ترك برس

على مدى 17 عاما في السلطة، غير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية وجه تركيا الحديثة، ونزع أقفال الحظر على الحجاب في الأماكن العامة، ورفع لواء الدفاع عن التعليم الديني وبنى آلاف المساجد في جميع أنحاء البلاد.

ورد ذلك في تقرير لوكالة رويترز، أشارت فيه إلى حضور أردوغان أولى الصلوات في مسجد آيا صوفيا يوم الجمعة، "متوجا حملته الطويلة لوضع الإسلام في صميم الحياة العامة لجمهورية كانت في السابق موغلة في العلمانية".

وأضاف التقرير إنه في الوقت الذي استبقى فيه الدستور العلماني، الذي صاغه مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، يبدل أردوغان شكل الحياة في البلد الذي كان يقوده أتاتورك قبل نحو قرن من الزمان.

**الحجاب

رفعت تركيا الحظر على ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة في عام 2013، وهو قيد قديم ظل مؤيدوه يعتبرونه رمزا مهما للفصل بين الدولة والدين.

وقال أردوغان الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك إن "تشريعا يستاء منه كثير من الشباب ويتسبب في معاناة شديدة لآبائهم، في حقبة ظلام، يقترب من نهايته".

**التعليم الديني

أعاد أردوغان، الذي قال إن من بين أهدافه صنع جيل من الأتراك "الأتقياء"، الروح إلى مدارس الإمام الخطيب التي تمثل دروس التربية الدينية فيها ما بين ربع وثلث مناهجها الدراسية.

وجرى التوسع في تمويلها، مع بناء عشرات المدارس الجديدة وتخصيص مئات ملايين الدولارات لها، حسبما ذكرت "رويترز" في تقريرها.

كما تغيرت المناهج في المدارس العادية. وأعلنت الحكومة قبل ثلاث سنوات أن المدارس الثانوية ستتوقف عن تدريس نظرية داروين للنشوء والارتقاء والتطور، باعتبارها مثيرة للجدل وصعبة الفهم.

**المساجد

بنت تركيا 13 ألف مسجد منذ تولي أردوغان السلطة، حسبما تظهر بيانات مديرية الشؤون الدينية، ليصل الإجمالي إلى 89259 في العام الماضي.

ومن بين هذه المساجد جامع تشامليجا الأكبر في تركيا والذي تم افتتاحه رسميا في العام الماضي على غرار التصاميم الكلاسيكية للمهندس العثماني الشهير سنان. يطل المسجد على مضيق البوسفور من قمة تل على الجانب الآسيوي من اسطنبول.

وتٌوضع اللمسات الأخيرة على مسجد آخر كبير في ساحة تقسيم بوسط إسطنبول، فيما يضفي صبغة دينية أشد وضوحا على حي يقف فيه نصب تذكاري لأتاتورك.

**الجيش

كان الجيش هو المعقل والحصن المدافع عن قيم أتاتورك العلمانية، وتدخل أربع مرات في أربعة عقود بداء من عام 1960 لإسقاط حكومات تركية. 

وفي تدخل عام 1997، الذي أطلق عليه "انقلاب ما بعد الحداثة"، ساعد الجيش في إرغام رئيس الوزراء الإسلامي في ذلك الوقت نجم الدين أربكان على التنحي.

وخلال حكم أردوغان، دخل مئات كبار ضباط الجيش أروقة المحاكم بتهمة محاولة الإطاحة بحكومته. وبعد أن نجا من محاولة انقلاب عسكري في عام 2016، جرت عملية تطهير شملت الإطاحة بالآلاف من الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى. 

**الكحول

لم يخف أردوغان، وهو المسلم المتدين، أنه لا يشرب الكحول في تناقض شديد الوضوح مع أتاتورك الذي كان يظهر في صوره الفوتوغرافية في غالب الأحيان وفي يده الكأس.

وفرضت حكومة أردوغان ضرائب عالية على المشروبات الكحولية، ووضعت قيودا في بعض المناطق على الشرب في الأماكن العامة، وضيقت الخناق على الإعلانات عنها.

**السياسة الخارجية

سعى أردوغان إلى وضع بلاده، العضو في حلف شمال الأطلسي، في موضع القوة الإقليمية المناصرة لقضايا المسلمين السنة، وندد مرارا بإسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين واحتلالها للضفة الغربية.

وأفضت التدخلات العسكرية التركية في الوقت الراهن في سوريا والعراق وليبيا إلى اتهامات من خصومه بأنه ينتهج سياسة "عثمانية جديدة" لإحياء نفوذ الإمبراطورية الإسلامية في الأراضي التي كانت تابعة لها في الشرق الأوسط.

وصور تغيير وضع آيا صوفيا على أنه إشارة على "عودة الحرية" للمسجد الأقصى في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل.

**التغيرات الاجتماعية

قال أردوغان إن المساواة بين الجنسين شيء يتنافى مع الطبيعة، حيث أن الطبيعة "الحساسة" للمرأة تعني أن من المستحيل وضعها على قدم المساواة مع الرجل. 

وأضاف أنه يجب المساواة بين المرأة والرجل أمام القانون لكن يتعين الاعتراف بأن دورهما مختلف في المجتمع.

واتهمه معارضوه بالتدخل في الحياة الخاصة، من نصيحته للنساء بشأن عدد الأطفال الذين يجب إنجابهم، إلى الهجوم على عمليات الإجهاض والولادات القيصرية التي يعتبرها مؤامرات خفية لعرقلة نمو تركيا.

وتقمع السلطات على نحو متزايد مناسبات المثليين في تركيا، التي لا يجرم القانون فيها المثلية الجنسية رغم الرفض والعداء لها على نطاق واسع. وقال أحد كبار مساعدي أردوغان إن ما أسماها دعاية المثليين تشكل تهديدا خطيرا لحرية التعبير.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!