ترك برس

كانت الحصة الأكبر من النجاح والازدهار الذي عاشته تركيا في ظل النمو الاقتصادي في السنوات العشر الأخيرة من نصيب من نصيب الشركات المتوسطة والصغيرة. إذ تضاعف إنتاجها وبيعها لمنتجاتها وسارت خطوات أسرع نحو اتخاذ طابع مؤسسي والانفتاح على الأسواق العالمية.

عندما نخوض في الحديث عن اتحاد الشركات والتحامها في بوتقة واحدة (أو ما يسمى بزواج الشركات) أول ما يخطر على بالنا هو الشركات الكبيرة.

كان من المتعارف عليه أن الشركات الكبيرة التي تحولت إلى مؤسسة أو قاربت على ذلك والتي انفتحت على السوق العالمية والتي تجاوزت أرباحها وعدد العاملين فيها حدا معينا هي فقط من تجري لقاءات مع مستثمرين أجانب وهي فقط من تعقد صفقات للاتحاد مع شركات أخرى.

ولكن في السنوات الخمس الأخيرة تغير هذا الأمر، فقد أصبحت رؤوس الأموال وعلى الأخص الخليجية منها، تبحث عن الشركات المتوسطة والصغيرة لكي تستثمر أموالها، وما الإقبال الخليجي على شراء هذه الشركات أو المشاركة بحصص منها إلا دليل على ذلك.

وشهد العام الماضي بيعا لشركة M&A التي توسعت وزاد عدد شركائها، وبالنظر إلى تفاصيل سجلات الشركة نجد ما يثبت لنا الطلب المتزايد على الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما أجرت شركة  E&Y في عام 2013 وفق ما ورد في ملفاتها وتقاريرها 336 صفقة بيع وعملية اتحاد.

هناك وجهان للعملة، وجه المنتجين في تركيا ووجه المستثمرين الأجانب وعلى رأسهم المستثمرون الخليجيون.

تتمتع تركيا بميزة كبيرة، وهي موقعها الجغرافي وهذه الميزة تخدم المنتجين، فهي تمكّنهم من الوصول إلى عدد كبير من الأسواق الواسعة في وقت قصير للغاية. وهذا يفيد في تسويق المنتجات قصيرة العمر مثل الفواكه والخضار والمواد الغذائية من طعام وشراب، ويوفر ثمن التخزين، إذ تكاد تصل كلفة تخزينها إلى كلفة قريبة من إنتاجها كما توفر في كلفة الشحن.

كل هذه الميزات تساهم في تطور القطاع الصناعي في تركيا الّتي تتمتع بمناخ مناسب وتوفر المواصلات من طرق ومرافئ بحرية سهلة الوصول كما لا تخفى على أحد أهمية وجود الناس المؤهلين والكفء مهنيا الموجودون في تركيا والذين يشكلون سببا آخر في تفضيلها وعدم حصول مشاكل في العمل.

تأتي قطاعات صناعة الأثاث والسيارات والمنتجات الزراعية والبرمجة على رأس القطاعات التي تتم فيها الاتحاد مع الشركات التركية.

ولكن موضوعنا الأساسي لهذا الأسبوع هو التعاون مع الشركات المتوسطة والصغيرة والذي لا زال في نطاق صغير ولا يمكن الإفصاح عنه بنسبة مئوية.

لم يعد المستثمر الخليجي يميل إلى مشاريع الإنشاءات وقطاع البناء، بل بدا الإقبال واضحا على عمل استثمارات في الشركات المنتجة الصغيرة التي تحمل في طياتها إمكانيات كبيرة في التطور والتوسع ولكنها لم تتخذ الطابع المؤسسي بعد وتحتاج إلى بضع سنوات من أجل ذلك.

والنقطة الهامة الأخرى التي يمكن ذكرها هنا أن الشركات المتوسطة والصغيرة التركية جاهزة فكريا وبشكل تام لعمل شراكة أو اتحاد مع شركات أخرى في حين أن هذه الشركات القابلة للانفتاح على السوق العالمي أو لمضاعفة إنتاجها في السوق المحلي تبقى غير قادرة على تحقيق قفزة من هذا النوع بسبب عدم وجود تمويلات استثمارية.

على ضوء هذا نرى أن التعاون يعود بالفائدة على الطرفين المستثمر والشركة كل ما يجب فعله هو زيادة حجم التعاون مع الشركات المتوسطة والصغيرة وتوجيه المستثمرين إلى القطاعات الصحيحة وإلى الشركات الصحيحة.

وبهدف خلق فرص التعاون هذه يجب أن يتم تنظيم لقاء المستثمرين الذين يتم اختيارهم بعناية مع الشركات التي تحمل المواصفات المطلوبة بشكل دوري ليجري بينهم لقاء مباشر.

والمرحلة الثانية للتعاون بين الشركة التركية والمستثمر هي الانفتاح على بلد المستثمر تحت شعار "اعرف كيف (know how)". وسنتكلم عن ذلك في المرة القادمة.

عن الكاتب

د. أيوب فورال أيدن

رئيس مجموعة بي أتش دي للاستشارات الاقتصادية PhD Consulting


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!