ترك برس

تشهد منطقة شرقي المتوسط وبحر إيجة، مؤخراً، توتراً إثر مواصلة اليونان اتخاذ خطوات أحادية مع الجانب الرومي من جزيرة قبرص، وبعض بلدان المنطقة بخصوص مناطق الصلاحية البحرية.

وتتجاهل أثينا التعامل بإيجابية مع عرض أنقرة للتفاوض حول المسائل المتعلقة بشرق المتوسط، وبحر إيجة، وإيجاد حلول عادلة للمشاكل، فيما يجدد الجانب التركي موقفه الحازم حيال اتخاذ التدابير اللازمة ضد الخطوات الأحادية. 

وبالرغم أن أنشطة التنقيب، وترسيم الحدود البحرية، ومسألة الجزر المتنازعة وتسليحها في بحر إيجة، تبدو وكأنها أبرز أسباب التوتر والخلاف بين أنقرة وأثينا، إلا أن خبراء يشيرون إلى أن هذه الأسباب الظاهرة ما هي إلا ستار لما تعمل اليونان على تحقيقها.

عضو الهيئة التدريسية بجامعة حسن قليونجو التركية (غير حكومية)، مراد أصلان، شدد على ضرورة عدم تجاهل الخلفية التاريخية للنزاع في شرقي المتوسط، مبيناً أن السمة الأساسية لهذه المرحلة هي الأطروحات التركية القائمة على توزيع ثروات الطاقة للجزيرة القبرصية، بشكل عادل ومتساو.

ونوّه إلى أن اليونان وقبرص الرومية، تطمحان لاستغلال ثروات الطاقة في شرقي المتوسط بأكبر شكل ممكن، بل وتخطي ذلك إلى تحقيق أطماعهما السياسية، فضلاً عن استهدافهما تحقيق سياسات توسعية في بحري إيجة والمتوسط.

وتابع: "نلاحظ أن اليونان وقبرص الرومية يسعيان من خلال اتفاقيات المنطقة الاقتصادية الخالصة في شرقي المتوسط، لتحقيق فكرة ميغالي (Megola İdea)، ورؤية اليونان الكبرى التي تحتل مكانة كبيرة في أذهانهم. مسألة الطاقة جزء من أبعاد هذه المعادلة، ودائماً ما يتم تجاهل بعدها السياسي."

وأردف: " توقيع تركيا اتفاقية بحرية مع ليبيا، وإرسالها سفينة أوروتش رئيس إلى شرقي المتوسط، بمثابة وضع سد أمام تطلعات اليونان السياسية الطوبائية. وهذه مبادرة ذات أهمية كبيرة."

وفكرة ميغالي أو "الفكرة العظيمة" أحد مفاهيم القومية اليونانية التي تهدف لإقامة دولة يونانية تشمل جميع اليونانيين، وكان هذا التطلع القومي يهيمن إلى حد كبير على العلاقات الخارجية للدولة اليونانية في القرن الأول لاستقلالها.

"أصلان" وهو خبير أمني أيضاً لدى وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (غير حكومية)، أشار إلى أنه وعقب اكتشاف أولى حقول الغاز الطبيعي في شرقي المتوسط عام 1999، دعت تركيا البلدان ذات الصلة بملف الجزيرة القبرصية، إلى عدم اتخاذ أي مبادرة بخصوص الطاقة في المنطقة، قبل حل المسألة القبرصية بشكل عادل.

وأوضح أن أنقرة دعت أيضاً إلى حل المسألة القبرصية، ومن ثم توزيع ثروات الطاقة في الجزيرة، بشكل عادل بين شقيها التركي والرومي، بحسب تقرير نشرته وكالة "الأناضول" للأنباء.

وأضاف أنه وخلال الفترة بين عامي 1999 – 2004، تجاهلت اليونان وقبرص الرومية، الدعوات التركية في هذا الخصوص.

وفي سياق متواصل، تطرق الأكاديمي التركي إلى "اتفاقية ترسيم مناطق الصلاحية البحرية" بين مصر واليونان، واصفاً إياها بأنها غير شرعية.

وأضاف أن "منتدى غاز شرقي المتوسط" وخطوات مصر الأخرى في شرقي المتوسط، بالتعاون مع بلدان أخرى مثل إسرائيل واليونان، بمثابة حشد دعم سياسي للانقلاب العسكري الذي قام عبد الفتاح السيسي، عام 2013.

وشدد على أن مصر وبتوقيعها مؤخراً "اتفاقية ترسيم مناطق الصلاحية البحرية" مع اليونان، فقدت الكثير من حقوقها وسيادتها في شرقي المتوسط، وتمثّل ذلك في حصولها على أقل من ثلث المنطقة الاقتصادية الخالصة التي كان يتوجب أن تخضع لسيادتها.

وأكد "أصلان" أنه في حال لو وقّعت مصر اتفاقية بحرية مشابهة لهذه، مع تركيا ووفقاً لأطروحات أنقرة، لكانت حصلت على مساحة أكبر بثلث مرة من نظيرتها التي حصلت عليها عبر اتفاقها مع أثينا.

وأوضح أن المناطق البحرية هذه شرقي المتوسط، غنية باحتياطيات الغاز الطبيعي، وأن الاتفاقية البحرية الأخيرة بين القاهرة وأثينا، لم تكن لصالح الشعب المصري.

وفي سياق آخر، قلل "أصلان" من قدرة اليونان وقبرص الرومية على الانخراط في مواجهة عسكرية مع تركيا دون الحصول على دعم دول أخرى.

هذا وتستعد تركيا واليونان هذه الأيام، لاستئناف الجولة الحادية والستين من مباحثاتهما الاستكشافية، بهدف إيجاد حل للخلافات القائمة بينهما في بحري إيجة والمتوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!