ترك برس

تساءلت صحيفة عربية عن مدى إمكانية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتلبية دعوات الأحزاب التركية المعارضة المطالبة بالتطبيع مع رئيس نظام الأسد في سوريا، خاصة في مسألة شرق الفرات.

وأشارت صحيفة "عربي21" في تقرير لها إلى تصاعد أصوات من داخل المعارضة التركية، المطالبة بإعادة العلاقات مع دمشق "لتجنب خطر الوحدات الكردية" شرق الفرات في ظل المماطلة الأمريكية في تأسيس المنطقة الآمنة كما ترغب أنقرة.

ولفت التقرير إلى مطالبة زعيم حزب السعادة، تمل كارا موللا أوغلو، في لقاء جمعه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بضرورة الانفتاح مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد.

وذكرت وسائل الإعلام التركية، أن كارا موللا أوغلو، قال لأردوغان، إن كان لا يريد التحدث مباشرة مع بشار الأسد، فهناك مصلحة ضرورية في التواصل معه، في ظل التطورات المتصاعدة في شرق الفرات.

وفي وقت سابق، جدد زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، دعوته لحكومة بلاده التعاون مع النظام السوري.

وبحسب الصحيفة، حراك المعارضة التركية، اللافت "جاء بالتزامن مع التهديدات التركية بشن عملية عسكرية شرق الفرات للقضاء على أوكار الوحدات الكردية، والتي تعتبرها أنقرة مصدر تهديد لأمنها القومي".

أستاذ العلوم السياسية، محمد خيري كرباج أوغلو، قال إن الرئاسة التركية تدرك جيدا أن سياساتها تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والأزمة السورية بشكل خاص يشوبها الخطأ.

وأضاف في حديثه للصحيفة، أن مبادرة أحزاب المعارضة وتحالف الشعب خاصة، في إعادة التطبيع مع النظام السوري، أمر ايجابي وفيه مصلحة لتركيا.

ولفت إلى أن زعيم حزب السعادة، كارا موللا أوغلو، لديه علاقات جيدة مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، مشددا على وجود "تلوث معرفي واسع جدا لما يجري في سوريا" على حد وصفه

ورأى أن أحزاب المعارضة ستلعب دورا تأسيسيا في تطبيع العلاقات مع النظام السوري، مؤكدا على ان مبادرة قرة ملا أوغلو، تحمل عناوين حول ذلك.

وأوضح أن قوى المعارضة قد تقوم بتبادل الأدوار مع الرئيس التركي، باتخاذ خطوات للأمام تجاه النظام السوري، يتجاهل فيها الحزب الحاكم بتركيا تلك الخطوات، ليظهر بعد ذلك في أي خطوة تطبيعية مع النظام، بأنها تأتي بعد ضغط من المعارضة.

ونوه إلى أن هناك مشكلات ظهرت مؤخرا في تركيا، أهمها مشكلة ملف اللاجئين السوريين، ما يصعب على أنصار حزب العدالة والتنمية الدفاع عن السياسة التي يعتمد عليها الرئيس أردوغان تجاه الأزمة السورية.

وحذر الكاتب التركي، من مخططات استعمارية في المنطقة، تؤثر على تركيا، مشددا على أنه لابد من بذل قصارى الجهود في مواجهة تلك المخططات التي تؤثر على رفاهية المنطقة بكافة أطيافها وهوياتها.

وأشار إلى أن قوى المعارضة التركية، مع فكرة إعادة سيطرة النظام السوري على شرق الفرات، وضد التواجد الأمريكي، الذي يقف وراء الكيان الكردي هناك.

بدوره قال الكاتب المختص بالشأن التركي، سعيد الحاج، إن هناك دعوات مستمرة من المعارضة التركية، وتحديدا حزب الشعب الجمهوري، تضغط على الرئيس أردوغان، والحزب الحاكم في إعادة العلاقات مع النظام السوري.

