تكليف كل قاضٍ من القضاة الـ19 بالمسؤولية عن 200-900 صندوق اقتراع، وقد ذكر تحقيق هآرتس خللا آخر وهو "انتقال مهمة ملاحظة اكتشاف الأخطاء الانتخابية للأحزاب نفسها، كما أكد التحقيق اعتراف لجنة الانتخابات المركزية بأن "أساليبها وطرائقها لاكتشاف التزوير ليست جيدة بما فيه الكفاية".

ومن أهم استنتاجات تحقيق هآرتس هي أن "الأخطاء التي حصلت سواء بسبب الإهمال أو التزوير يمكنها أن تؤثر- وخاصة في ظل طريقة الانتخابات الإسرائيلية – على صورة وشكل توزيع مقاعد الكنيست"، ولأهمية تحقيق هآرتس خصصت الصحيفة مقالة التحرير فيها (16 أغسطس) للموضوع مؤكدة أن "معطيات التقرير الصحفي تظهر خشية حقيقية من مدى نزاهة عملية الانتخابات في إسرائيل".

وأخيرا لا بد من القول إن دولة كإسرائيل قامت على الاستعمار الكولونيالي والقمع والحصار والتجويع بحق الشعب الفلسطيني الأعزل لا يمكنها أن تكون دولة ديموقراطية أو ليبرالية يحتذى بها كما يحب أن يؤكد دوما قادة أمريكا والدول الغربية، حتى لو تمتعت ببعض مظاهر"الديموقراطية الإجرائية"، والتي يظهر تحقيق هآرتس وما سبقه من تقارير ودراسات إسرائيلية داخلية تراجعها وتدهورها باستمرار وخاصة في العقد الأخير.

عن الكاتب

ناصر ناصر

أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، طالب دكتوراه علوم سياسية وله قناة تلغرام تنشر ترجمات يومية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس