محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

من الغرائب في سياسات بعض الدول وعدد من الدول العربية والتي يهمنا التطرق إليها في هذه القضية - التكافل والتعاضد مع جهات لا تمت للشرعية الدولية ولا حتى للمنظمات الإنسانية والجمعيات والهيئات الدولية بل تنزلق بإرادتها لدعم منظمة متطرفة ترتبط بصورة مباشرة بمنظمات إرهابية مما يضعها في ساحة التساؤلات والمساءلة القانونية أمام الدول والمنظمات الحقوقية والقضائية.

في الحديث عن البوليساريو وارتباطاته وبدايات تشكيله يجب أن نتذكر أن قادة هذا الفصيل كانوا بداية من الماركسيين وأن الدول التي ساندت هذه المنظمة كانت مغترة بماركسيتها باعتبار أن كل حركة ماركسية هي ضد الإمبريالية الأمريكية وضد بعض الحكومات الخارجة عن ركب الماركسية، من هنا بدات الإيعازات لبعض دول الجوار بتبني الدعم  للبوليساريو  والمؤازرة دون الأخذ بنظر الاعتبار حقوق الجيرة والرابطة الإسلامية والتي من المفروض أن تكون من أقوى الوشائج بين هذه الشعوب الجارة أصلا.

من المؤكد أن تلك الدولة وغيرها من الدول التي تساند فصائل الانفصال للصحراء المغربية تتحرك وفق حالتين أولها أنها تساند البوليساريو لكونها منظمة يسارية باعتبار أن الإرث السياسي لحكوماتها المتعاقبة يتكيف مع الاتجاه السياسي الراديكالي، والشيء الثاني أنها لا تتصور رجوع جزء حيوي مقتطع من أرض دولة عربية والتحامه من جديد بتراب أرضها المعطاء.

وتتوالى التحقيقات الصحفية والإخبارية حول ارتباطات البوليساريو بالإرهاب الإقليمي بعد تبنيه الماركسية كفكر له، فقد ذكرت ففي مقالها التحليلي حول الصحراء المغربية وضرورة إيجاد حل ملائم لها مع الدعوة لتبني الدعوة المغربية المؤيدة من معظم دول العالم إضافة إلى الولايات المتحدة، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ما يلي:

"في الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على إخماد بؤر التوتر وتثبيت السلم والأمن، ما تزال البوليساريو تشكل تهديدا خطيرا للاستقرار في شمال إفريقيا وفي منطقة الساحل..."

وكتبت صحيفة (وول ستريت جورنال) بهذا الخصوص، في مقال نشرته قبل عدة أيام، أن "البوليساريو مجموعة ماركسية لها ارتباطات بالإرهاب الإقليمي."

وتطرق الصحفي ديون نيسنباوم، في شريط فيديو مشفوع بمقال تحليلي له حول قضية الصحراء، إلى نشأة هذه الحركة الانفصالية التي تعتنق الفكر الماركسي، وكذا إلى المخاطر المرتبطة بعدم تسوية قضية الصحراء على السلم والاستقرار.

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن الوضع الأمني في المنطقة يجعل تسوية النزاع أمر ملحا، وذكرت أن هذه الحقيقة تشكل قناعة لدى صناع القرار الأمريكيين على نطاق واسع، مبرزة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تواجه التهديد الإرهابي على عدة جبهات، متيقظة تجاه الوضع في منطقة الصحراء والساحل.

وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض، وإدراكا منه للمخاطر التي تشكلها "الجمهورية الوهمية"، عازم على وضع حد لهذا النزاع، مشددة على أن الدينامية الحالية تحت رعاية الأمم المتحدة هي الخيار الأكثر أمانا والأقل كلفة من أجل التوصل إلى حل توافقي

وأبرزت الصحيفة  أن موقف الولايات المتحدة "واضح، فهي لن تدعم مخططا يؤدي إلى إقامة دولة جديدة في إفريقيا".

