ترك برس

تحت عنوان " كبح الرؤية العثمانية الجديدة لأردوغان" نشر معهد القدس للإستراتيجية والأمن الإسرائيلي ورقة بحثية قال فيها إن وقف توسع النفوذ التركي مصلحة مشتركة بين إسرائيل وفرنسا وروسيا، داعيا إلى تعاون أمريكي روسي لمواجهة التحركات التركية، تضطلع فيه إسرائيل بدور الوسيط بين واشنطن وموسكو.

وجاء في الورقة التي أعدها عيران ليرمان، نائب رئيس معهد والجنرال السابق في الجيش، وميكي أهارونسون الخبيرة في العلاقات الدولية، إن المساعدة التركية لأذربيجان هي جزء من نمط أوسع من التدخل في شرق البحر المتوسط ​​وغزة والقدس وليبيا والصومال وقطر والآن في القوقاز. ولدى عدد من الدول، بما في ذلك إسرائيل وروسيا وفرنسا، مصلحة في محاولة وقف هذا الاتجاه وإنشاء منظومة لمواجهة تطلعات أردوغان العثمانية الجديدة.

وأضافت أن الوضع المتفجر المتبقي بين أرمينيا وأذربيجان يثير اهتمام الكثيرين في النظام الدولي، ليس بسبب الأهمية الاستراتيجية للبلدين، أو حتى لمنطقة القوقاز، ولكن في سياق أوسع، إذ يؤثر سلوك الدول الكبرى المتورطة في الصراع، ولا سيما روسيا وتركيا، على مناطق أخرى وعلى النظام الدولي ككل.

ووفقا للباحثين، فإن لدى روسيا والغرب مجموعة واسعة من الاعتبارات الاقتصادية والعسكرية والأيديولوجية، وهذه الاعتبارات تخلق معضلات بشأن مسار العمل في مواجهة تصريحات وأنشطة القيادة التركية خارج حدودها.

وتتفاقم هذه المعضلات بسبب الشكوك المتبادلة بين روسيا والولايات المتحدة على وجه الخصوص، والغرب بشكل عام.

يعتقد الكثيرون في روسيا أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يتعاون مع تركيا في سياستها المتمثلة في التوسع في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي. لكن يبدو أن المصالح الأمريكية والغربية في الوقت الحاضر، فضلاً عن المصالح الروسية في مواجهة التحدي التركي، قد تخلق حافزًا محدودًا ولكنه مفيد للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا.

ويلفت الباحثان إلى أن روسيا تهتم بالتعاون مع تركيا بسبب أهميتها الاقتصادية والتجارية ما في ذلك شراء الأسلحة، ولأنها عنصر مقلق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخاصة في صفوف حلف الناتو (الذي يعتبره الروس تهديدًا وجوديًا طويل الأجل).

لكن النشاط التركي في بعض الساحات في الشرق الأوسط، وخاصة سوريا وليبيا، يتعارض بشكل واضح مع مصالح روسيا.

وأوضحا أن موسكو التي تربطها علاقات اقتصادية وتاريخية وحتى دينية (مسيحية أرثوذكسية) مع قبرص واليونان، لا توافق على توسع أردوغان في البحر المتوسط. وتدعم روسيا بشكل مباشر وغير مباشر قوات خليفة حفترالتي تقاتل حكومة الوفاق الوطني المدعومة من ترميا في غرب ليبيا.

بالإضافة إلى ذلك، من الواضح للروس أن تركيا ستسعى جاهدة لاستغلال الصراعات في جميع أنحاء القوقاز من أجل زيادة وجودها العسكري في المنطقة. لهذا السبب، هناك خوف حقيقي في موسكو من أن أنقرة ستثير اشتباكات في مناطق الاضطرابات مثل جورجيا وأبخازيا، أو أن تعزز مع الولايات المتحدة قبضة التتر في شبه جزيرة القرم.

ورأيا أن تعزيز النفوذ التركي في القوقاز وبين الآذريين والأويغور قد يؤدي إلى تقوية الروابط والتنسيق بين روسيا والصين وإيران، التي تجد نفسها أيضًا في موقف مشترك لخصم خطير للولايات المتحدة.

وأوضحا أن روسيا ستنسق بدون شك  خطواتها في القوقاز مع إيران من أجل كبح رؤية أردوغان العثمانية. هذا صحيح بشكل خاص بعد الحرب في ناغورنو كاراباخ، والتي كانت إحدى نتائجها أن الحدود بين ناغورنو كاراباخ / أرمينيا وإيران أصبحت الحدود بين أذربيجان وإيران.

وأشار الباحثان إلى أن  تعزيز مفهوم التهديد المشترك بين روسيا وإيران والصين سيشكل محوراً يهدد إسرائيل والغرب، ولذلك، يجب على إسرائيل أن تساعد في تعزيز حوار ملموس ومحدد بين الولايات المتحدة وروسيا في سياق طموحات أردوغان التوسعية.

ووفقا للباحثين، فإن روسيا لن تقطع  العلاقات مع تركيا، وليست معنية بمواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا، لكنها لا تتردد في إيصال رسالة واضحة عبر مبعوثين بأنها لن تسمح بتهديد مناطق نفوذها.

وأعاد الباحثان التأكيد أن التهديد التركي المتزايد يهدد المصالح الغربية والروسية، وكذلك الإسرائيلية، ولذلك فهناك فرصة للتعاون بين روسيا والولايات المتحدة لوقف الاختراق التركي في الساحة الدولية. تعكس مواقف بايدن أيضًا قدرًا كبيرًا من القلق بشأن التوسع التركي والاستعداد لمواجهته. قد تؤدي هذه المواقف إلى تعاون محدود مع روسيا.

ولفتا إلى أن التنسيق المحدود بين روسيا والولايات المتحدة في مواجهة تركيا، من خلال الوساطة الإسرائيلية، قد يقابل بالاستماع في موسكو. على الرغم من أن روسيا متشككة بشأن الخيارات المتاحة لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة.

لكنهما استبعدا أن تصل العلاقات الروسية التركية إلى مرحلة الانفصال التام، وأن ينجح الغرب في إحداث تغيير شامل في نهج روسيا تجاه تركيا كمنافس وشريك. وإن كانت روسيا أثبتت أنها قادرة على الحفاظ على علاقة التنافس والتعاون في نفس الوقت، وقد تتعاون في بعض الحالات والجوانب في السياق التركي مع الدول الغربية.

وختم الباحثان بأن الولايات المتحدة قادرة على اتخاذ موقف صارم من أردوغان حتى بدون دعم روسيا، ولكن الأفضل تشكيل جبهة دولية واسعة قدر الإمكان تساعد على منع الثغرات التي ستسمح لتركيا بمواصلة أنشطتها الجريئة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!