وأضاف أن حزب الشعب الجمهوري، لديه نظرة مختلفة تجاه الأزمة السورية، وأعلن كثيرا أنه يقف مع نظام الأسد، مشيرا إلى أنه مؤخرا أضيف لموقف "الشعب الجمهوري"، أحزاب وشخصيات أخرى.

وأوضح أن الأولوية التركية منذ سنوات في القضية السورية، عدم تشكل كيان سياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي، الامتداد السوري لمنظمة العمال الكردستاني، قد يتحول لقنديل (شمال العراق) آخر في سوريا، يهدد الأمن القومي التركي، ويعقد المسألة الكردية داخل البلاد.

وأضاف أنه وفق هذه الأولوية، فإن تركيا بحاجة لقوى أخرى تساعدها لمنع ذلك، ومن هذا الاتجاه يرفع شعار "وحدة الأراضي السورية" لرفض التمزيق والانقسام فيها.

ولفت إلى أن هناك الكثير من المقاربات من أحزاب سياسية وشخصيات وكتاب، يرون أن الطريق الأنجع لمنع هذا التصدي والتقسيم، هو التعامل مع النظام السوري، باعتبار أنه قادر على ذلك، وخاصة في ظل التطورات الأخيرة وسيطرته على الكثير من الأراضي السورية.

وأشار إلى أنه في ظل الدعم المقدم من الولايات المتحدة لتلك الوحدات الكردية، تتعدد الأطراف الرافضة لهذا المشروع، ومنها روسيا وإيران، إلى جانب الأصوات التركية الأخيرة، والتي تأتي في سياق ما تحدث به زعيم حزب السعادة الذي قال إنه ليس من الضرورة أن يقابل أردوغان الأسد، بل بإمكان الدولة التركية التحدث مع النظام، باعتبار أن ذلك يحفظ الأمن القومي التركي، ويحقق هدف منع الدويلة الكردية.

ونوه إلى أن أنقرة لا تنفي أنه يوجد علاقات وتواصل مع النظام السوري، مبينا أن ذلك يحصل بمستوى متدن، وخاصة على الصعيد الاستخباراتي، وقد صرحت بذلك سابقا.

وأكد الحاج، أن تركيا لا تريد فتح علاقات سياسية مباشرة مع النظام السوري، في هذا الوقت، لأسباب عدة؛ منها: السقف التركي العالي جدا، والذي يرفض شرعية الأسد بسبب ما فعله في بلاده.

أما السبب الآخر، فإن تركيا تحقق ما تريده من النظام السوري عبر روسيا، لذلك هي غير محتاجة للتعامل معه مباشرة.

وسبب آخر، بحسب رأي الكاتب المختص، فإن أنقرة لا تريد أن تتعامل مع النظام السوري كـ"ند"، وكأن شيئا لم يكن، وبالتالي يكون للنظام شرعية يطالب من خلالها أنقرة بالانسحاب من الأراضي السورية.

ورأى أن السياقات والضغط الداخلي التركي على أردوغان، إلى جانب الضغط الروسي والإيراني يسير بهذا الاتجاه، كما أن منطق الأمن القومي لتركيا، قد يلتقي مستقبلا مع رؤية النظام ونظرته تجاه الوحدات الكردية، ما يغذي فكرة أن يكون هناك رفع لمستوى التواصل بين أنقرة ودمشق، إلا أن الظروف الحالية لا تسمح بعد بذلك.

ولفت إلى أن أنقرة تدرك أنها في نهاية المطاف، سيكون في المستقبل تعامل مباشر مع دمشق، والطريق نحو ذلك يسير بشكل متدرج وبطيء.

ورأى الحاج، أنه في حال حصول حدث ميداني كبير، أو حل سياسي بالحد الأدنى يرضي المعارضة ببقاء الأسد بالسلطة، فإن العلاقات بين أنقرة ودمشق قد تتطور.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!