وقال الصحفي، في شريط الفيديو الذي رافق مقاله التحليلي، إن "إقامة دولة جديدة في إفريقيا قد تكون في حقيقة الأمر أقل أمانا، إذا حاولتم إقامة دولة جديدة، فقد ينجم عن ذلك خلق منطقة يمكن أن يتخذ منها متمردون وجماعات مثل داعش ملاذا آمنا"، مشيرا إلى أن واشنطن والرباط تتقاسمان نفس الموقف بهذا الشأن.

وأكد، نقلا عن مسؤولين غربيين ومغاربة، أن الولايات المتحدة تدعم، بشكل غير معلن، موقف المغرب بشأن قضية الصحراء. وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الاستقلال ليس خيارا بالنسبة للولايات المتحدة لتسوية النزاع حول الصحراء المغربية.

وقد عبرت الولايات المتحدة مرارا عن مساندتها للخطة التي طرحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكما ذاتيا، معتبرة الخطة "واقعية وذات مصداقية..."

وكانت الرباط قد طرحت في عام 2007 خطة تمنح الصحراء بموجبها قدرا كبيرا من الحكم الذاتي ولكن مع الاحتفاظ برموز السيادة المغربية كالعلم والنشيد الوطني والعملة المغربية.

وتعد الصحراء الغربية منطقة شاسعة تقع شمال غربي أفريقيا ومساحتها قرابة 266 ألف كيلومتر مربع، وتشير التقديرات إلى أن عدد سكانها يقارب نصف مليون يتوزعون على المدن الرئيسية في المنطقة، التي خضعت للاستعمار الإسباني في الفترة الممتدة من 1884 إلى 1976.

يعد المغرب الصحراء جزءًا مكملًا لوحدته الوطنية ووحدة تراب المغرب. وفي هذا الصدد ذكر العاهل المغربي الملك محمد السادس في ذكرى المسيرة الخضراء التي دعا لها في عام 1975، والمعبرة عن تطلعات الشعب المغربي وحقه المشروع في استعادة أرضه أن:

"الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء لا يعني فقط تخليد حدث تاريخي، بما يحمله من رمزية ومبادئ وطنية ثابتة. فالمسيرة الخضراء تجسد إيمان الشعب المغربي بحقه المشروع في استكمال الوحدة الترابية للمملكة، والتزامه القوي بالتضحية في سبيل الدفاع عنها. وهي نهج راسخ ومتواصل يقوم على الإجماع الوطني، والتعبئة الشاملة، من أجل النهوض بالتنمية المندمجة، وصيانة الوحدة والأمن والاستقرار." 

في يوم 16 أكتوبر من سنة 1975 أعلن المرحوم الحسن الثاني عن تنظيم أكبر مسيرة سلمية في التاريخ مكنت من تحرير الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.

وقد وضعت هذه المسيرة السلمية حدا لنحو ثلاثة أرباع قرن من الاستعمار والاحتلال المرير لهذه الأقاليم ومكنت المغرب من تحقيق واستكمال الجزء الأكبر من وحدته الترابية.

فبعد أن بتت محكمة العدل الدولية بلاهاي في ملف المغرب، وجاء رأيها الاستشاري معترفا للمغرب بحقه في صحرائه مؤكدا على وجود روابط قانونية وروابط بيعة متجذرة كانت دائما قائمة بين العرش المغربي وأبناء الصحراء المغربية، أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني عن تنظيم مسيرة خضراء لاسترجاع الصحراء وتحريرها.

وقد جاءت المسيرة الخضراء لتضع حدا فاصلا مع منطق الحرب وأسلوب المغامرة، وحرصا من الملك الحسن الثاني على تجنيب المنطقة حربا مدمرة اتخذ قراره القاضي بتنظيم مسيرة خضراء والدعوة إلى نبذ العنف واللجوء إلى الحوار لتسوية النزاعات.

وقد رأى الكثير من المؤرخين وعلماء الاجتماع السياسي وسيكولوجيا الجماعات في المسيرة الخضراء فعلا اجتماعيا وسيكولوجيًا متميزا، واعتبره البعض كأول انطلاقة وطنية منذ الاستقلال.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس