محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

تتوالى خيبات الأمل عند المكون التركماني نتيجة التهميش الواضح المتتالي في كل كابينة وزارية تنتظر أن تتشكل في الدولة العراقية.

ورغم أن الحديث عن مرارة الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق بصورة عامة يتطلب الكثير من الفهم الحقيقي ومعرفة سبب الانهيار الحتمي لكل قطاعات الدولة العراقية سواء أكانت نتيجة سوء الإدارة أو بسبب التدخلات الخارجية.

وحتما أن كل تراكمات السلبيات التي أنتجت منذ عام 2003 ولحد الآن توحي تماما بأن الأيادي الخفية والتي تعمل في الظلام كانت وراء تلك السلبيات وما نتج عنها من فوضى عارمة أوصلت البلد إلى ما هو عليه الآن من وضعية اللادولة واللاعدالة واللامؤسساتية وغابت فيها الحقوق والاستحقاقات بكل أشكالها وأصبح الحصول على الاستحقاقات يتطلب نوعا من المواصفات لم تكن معهودة في العراق وهي خارج إطار القانون الإنساني والدولي والمجتمعي وبالتاكيد فإن من حق التركمان في كل أرجاء العراق أن يتساءلوا عن أسباب الإخفاقات المتتالية في الحصول على حق من الحقوق المشروعة من ممثليهم في الأحزاب التركمانية والجبهة التركمانية العراقية وممثلي المكون التركماني والمؤسسات التركمانية.

ولسنا هنا في وارد الدخول إلى مساجلات عقيمة ولكننا نؤكد أن تغيير الحال هو السبيل الوحيد للخلاص من الاندحار والتهاون والضعف.

فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والآية الكريمة العظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يغير ما بقوم من خير إلى شر ومن شر إلى خير ومن رخاء إلى شدة ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم وهو القادر على كل شيء، ولكن تقتضي الحكمة الإلهية لتقديم الأصلح دائما.

فمنذ يوم أمس وبعد الكشف عن أسماء الكابينة الوزارية وخلو تلك الكابينة من أي وزير تركماني بالنسب أو بالمصاهرة والشارع التركماني يبكي خيبته من زعماء وطنه وزعماء جبهته وزعماء أحزابه، وعقب خروج رئيس الجبهة التركمانية على الملأ وأمام عدسات القنوات وهو يطرح مظلومية التركمان الأزلية والدائمة في نهاية كل انتخابات أو تعيينات أو اعتداءات على الحقوق المشروعة والمثبتة دستوريا للمكون الثالث المسالم والمضحي الأول، حيث يتضح لنا انتهاء نفاذ صلاحية الإجراءات القديمة وطريقة التعامل مع الأحداث مما يعني تماما ابتعاد وانعزال معظم المفكرين التركمان عن شؤون ملتهم سواء أكان ذلك ابتعادا قسريا من بعض الجهات داخل المكون التركماني أو اليأس الذي أحاط نفوسهم نتيجة الإخفاقات المتكررة أو انحسار تناول الشأن التركماني بفئة قليلة محددة.

ولنتكلم بهدوء عن أسباب هذه الإخفاقات علنا نصل إلى نتيجة تحتم علينا مراجعتها والقبول بها كإحدى الحلول الجذرية في الدفع والنهوض بالواقع والمسألة التركمانية:

أولا: ليس خافيا على القاصي والداني أن الدهاء السياسي والمجتمعي والتنظيمي والثقافي هي إحدى أهم ركائز قبول أية فئة وبروز شخصياتها كقادة لهم بصماتهم الواضحة والمؤثرة.

ثانيا: في كل التنظيمات والأحزاب والهيئات هناك مؤسسات بحثية تعنى بتقديم المشورة والدراسات والتوصيات وتصدر بعضها على شكل كتيبات ومنشورات للدعاية والدعم والإسناد لذلك الحزب أو تلك الهيئة ويختار هولاء الباحثون من نفس المكون أو من طوائف أخرى تحاول دائما مد تلك الأحزاب والهيئات بالدراسات والتقارير التي تنظم وتطور عملها.

