كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

عندما تحدّث اردوغان لأول مرة عن فكرة النظام الرئاسي، لم تكن أحزاب المعارضة وحدها تهمل ذلك الحديث، وإنما في الحقيقة كان هناك قسم هام داخل حزب العدالة والتنمية لم يكترث لهذا الموضوع ولم ينظر إليه باهتمام، لكن مع مرور الوقت قلّ تردد أعضاء حزب العدالة والتنمية تجاه موضوع النظام الرئاسي، فيما ازدادت المعارضة في حدة معارضتها له.

قامت المعارضة بضم حزب الشعوب الديمقراطي إلى صفها من أجل منع تمرير النظام الرئاسي، وفي المقابل تكتل اردوغان مع حزب العدالة والتنمية حول قواعدهم الشعبية وتأييدهم الشعبي من أجل تحقيق هدفهم، وقد أعلن حزب العدالة والتنمية في برنامجه الانتخابي المكوّن من 100 مادة تحت عنوان "اتفاقية تركيا الجديدة"، عن أنّ انتخابات 7 حزيران ستكون الخطوة الأولى للانتقال إلى النظام الرئاسي.

ستنتظر الأطراف جميعها نتائج الانتخابات، حتى ترسم خريطتها السياسية لما بعد الانتخابات، لأنّ تشكيل مجلس ذو أغلبية من حزب العدالة والتنمية تكفيه لتغيير الدستور لوحده، سيجعل عملية الانتقال للنظام الرئاسي تسير بصورة سريعة، ولتحقيق ذلك سيسعى حزب العدالة والتنمية إلى إقناع كل فئات الشعب بذلك، لكن إذا فشل سينتقل للخطة ب، من خلال الانتقال إلى إجراء استفتاء لدستور جديد للبلاد وللنظام الرئاسي.

يسعى حزب الشعوب الديمقراطي إلى إعاقة الانتقال للنظام الرئاسي من خلال أمله بتجاوز نسبة الحسم البالغة 10% كي يدخل البرلمان، لكن تجاوز نسبة الحسم أمرٌ صعب جدا بالنسبة له، لأن الزيادة التي يسعى للحصول عليها بمقدار 1% عن الانتخابات الماضية، تعني الحصول على مليون صوت إضافي، وحصول ذلك أشبه بالمعجزة.

كان على المعارضة أنْ تناقش الحزب الحاكم في تفاصيل النظام الرئاسي، بدلا من وقوفها بالمجمل ضد فكرة النظام الرئاسي، وكان عليهم أنْ يبقوا الباب مفتوحا أمامهم، بدلا من رفضهم لفكرة النظام الرئاسي من أساسها، ليتركوا حزب العدالة والتنمية يتصرف كما يشاء، وإذا اعتقدوا أنّ العدالة والتنمية سيضيّع هذه الفرصة الثمينة، فاعتقد أنهم مخطئون، خصوصا مع اقتراب الحزب من الحصول على نسبة تؤهله لتغيير الدستور لوحده.

ومع اقتراب انتخابات 7 حزيران، خرج حزب الشعوب الديمقراطي عن مساره الذي كان يسير عليه، وهو الطريق الديمقراطي لتحقيق عملية السلام، وانتقل للعمل مع جبهة المعارضة الرافضة لكل شيء يأتي من العدالة والتنمية، وربما حصل ذلك بعد زيارة صلاح الدين دمرطاش إلى الولايات المتحدة الأمريكية، (لنتذكر هنا زيارة كمال كيلتشدار أوغلو لأمريكا وما تبعها من محاولة الانقلاب التي جرت بتاريخ 17 ديسمبر قبل عامين)، وبعد ذلك انفجرت أحداث 6-7 اكتوبر، وتسبب نداء دمرطاش بمقتل 50 مدنيا، كما توقفت عجلة عملية السلام.

وقف حزب الشعوب الديمقراطي –ولو بصورة ضعيفة- إلى جانب الديمقراطية خلال أحداث غزي بارك ومحاولة الانقلاب، لكنهم أزاحوه عن طريقه من خلال ما فعلته داعش في كوباني، ليصبح الحزب في مواجهة وعداوة مع تركيا.

سيدخل حزب الشعوب الديمقراطي انتخابات 7 حزيران بموافقة جبل قنديل، وذلك بعدما حولوه إلى عنصر من عناصر جبهة المعارضة التي تقف في وجه العدالة والتنمية، واعتقد أنّ البرنامج الانتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي سيكون من ثلاث إلى أربع كلمات :"لن نجعل اردوغان رئيسا!".

تحوّل حزب الشعوب الديمقراطي إلى أداة من أجل تحقيق هذه الكلمات، واختُزل دور الحزب في الوقوف ضد اردوغان وضد العدالة والتنمية، وأنا لا أرى أي استغراب في هذا التحوّل وإلى ما وصل إليه حزب الشعوب الديمقراطي مدعوما من حزب العمال الكردستاني، لأنّ كليهما لم يكن له مهمة على طوال السنوات الماضية سوى بتقويض تعزيز الديمقراطية في تركيا، وأنا أشك جدا في أنه سيكون له مهمة أخرى خلال السنوات القادمة.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس