أوزان جيهون - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

أصيبت الحياة في عدد من المدن الأوروبية مثل لندن وبرمنغهام ومانشستر وأمستردام وغنت وبروكسل وهامبورغ وبريمن وفرانكفورت وغيرها، بالشلل بسبب عاصفة ثلجية هائلة، ولم يتمكن الناس من السفر خلال عطلة نهاية الأسبوع. 

ألغيت مئات الرحلات الجوية عبر أوروبا وخدمات العبّارات في البلدان التي تسببت فيها العاصفة في الفوضى. توقفت القطارات في المحطات، بينما كانت السفن تتجول في الموانئ بحثًا عن الأمان، وأغلقت المدارس مؤقتّا. ولمواجهة هذه الكارثة الطبيعية، كان الاقتراح الوحيد الذي يمكن أن تقدمه أكثر البلدان تقدمّا تقنيّا في العالم هو أن يظل مواطنوها في منازلهم.

على الرغم من أن مواطني تركيا يتعاطفون مع مشاكل الجيران الأوروبيين، فإن المشكلة الحقيقية في أوروبا ليست العواصف الشتوية الشديدة؛ لأن العواصف تأتي وتذهب، وسوف تتعافى الدول الأوروبية من الضرر الناتج عنها. بيد أن الخطر الحقيقي الذي ينتظر أوروبا لم يأت بعد.

لا تزال أوروبا غير مدركة وغير مبالية بتدفق جديد لنحو 3 ملايين لاجئ في طريقه حاليًا من سوريا. لا ينبغي للاتحاد الأوروبي الذي أخفق حتى الآن في الوفاء بوعوده لتركيا فيما يتعلق باللاجئين، الاعتماد على تركيا هذه المرة. تُضيف تركيا وحدها أكثر من 4 ملايين لاجئ من سوريا. أما الآن فقد وصل 3 ملايين شخص إما إلى الحدود التركية أو يقتربون منها.

لم تعد تركيا هدفًا لهذه الموجة الجديدة من الهجرة. يعلم اللاجئون جيدًا أن تركيا لا يمكنها استيعاب 7 ملايين لاجئ. للاجئين هدف واحد فقط: الوصول إلى الدول الأوروبية الغنية. لقد فعلوا ذلك في عام 2015 عندما وصلوا إلى أوروبا الغربية من خلال اكتشاف طرق هروب جديدة وتوجيه مجموعات من اللاجئين بالهواتف المحمولة.

شهدت كثير من المدن الأوروبية، مثل برلين، وباريس، وبروكسل، وكوبنهاغن، وفيينا، وأمستردام، وفرانكفورت، وكولونيا، وهامبورغ، وروتردام، وسالزبورغ، وغنت حالات تدفق متباينة. وإذا لم تكن ترغب في حدوث ذلك مجددًا، فيجب عليها اتخاذ الاحتياطات اللازمة للموجة الجديدة التالية.

قد يكون من المفيد التخطيط لأي صالات رياضية أو مدارس أو رياض أطفال أو غيرها من المباني الحكومية التي ستقدمها للاجئين.

سيكون من الصعوبة البالغة على تركيا واليونان ودول أوروبا الشرقية الأخرى منع موجة الهجرة الجديدة. ما يقرب من 3 ملايين لاجئ جديد في الطريق، في حين أن 4 ملايين لاجئ في تركيا لن يفوتوا فرصة الانطلاق نحو أوروبا، إذا أتيحت لهم الفرصة. وبصرف النظر عن جزيرة  إيجة اليونانية ومخيمات اللاجئين، فإن المدن اليونانية لن تكون قادرة على مواجهة هذه الموجة الجديدة من الهجرة. وحتى لو أغلقت الحدود مع بلغاريا أو المجر من خلال إجراءات عسكرية، فسيكون من الصعب عليها منع موجة الهجرة هذه.

ربما يغادر مئات الآلاف من اللاجئين وليس الملايين تركيا ويتوجهون إلى أوروبا الغربية، ولا يمكن للجيش التركي ولا الشرطة التركية اللجوء إلى العنف ضد هؤلاء اليائسين.

هناك جماعات ضغط فعالة وقوية لشركات الطاقة وصناعة السيارات وقطاع الطيران والتبغ وقطاع الكحول وكثير من القطاعات الأخرى في البرلمان الأوروبي أو في البرلمانات الوطنية لعواصم الاتحاد الأوروبي. يقوم أعضاء البرلمان والصحفيون بتعبئتهم عند الضرورة. وفي المقابل، فإن اللاجئين وحدهم ليس لديهم جماعة ضغط. إنهم مهمَلون ويائسون.

كانت تركيا الدولة الوحيدة حتى الآن التي احتضنت اللاجئين السوريين. كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحكومته هم من طلبوا واقترحوا اتخاذ تدابير من أجل اللاجئين على المنصات الدولية. زار وزير الخارجية، مولود تشاووش أوغلو، حميع العواصم تقريبا وحضر كثيرا من الاجتماعات الدولية ، وشرح قضية اللاجئين والخطوات التي يجب اتخاذها بشكل عاجل.

ورغم ذلك ، تظل جميع العواصم الأوروبية ، وخاصة دول الاتحاد الأوروبي ، غير مبالية.

على أن الوضع في إدلب خطير للغاية، إذ يضغط عليها النظام السوري، ويقصف المدينة بالطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات والمدافع. ولهذا فإن إعلان تركيا بأن : "لا يمكن لأحد استيعاب ملايين اللاجئين إذا سقطت إدلب" ليس تهديدًا بل حقيقة.

تتخذ تركيا حاليا جميع التدابير العسكرية المطلوبة، وسوف تتدخل، إذا لزم الأمر، لحماية حياة الملايين من الناس.

لم تعترف أوروبا بعد بإمكانية حدوث تدفق جديد للاجئين وأزمة سياسية محتملة. لذلك ، سيكون الأوان قد فات إذا لم تقف أوروبا إلى جانب تركيا.

من أجل وقف هجوم النظام السوري على إدلب ، يجب ممارسة الضغط.  وإذا لم يكن هذا كافياً ، يجب اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لدعم  تركيا. من الضروري تقديم المساعدة المالية للأشخاص الذين يقاتلون من أجل حياتهم في ظروف الشتاء الصعبة على الحدود التركية وفي المناطق الخاضعة لحماية تركيا.

يجب أن تقنع مفوضيةُ الاتحاد الأوروبي قادةَ الاتحاد باتخاذ الخطوات اللازمة في أقرب وقت ممكن. ومرة أخرى ، نذكّر ونحذر من أنه لن يكون من الممكن منع موجة الهجرة الجديدة بتصريحات تدين النظام السوري

عن الكاتب

أوزان جيهون

نائب في البرلمان الأوروبي للدورتين الرابعة والخامسة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس