تقرير ترك برس - ديلي صباح

شهد الاحتفال بعيد النوروز (قدوم الربيع) في مدينة "ديار بكر" جنوب شرقي تركيا لهذا العام حدثاً تاريخياً تمثّل في قراءة رسالة لزعيم تنظيم حزب العمال الكردستاني المحظور (بي كي كي) عبد الله أوجلان المسجون في جزيرة إمرالي مدى الحياة، طالب فيه تنظيمه بعقد مؤتمر لإلقاء السلاح ضد الحكومة التركية.

قرأ الرسالة كل من النائبة من حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) "بروين بولدان" والنائب "سرّي سريا أوندر" باللغتين التركية والكدية، حيث تجمّع الآلاف للاحتفال بالنوروز. ولاقت الرسالة ترحيباً من عدد من الأطراف السياسية في تركيا باعتباررها تطوراً أساسياً في دعم عملية المصالحة الوطنية التي بدأتها حكومة حزب العدالة والتنمية.

إلا أنّها لاقت انتقاداً من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال إنّ تصريح أوجلان ودعوته ليسا مقبولين كجزء من خطاب ديمقراطي طبيعي.

ساهمت هذه الخطوة التاريخية في فتح صفحة جديدة في عملية السلام الداخلي لإنهاء الصراع بين الحكومة التركية والتنظيم المحظور المستمر لأربعة عقود، حيث ستتحول المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون للتنظيم إلى حركة سياسية تناقش مطالبها  دون تهديد السلاح.

وقد وقفت أحزاب المعارضة التركية، ما عدا حزب الحركة القومية (MHP)، مع عملية المصالحة التي أطلقتها الحكومة التركية بهدف ترسيخ الديمقراطية. إلا أنّ حزب الحركة القومية كان ولا زال يتحرك ضد التفاوض مع منظمة كانت تسعى في السابق لاقتطاع رقعة أرض من تركيا والانفصال عنها.

ذكر أوجلان في رسالته: "أعتقد أنّ من الضروري والتاريخي لتنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) أن يُنهي الصراع المسلح الذي استمر 40 عاماً ضد الجمهورية التركية وأن يعقد مؤتمراً لتأكيد روح المرحلة الجديدة".

شدّد النقّاد مؤخرا على التقدّم الذي حقّقته عملية المصالحة باسم إيجاد السلام مع المجموعات المسلحة، واعتبروا الدعوة لنزع السلاح من قبل زعيمها خطوةً تاريخية، مع وصول جهود المصالحة إلى نقطة لم تكن متخيّلةً في السابق بالنظر إلى الخسائر التي تكبّدتها الدولة التركية والشعب التركي من جراء الصراع.

تتوجّه كل الأنظار الآن إلى التاريخ الذي سيُعقد فيه اجتماع (بي كي كي) حيث سيناقش التنظيم كيفية وموعد إلقاء السلاح. وفي رسالته قال أوجلان: "ينبغي أن يلتئم مؤتمرنا ويبدأ عهداً جديداً. بداية عهد جديد مبني على المواطنة الدستورية التي تمنح المساواة وحرية الحياة. إنّنا ننتقل من عهد الصراع إلى عهد السّلام".

أردوغان يختلف مع إعلان المصالحة

بنى أوجلان قراره على التوافق الذي توصلت إليه الحكومة التركية مع نواب حزب الشعوب الديمقراطي في قصر "دولما بهتشة" في إسطنبول بتاريخ 28 شباط/ فبراير الماضي.

وعلى الرغم من ذلك، صرح الرئيس أردوغان بأنّه لا يوافق على هذه التصريحات المتزامنة من قبل نائب رئيس الوزراء "يالتشين أكدوغان"، ووزير الداخلية "إفكان ألا"، والنائب في البرلمان من حزب الشعوب الديمقراطي "سرّي سريا أوندر" في مكتب رئاسة الوزراء بقصر دولما بهتشة المتعلقة بإعلان المصالحة الذي يضمّ عشر نقاط. وذكر أنّ محتوى الإعلان كان بعيداً كلّ البعد عن الديمقراطية.

وأشار أردوغان في تصريح صحفي بطريق عودته من أوكرانيا أمس الأحد إلى أنّه يعارض الإعلان كما يُعارض إنشاء لجنة مراقبة لعملية المصالحة. وقال: "أي جزء من النصّ يمكنني الموافقة عليه باسم الديمقراطية؟".

وجدّد الرئيس التركي تأكيده على أنّه ضدّ إنشاء لجنة مراقبة وأنّه ليس هناك اتّفاق يُحتّم مناقشة كل موضوع في كل وقت بين الحكومة والرئيس، ممّا يعني أنّ الحكومة شرعت بالعمل في المسائل المذكورة آنفاً دون التوصل إلى تفاهم مشترك معه.

وأعرب أردوغان عن تمنّياته بأن يكون النوروز وسيلة لتقوية الأخوّة وبيئة السلام، وقال: "يجري الاحتفال بعيد النوروز لآلاف السنوات، باسم الوحدة، والتضامن والأخوّة التي يرمز لها من خلال صحوة الربيع"، مشيراً إلى إرادة الدولة لبناء مستقبل مشترك.

ومن جهته، أطلق رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو دعوة لدفن الكراهية، والعداوة، والعنف والسلاح إلى الأبد. وذكر أثناء حديثه في فعالية للاحتفال بالنوروز أنّ هذا العيد يمثّل بداية جديدة، مشيراً إلى أنّ ثلاث مبادئ ينبغي أن تؤسّس بوصول الربيع وتشمل الوحدة والوئام والإخاء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!