كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

هل من المشروع أنْ تستخدم الأحزاب السياسية العنف لتحقيق بعض أهدافها السياسية؟ هل من المقبول العمل على تحقيق نتائج سياسية عن طريق استغلال العنف؟ إذا تحول ذلك إلى عادة لدى الأحزاب، ألا يقود ذلك لتكوين تنظيمات عسكرية لتلك الأحزاب؟

كانت الأحزاب السياسية الكردية تتعرض لهذه الانتقادات لسنوات طويلة، فكل تلك الأحزاب السياسية وبدون استثناء استخدمت العنف الذي قام به حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في جنوب شرق البلاد لتحقيق عناصر قوة لها.

ربما نجحوا في وضع تصرفاتهم تلك ضمن قوالب "قانونية"، لكنهم لم يستطيعوا إدراجها ضمن إطار أخلاقي، فممارسة حزب العمال الكردستاني للسياسة بتلك الطريقة لم تكن مقبولة في المجتمع، لهذا ابتعدوا عن مركز القوة، ولحسن الحظ، كان لتغيرات القوى على الساحة الداخلية التركية دور بارز في بقاء السياسة الكردية صامدة بل ونقلتها إلى مركز الحياة السياسية.

***

في الأعوام الماضية، وبدلا من أنْ يصبح حزب الشعوب الديمقراطي هو مركز السياسة الكردية، استطاع حزب العمال الكردستاني باستخدام نفوذه وقوته إلى جعل القوة المسلحة هي أساس العمل السياسي، لذلك وافق حزب الشعوب الديمقراطي على استخدام العف كأداة "مشروعة" لتحقيق أهداف سياسية، وهذا هو السبب الرئيسي الذي منعنا من التوصل إلى سلام وحل للقضية الكردية على مدار العامين الماضيين، فبرغم قرار زعيم المنظمة عبد الله أوجلان منذ عامين بترك السلاح، إلا أنّ النقطة التي وصلنا إليها اليوم تثبت أنّ المنظمة ترى أنها لا تملك أي عنصر قوة سوى سلاحها، لهذا لم تستطع التخلي عنه حتى الآن.

في المقابل لا يوجد هناك اليوم أي حزب غير حزب العدالة والتنمية يرى في اعتماد حزب الشعوب الديمقراطي على قوة السلاح التي يملكها حزب العمال الكردستاني على أنه أمرٌ غير مشروع، فكل الأحزاب الأخرى تسعى إلى الإطاحة وإلى انتقاد حزب العدالة والتنمية سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة، فالمعارضة اليوم بذلك تقبل باستخدام العنف من أجل تحقيق أهداف سياسية داخلية.

ربما لم ترَ المعارضة العنف الناتج عن حزب العمال الكردستاني كافٍ لتحقيق مآربها، لذلك لجئوا إلى احتضان منظمات مسلحة أخرى، ولهذا خرج حزب الشعب الجمهوري  بصورة المؤيد والمبرر لـ"جبهة حزب التحرير الثوري الشعبي" الإرهابية، فمن أجل تحقيق أهداف سياسية لهم، يعملون على الاستفادة من كل منظمة مسلحة، ومن كل عنف وعمل إرهابي، وفي الوقت الماضي كانت الدعوة تتوجه لحزب الشعوب الديمقراطي ممثل الأكراد ليضع مسافة بينه وبين العنف، لكن اليوم نجد أنّ هذه الدعوة من الضروري توجيها لحزب الشعب الجمهوري المعارض.

علينا أنْ ندعو حزب الشعب الجمهوري، وإعلامه ممثلا بصحيفتي الجمهورية والحرية إلى وضع مسافة بينهما وبين الأعمال الإرهابية التي تقوم بها "جبهة حزب التحرير الثوري الشعبي"، فيجب عدم استخدام العنف كوسيلة سياسية لا من المعارضة ولا من غيرها، وعليهم فورا التخلي عن ذلك.

***

وأكبر ما يثير استفزازنا هم أولائك الذين وقفوا ضد حزمة قوانين الأمن الداخلي، والذين ادعوا أنّ ذلك يعني السماح للشرطة بقتل المتظاهرين في الشوارع بصورة عشوائية، أولائك ممثلين بكيليتشدار أوغلو وصلاح الدين دمرطاش، الذين لم يستطيعوا وصف القتلة المجرمين الذين قتلوا النائب العام بصفة "الإرهابيين"، فهؤلاء الذين وجهوا التعازي لقتلة النائب العام، والذين لم يتوجهوا ولم يشاركوا بجنازة النائب العام، كيف لنا أنْ نتحدث ونناقش دورهم وأسلوبهم وتصرفاتهم السياسية؟ لا يوجد حاجة لذلك!

هؤلاء أثبتوا اليوم، عندما لم يشاركوا بجنازة النائب العام، ولم يتخذوا موقفا واضحا وصريحا من الإرهابيين، أثبتوا بذلك أنهم بعيدون جدا عن قيم الديمقراطية، فالموقف الذي اتخذوه يثبت أنهم –للأسف- بعيدون عن الإنسانية، واعتقد أنه لا حاجة للحديث عنهم أكثر، فقد بانوا على حقيقتهم بصورة واضحة وجلية للجميع.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس