د. أيوب فورال أيدن - خاص ترك برس

إن فترة ما قبل الانتخابات التي تعيشها تركيا والتي عادة ما تكون فترة حرجة خصوصا أنها أتت متزامنة مع عملية المصالحة الوطنية بين الحكومة والأكراد وانعكاسات تقلباتها، لا تسبب في زعزعة كبيرة لاقتصاد تركيا لعام 2015 حسب رأي بعض الخبراء.

لعبت الاضطرابات التي أصابت العملة في الأسواق العالمية منذ 8 أشهر وحروب النفط دورا كبيرا في تغيرات قيمة العملات في كل تركيا بشكل ملحوظ. وأخذت الليرة التركية نصيبها من هذه التقلبات حيث ارتفعت قيمة الدولار في وقت قصير أكثر من 10 بالمئة أمام الليرة التركية، وعلى ما يبدو سيستمر ارتفاع الدولار هذا، ولكن بتدخل البنك المركزي التركي هدأ الوضع الآن.

ووسط كل هذه التطورات في تركيا يشهد العالم حروبا في أسعار الدولار والفائدة والتضخم ومعدل صرف العملات وعلى الأغلب ستستمر خلال عام 2015.

ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار الانخفاض الحاد في أسعار النفط وما رافقه من انخفاض في سعر الروبل الروسي قرابة مئة بالمئة، كذلك اكتشاف أكبر احتياطي من النفط في أمريكا خلال الـ80 عام الماضية.

وفي الوقت الذي تصل فيه الصين إلى الحدود الدنيا من النمو وتعلن عن سياسة التباطؤ التدريجي في النمو، يصدر الاتحاد الأوروبي تصريحات متفائلة عن هدفه في الوصول إلى نمو بنسبة 1 بالمئة في عام 2015، وأكثر من 2 بالمئة في 2017.

وأصبحت مناقشات "الفساد" حديث الساعة في البرازيل التي تشبه تركيا في سياساتها الاقتصادية في الأيام الأخيرة.

وأدت التطورات السياسية في البرازيل إلى انخفاض حاد في أسهم شركة النفط "بتروبراس" مما أدى إلى زيادة التضخم والفائدة في البلاد.

في خضم هذه التطورات العالمية في أسواق المال تعيش تركيا فترة هامة في انتخابات حزيران/ يونيو المقبل، كما تقطع شوطا كبيرا في عملية المصالحة الوطنية مع الأكراد التي ستعود بفوائد ليست سياسية فحسب بل اقتصادية عظيمة على البلاد.

فالنزاع الدامي الذي استمر على مدى عشرين عاما سبب في هدر ملايين الدولارات فضلا عن الإهمال الذي تعرضت له الأراضي الخصبة شرق تركيا من قبل المستثمرين، فلم تأخذ المنطقة حقها على مدى تلك السنوات على الرغم من الطاقات الكبيرة الكامنة واليد العاملة الرخيصة.

وتركيا التي تدرك هذه الحقائق أعلنت الأسبوع الفائت مشروع جنوب شرق تركيا الكبير "غاب (GAP)" الذي يعتبر خطوة كبيرة لفتح استثمارات كبيرة في المنطقة التي أخافت المستثمرين على مدى أعوام طويلة. وهذه خطوة كبيرة على صعيد التطور الاقتصادي ونتيجة لجعل السلام والأمن مستتبا.

وستصبح المنطقة التي استنزفت خزينة الدولة على مدى أعوام طويلة عنصرا هاما مساهما في تطوير اقتصاد تركيا بالاستثمارات العامة والخاصة، وهذا مدعاة للفخر.

ويمكن إدراج أهداف مشروع "غاب" التي أعلنتها الحكومة كما يلي:

-         سيتم ما بين 2014-2018 تطوير البنية التحتية للمواصلات والري والصناعة.

-         تطوير طاقات خدمات المؤسسات المحلية.

-         استقطاب المواطنين إلى مدن جنوب شرق تركيا بتحسين ظروف الحياة فيها.

-         رفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية.

-         رفع معايير البتى التحتية للبناء والمواصلات إلى أعلى المستويات.

-         إجراء دراسة للنسيج الثقافي والطبيعي.

-         تأسيس مراكز لوجيستية.

-         تطبيق تقنيات ري حديثة.

-         عمل منتجات منافسة.

-         توسيع إمكانيات السوق.

-         توسيع الموارد البشرية وطاقات المؤسسات.

وفي النهاية يمكن القول أن جنوب شرق تركيا سيقدم إمكانيات هائلة للاستثمارات خلال الأعوام الـ10 القادمة.وعندما تعمل تركيا على تنمية اقتصاد هذا الكنز الثمين الدفين  ، تكون قد اطلقت العنان لحملة "إقلاع " جديدة.

عن الكاتب

د. أيوب فورال أيدن

رئيس مجموعة بي أتش دي للاستشارات الاقتصادية PhD Consulting


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!