تقرير ترك برس - رويترز

يستثمر مدير محفظة "فيداليتي (Fidelity)" الاستثمارية "جون كارلسون" في تركيا لأكثر من عشرين عامًا، إلا أنّه لم يشعر مؤخرًا بالتفاؤل بشأن وضع البلاد. وتشير التطورات السياسية الأخيرة في البلاد إلى أنّه قد يظل حذرًا، حتى بعد الانخفاضات الأخيرة في أسعار الأسهم والعملات.

مع ترقّب الانتخابات البرلمانية الهامة لشهر حزيران/ يونيو المقبل، ارتفعت المخاطر السياسية بعد أن أمطر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" محافظ البنك المركزي "إردم باشجي" بالانتقادات لعدم تخفيضه معدلات الفائدة في كانون الثاني/ يناير لتعزيز النمو.

وقد أثار غضب أردوغان تساؤلات بين المستثمرين الأجانب حول التدخل السياسي بين المستثمرين الأجانب، حيث أنّ تدّفق الاستثمارات من الخارج هو مكوّن أساسي من مكونات النجاح الاقتصادي التركي الذي ساعد الاقتصاد على مضاعفة حجمه أربعة أضعاف تقريبًا منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في عام 2002.

وقد أدّت الاضطرابات السياسية، إلى جانب التضخم المرتفع جدًا وصعود الدولار إلى هبوط قياسي لليرة التركية وهبوط في سوق الأسهم. وقد ارتفع دينها الرئيسي المُقوّم بالدولار بنسبة 1,6 بالمئة فقط منذ بداية العام، وهي نسبة أقل من مؤشر "جي بي مورغان إي أم بي آي العالمي (JPMorgan EMBI Global index)"، الذي ارتفع بنسبة 3,9 بالمئة.

يقول كارلسون، الذي نادرًا ما يتحدّث إلى الصحافة: "لا يمكن بأي حال من الأحوال أن أجلس وأنا منبهر وأقول إنّ تركيا دولة رخيصة بشكل جنوني. لأنّها ليست كذلك. إذا كانت رخيصة سأقول ذلك وأقول إنّ التقييمات مؤكدة".

جاء ذلك بعد فترة قصيرة من عودته من زيارة إلى إسطنبول حيث التقى بوسطاء ومستشارين للحكومة.

يملك كارلسون دينا سياديا غالبيته مقومة بالدولار، إضافة إلى كمية من ديون الشركات، والديون المقومة بالليرة والأسهم.

وذكر كارلسون الذي يملك بيتا في تركيا أنه لا يشعر بأن دين الدولار رخيص إلى هذه الدرجة، مشيرا إلى أنه ليس واثقا كما كان في السابق، لكنه لن يسحب استثماراته.

وفي عشاء له مع أصدقاء قدامى ومع رجال أعمال، تحدث رجل الأعمال الأمريكي عن احتمالية حدوث مزيد من التقلبات مما يؤدي إلى ضعف في السوق على المدى القصير، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات.

وأضاف كارلسون الذي يشرف على أكثر من 7 مليار دولار من الأصول ذات الدخل الثابت: "أشعر بأن هذه الانتخابات هي الأهم منذ 15 سنة".

إصلاح النظام

يرى مستثمرون أن أردوغان، السياسي الفذ الذي قاد وساهم في الإصلاحات الاقتصادية التي حولت البلاد حين كان رئيسا للوزراء، يخاطر بتعريض هذا الإرث للخطر بخطوة جريئة لإصلاح النظام السياسي التركي بالكامل.

كان أردوغان قد اشتكى من أن البنك المركزي لا يدفع النمو الاقتصادي بالشكل الكافي، خاصة بانتظار الانتخابات البرلمانية في 7 حزيران/ يونيو. ويرغب أردوغان بتغيير دور الرئيس التركي، الذي ظل بروتوكوليا لفترة طويلة.

يود أردوغان أن يكتسب حزب العدالة والتنمية أغلبية تسمح له بتجاوز الاستفتاء الشعبي على التغييرات الدستورية التي يطرحها. كما يود تغيير نظام البلاد البرلماني واستبداله بنظام رئاسي.

ارتفع منذ شهر كانون الثاني/ يناير الماضي صافي مبيعات المستثمرين الأجانب لما يملكونه من أسهم وديون حكومية تركية، حينما وبخ الرئيس التركي أردوغان محافظ البنك المركزي إردم باشجي.

وذكر كبير الاقتصاديين في "فينانس بانك (Finansbank)" بإسطنبول إنان ديمير أن "السبب الرئيسي هو القلق لدى المستثمرين من أن البنك المركزي قد يدفع نحو تخفيضات أسرع وأعمق لأسعار الفائدة حينما تبرر البيانات الاقتصادية ذلك أو تبرز حاجة له".

ومنذ كانون الثاني/ يناير الماضي، سحب المستثمرون حوالي 1,2 مليار دولار من الأسهم التركية مع انخفاض إجمالي الحيازات بنحو 9,8 مليار دولار. وانخفضت الحيازات الشاملة لغير المقيمين من سندات الدين الحكومي المحلي بمقدار 5,7 مليار دولار ليصل صافي تدفقها الخارجي إلى 366 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي التركي. كما ارتفع الدولار بنسبة 11,5 بالمئة مقابل الليرة التركية منذ بداية العام.

وذكر كبير مسؤولي الاستثمار في الأسواق الناشئة في مؤسسة "يو بي أس (UBS)" لإدارة المال في نيويورك جورج ماريسكال: "تعد تركيا محايدة في فضاء الأسهم. إلا أننا قلقون أكثر بشأن العملة. فلا زلنا نعد تركيا واحدة من الدول "الهشة" حينما ترتفع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية".

وقد يكون هذا النوع من المخاوف هو ما دفع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء علي باباجان، ووزير المالية الاقتصادي المرموق في شركة الخدمات التمويلية العالمية "ميريل لينش" في لندن ميهميت شيمشيك، إلى نيويورك الشهر الماضي للقاء المستثمرين القلقين.

كما ساهم توبيخ أردوغان لمستشار رئيس الوزراء علي باباجان في آذار/ مارس الماضي في مشاكل السوق.

وذكر المستثمرون في لقاء نيويورك أن داود أوغلو فند أسئلة حول انتقاد باشجي، قائلا إن انتاقد محافظي البنك المركزي يحدث في دول أخرى كذلك.

وقد خفضت الحكومة التركية من قوة خطابها مؤخرا، ما ساهم في إيقاف ارتفاع الدولار المستمر أمام الليرة لفترة مؤقتة، وزيادة حركة البيع على الأصول التركية.

والتقى رئيس الوزراء داود أوغلو بالمدير التنفيذي السابق للخطوط الجوية التركية، مدير جمعية التراث التركي في نيويورك خليل دانيشماز، حيث أوضح دانيشماز الحاجة الملحة للقاء المسؤولين الأتراك بالمستثمرين الأمريكان.

وقال دانيشماز: "إن ما يهم رئيس الوزراء بشكل رئيسي الآن هو الانتخابات في تركيا، ورغبىته في بناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة وإقناع المستثمرين الأمريكان بعدم وجود أزمة مالية في تركيا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!