ترك برس

أشار تقرير موسع لوكالة رويترز الدولية إلى ارتفاع شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في البلاد، وظهور شروخ بين خصومه، عقب عملية "نبع السلام" التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شمالي سوريا.

وقالت الوكالة إن العملية التركية، منحت أردوغان دفعة في استطلاعات الرأي وكشفت عن شروخ محتملة في تحالف سياسي غير رسمي نسب لنفسه الفضل في تحقيق انتصارات مفاجئة على حزبه الحاكم في انتخابات محلية هذا العام.

ورأت أن العملية العسكرية في شمال شرق سوريا، جاءت "بعد شهور شهدت ركودا في شعبية أردوغان الذي بدا أنه في موقف ضعيف بعد أن خسر حزبه حزب العدالة والتنمية السيطرة على أكبر مدينتين في تركيا للمرة الأولى منذ ارتقى مقاعد السلطة في 2003".

وبحسب الوكالة، قال نواب معارضون إنهم يشتبهون في أن الدافع الرئيسي وراء قرار أنقرة شن هجمات عبر الحدود على تنظيم "وحدات حماية الشعب - YPG" هو تحسين وضع أردوغان السياسي في الداخل. وتنفي الحكومة ذلك.

وكانت شعبية أردوغان قد تعرضت لضغوط بعد أزمة العملة التي شهدتها البلاد في العام الماضي وتسببت في ركود أدى إلى ارتفاع شديد في معدل البطالة وأثار انتقادات من أعضاء سابقين بارزين في حزب العدالة والتنمية يتوقع أن يطلقوا أحزابا جديدة قريبا. تضيف "رويترز".

غير أن استطلاعات الرأي تظهر أن ثلاثة أرباع الأتراك يؤيدون العملية في سوريا الذي بدأ في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول وذلك رغم الإدانة الدولية بما فيها إدانات حلفاء أنقرة في حلف شمال الأطلسي.

ويبين استطلاع أجرته مؤسسة "متروبول" أن شعبية أردوغان ارتفعت في الشهر الماضي إلى 48 في المئة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ فترة قصيرة قبل ذروة أزمة العملة العام الماضي. وبلغ معدل استهجان أدائه أدنى مستوياته منذ محاولة الانقلاب التي وقعت في العام 2016.

وتقول أنقرة إن "YPG" تنظيم إرهابي تربطه صلات بمسلحي "حزب العمال الكردستاني - PKK" في تركيا. وقد أبرمت اتفاقات مع موسكو وواشنطن لإبعاد مقاتلي "YPG" عن المنطقة الحدودية رغم أنهم ظلوا لسنوات حلفاء للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

دفعت العملية في سوريا حزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي إلى مأزق. فقد جعله التأييد المشروط للعمل العسكري على خلاف مع حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يزعم الدفاع عن الأكراد، وساعده في الفوز برئاسة البلدية في كل من إسطنبول وأنقرة.

وفي وقت سابق من العام الجاري، عرض حزب الشعوب الديمقراطي تأييدا خارجيا لتحالف من حزبي الشعب الجمهوري والحزب الصالح وهو حزب قومي. 

ويعارض هذان الحزبان ما يرون أنه "حكم استبدادي" من جانب أردوغان، وتسبب الاثنان في هزيمة منكرة له في انتخابات محلية في شهري مارس/ آذار ويونيو/  حزيران. وفق تعبير الوكالة.

وأي انقسام في صفوف هذه الأحزاب سيكون مكسبا لأردوغان، وذلك رغم أن أحد نواب حزب الشعوب الديمقراطي قال إنه يتوقع أن يستمر التعاون فيما بينها.

وقال سيزجين تانريكولو الذي يعارض العملية العسكرية في سوريا "من الواضح أن هدف (أردوغان)... هو هدم هذا التحالف الداعم للديمقراطية الذي شكله حزب الشعب الجمهوري... وإضعاف العلاقة التي كونها مع الناخبين الأكراد".

وأضاف "خلق ذلك شعورا بخيبة الأمل لكن في رأيي أن هذا ضرر يمكن إصلاحه. وستكون الفترة المقبلة فترة ستتأسس فيها من جديد علاقة الثقة".

وتعليقا على تحسن شعبية أردوغان قال لطفي تركان نائب رئيس الحزب الصالح، إن مؤسسات استطلاع الرأي تخلط بين تأييد القوات وتأييد الرئيس.

وأضاف "الجنود نجحوا إلا أن الساسة والدبلوماسيين لم يحققوا شيئا حتى الآن" في سوريا.

لكن تركان رفض أيضا انتقادات حزب الشعوب الديمقراطي للعملية العسكرية وقال إن "تصريحات حزب الشعوب في هذا الأمر ليس لها معنى بالنسبة لنا" لأن إبعاد الإرهابيين عن حدود تركيا مسألة تتعلق ببقاء الدولة.

ولحزب الشعب الجمهوري والحزب الصالح 139 مقعدا و39 مقعدا على الترتيب في البرلمان التركي البالغ عدد مقاعده 600 مقعد. 

وأيد الحزبان تفويضا لتمديد العمليات العسكرية في سوريا والعراق في حين عارضه حزب الشعوب الديمقراطي باعتباره "انتهاكا للقانون الدولي". ولحزب الشعوب 62 مقعدا في البرلمان.

ولا تتحمل المعارضة تفتيت صفوفها إذا كانت تأمل أن تتحدى أردوغان في انتخابات على مستوى البلاد في ضوء تأييد نحو نصف الأتراك له بقوة منذ سنوات.

وقال مصدر مقرب من حزب العدالة والتنمية "سيكون في غاية الأهمية تحديد من يقف مع من" في الانتخابات المقبلة مضيفا أن "ثمة تحسنا في العلاقة بين الحزب الصالح وحزب العدالة والتنمية".

وسبق أن نفت ميرال اكشينار رئيسة الحزب الصالح تقارب الحزبين.

وتأكيدا للمأزق الذي يواجهه حزب الشعب الجمهوري أظهر استطلاع تناقله أعضاء الحزب أن حوالي 46 في المئة من ناخبيه إما يعارضون العملية العسكرية في سوريا أو لم يحسموا رأيهم بعد.

وقد أيد حزب الشعب الجمهوري العملية في الوقت الذي أبرز فيه خلافات في السياسات مع حزب العدالة والتنمية بما في ذلك الدعوة للحوار مع دمشق.

وقالت ميرال دانيس بشطاش النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي "هذا التأييد (من حزب الشعب الجمهوري) كان شريان حياة لحزب العدالة والتنمية. فهذا ما كانوا يريدونه وهو ما حصلوا عليه".

وأضافت أن حزبها سيتعين عليه الآن أن يبت في أمر تعاونه مستقبلا مع الأحزاب الأخرى. وفق "رويترز".

وكان الجيش التركي قد شن عمليتين أخريين في شمال سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي أعقاب كل عملية كان الأتراك يتوجهون إلى صناديق الاقتراع وذلك للمشاركة في استفتاء في 2017 وفي انتخابات على مستوى البلاد في 2018.

وقال أونال جيفيكوز، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري "هذا النمط يشير إلى أن هذا هو الدافع الرئيسي وراء المهمة" العسكرية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!