وحقيقة أنا لم أقصد من ذلك أية إساءة ضد جهة معينة ولا تقديم تنبيه أو ملامة وعتاب ولكن القصد هي الدراسة الشاملة للوضع التركماني بصورة عامة قبل أن نحاسب ونستنكر التهميش الواضح والمتعمد للمكون الثالث في العراق.

ثالثا: يجب أن نعترف بأن التهميش المتكرر الذي يحصل لهذا المكون المسالم جدا هو بمثابة الضربات القاضية المتلاحقة في كل النزالات لأنه سينهي فعالية المكون التركماني سياسيا تماما، وهذا هو المطلوب لباقي المكونات التي تحصل على أكثر من امتيازات إن كانت حقائب وزارية أو مناصب عليا في حال إبعاد هذا المكون.

رابعا: والشيء المهم الذي يجب أن يشطب من القاموس السياسي التركماني هي نظرية المؤامرة التي أصبحت كالشماعة التي نعلق عليها خيباتنا المتتالية والمتكررة لأن ليس باستطاعة أية جهة فرض الحصان المريض المتوعك في سباقات الفروسية مثلما ليس باستطاعتهم إنكار الحصن الفائزة بالمراتب الأولى.

وهناك نقطة مهمة قد تبدو ليست لها علاقة بالشأن التركماني ولكن حتى نتعلم من الدروس والعبر:

فمن المعروف أن احتجاجات ساحة التحرير والمستمرة لحد الآن هي أقوى احتجاجات ومظاهرات جرت في تاريخ العراق الحديث بسبب الاندفاع العفوي للمواطن في دعمها بقوة وبشراسة وعدم مبالاة بالقتل العمد والاختطاف والتصفية الجسدية والتي بلغت أكثر من سبعمائة شهيد وآلاف الجرحى. تلك الاحتجاجات كانت تفرض رأيها بأختيار المرشح لرئاسة الوزراء وحتى الوزراء لو كانت ذات قرار موحد وناطق رسمي ومفاوض مهيأ لتمثيلهم.

خامسا: وأكرر أن الجهات السياسية تحاول بكل الطرق من الحصول والاستحواذ على حقوقها وحقوق غيرها لأن طبيعة المنافسة السياسية في العراق لا تحتمل أن تكون داخل قوالب من القوانين الجديدة التي تتعالج في الصالونات والندوات والمؤتمرات بل تتعالج في الساحات والميادين القتالية وتبرز وتنتصر الجهة التي تمتلك تلك المقومات.

سادسا: وفي الختام بقي أن نعلم أن أعمدة البيت التركماني مثلها مثل باقي البيوت العرقية والدينية والمذهبية يجب أن تكون حاضرة دوما في وجداننا وفي نشاطاتنا وترتيب بيتنا، وأن يكون لهم دور حقيقي لانهم مهيؤون لحمل المسؤولية، بالإضافة إلى أن أفكارهم هي شمعة حقيقية لطريق الأجيال اللاحقة مثلما هم داعمون لاستمرار إقامة البيت التركماني.

أتمنى أن يكون ما أكتبه عبرة لنا، وبما أن الحديث عن أعمدة البيت التركماني، وفي هذا لم أقصد النيل من سمو ورفعة الإخوة القادة التركمان وبنفس الوقت ليس دعاية للشخص الذي أقصده ولكنها الحقيقة والحقيقة الواضحة أن أقوى ضربة وجهت للتركمان من داخل العراق كانت في الانتخابات الماضية عندما تم إبعاد بعض رموز التركمان من عضوية مجلس النواب.

ولكن نتساءل ومعي يتساءل كل من يبحث عن الحقيقة، عن سبب عدم قيام القوى والأحزاب التركمانية بالالتفاف ضد من أراد الكسب عن طريق الإضرار بالغير.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس