عبد اللطيف مشرف - خاص ترك برس

بدأ وباء كورونا بالتفشي من الصين اعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2020، وبدأ يتفشي في معظم انحاء العالم، حتى صرحت منظمة الصحة العالمية أن كورونا ” كوفيد 19″ أصبح جائحة، بمعنى أنه مرض منتشر في العالم بأسره، وشىء خطير، فبدأت الدول تأخذ تدبيراتها، وتعيد حساباتها السياسية، وكشف كوفيد 19 العالم أمام نفسه، وأن الإنسانية والشعارات مجرد أكذوبة، وبدأ المححلليين السياسيين يحللون هذه التصرفات من الدول، وما فعله كورونا من تغيير إيدلوجي وفكري بل في تغيير الوثاق والاتفاق الدولي، وأصبح يعطي دروس في العلاقات الدولية ويعيد ترتيبها من جديد، فهذه أبرز التحليلات السياسية من وجهة نظرنا، ويبدأ ذلك من خلال سؤال مهم  ويتمحور هذا السؤال كالتالي: كيف سيبدو العالم بعد كورونا؟

نرى أنه ستتغير الخريطة السياسية  بعد كورونا ويمكن تلخيصها في عدة نقاط كالتالي:

  • هناك تغيرات سياسية ستحدث، ومنها إلغاء فكرة العالم ذو القطبية الآحادية إلى عالم متعدد القطبية، فأمريكا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، كانت تدير العالم، أم بعد كورونا ستظهر قوى دولية كبرى مثل الصين وروسيا وغيرهما، مما سيؤدي إلى إلغاء فكرة العالم ذو القطب الواحد إلى أقطاب متعددة.
  • المعسكر الاشتراكي بزعامة روسيا والصين، يستغل الحدث ويدعو لنفسه جيدًا، وذلك باستغلال أزمة كورونا في أوروبا، من خلال تقديم المساعدات الكثيرة والكبيرة والظهور بمظهر إنساني، في ظل غياب هذا الدور الأمريكي، بل ظهرت أمريكا في صراع علنى ودبلوماسي مع أوروبا وتخلت عن أوروبا، فاستغلت الصين وروسيا الحدث، فتقدم روسيا والصين الآن ما لم تستطيع أمريكا فعله، وبالتالي ستتخلى أوروبا عن دعم أمريكا بنسبة كبيرة، مما يعمل على زيادة نفوذ الصين وروسيا حول العالم.
  • كانت هناك بوادر حرب باردة جديدة بين الرأسمالية المتمثلة في أمريكا ومعسكرها والاشتراكية الحديثة المتمثلة في روسيا والصين، وظهر ذلك في الوجود الروسي في منطقة الشرق الأوسط، فستعمل كورونا على تسريع وتيرة هذه الحرب الباردة، وعلى الشعوب العربية أن تستغل ذلك، حيث ستنشغل القوى الدولية ببعضها البعض، مما سيضعف الأنظمة العربية وتكون هشة وقابلة للسقوط، فهذه الفترة من 2020 إلى 2030 هي سنوات عجاف على المنطقة الإسلامية وخصوصًا منطقة الشرق وبعدها ستتوالى الخيرات، ومنه على النخب والعلماء وأصحاب القضية أن يستعدوا لذلك ويتعلموا السياسة، ويتعلموا من أخطاء الربيع العربي، فما هو قادم فرصة ذهبية لاستعادة الأمة لدورها الحضاري والسياسي القديم، أن لم تستغل فلن تتكرر مرة أخرى.
  • اشتعال الحرب الباردة بمعسكرات أكثر بين الرأسمالية والاشتراكية، ويكون فيه الكافة الراجحة للمعسكر الاشتراكي، وذلك لأن أوروبا ستتخلي عن أمريكا بعد أن ظهرت بوحهها الحقيقي معهم في أزمة كورونا.
  • الخريطة السياسية ستتغير، فالعالم وقوته الدولية شيء قبل كورونا، وخارطة سياسية أخري بعد كورونا.
  • انهيار فكرة العولمة وخصوصًا بعد التصرفات اللإنسانية من الدول الكبري، مثل أمريكا وقرارات الاتحاد الأوروبي بمنع تصدير المعدات الطبية للدول التى هي خارج الاتحاد، فسيكون توجه العديد من الدول إلى الانغلاق.
  • كورونا سيكون سبب في انهيار كثير من الاقتصاديات ويعمل على تسريع الأزمة الاقتصادية القادمة وستكون شديدة، فستعمل هذه الأزمة على سقوط الكثير من الأنظمة العربية اقتصاديًا ومن ثم سياسيًا، فستتغير أيضا الأنظمة العربية والخريطة السياسية في الشرق الأوسط، وستكون أول مؤشرات سقوط الدول العربية هي سقوط بعض الأنظمة الخليجية، ومن ثم تتوالي على  إسرائيل أزمات حتى تضعف وتتلاشي، وذلك لأنه ستفقد الدعم الأمريكي الكبير والدعم من الأنظمة العربية المطبعة معها، حيث أنها الآن في قمة ذروتها السياسية، فكما حدثنا ابن خلدون عن مراحل الدول التى شبهها بالإنسان، فهى تولد ثم تنشط كالشباب ثم تصبح عجوزاً، ثم تموت، فإسرائيل هي الآن أقرب لهذا التشبيه، وعلينا أن نعد أجيال لتستعد لقيادة المرحلة القادمة.
  • أكثر المستفيدين سياسيًا بعد كورونا إذا استغلوا الحدث هم شعوب الدول الإسلامية والدول الإفريقية.
  • ستنتج أزمة كورونا أنظمة شمولية أكثر قبضة واستبدادية، ومن المحتمل أن تقوم بحروب لفتح أسواق جديدة ومستعمرات حديثة.
  • أكثر الدول ستكون أمان اقتصادي من تمتلك الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية وأدوات تصنيعها، وكانت تعتمد على الاستثمارات الداخلية وليست على الاستثمارات الدولية والأجنبية.
  • ستتغير الخريطة السياسية، وسينتج عن كورونا مناطق ضعيفة ومتفككة في مقدمتها الاتحاد الأوروبي بالأخص ومنطقة الخليج وإسرائيل “لأنها ستفقد نسبة كبيرة من الدعم الأمريكى وسيكون محدود – ستفقد الكثير من تدعيم الدول العربية المطبعة معها.

كورونا ودروس من الأزمة:

كورونا أزمة وعلينا أن نتعلم من الأزمة في كافة النواحي، وأن نضع حلول قابلة لتطبيق فيما بعد كورونا ونساعد صانع القرار في التطوير والعمل لصالح الأمة والشعوب ومن هذه المقترحات:

وضع لجنة إدارية للأزمات والكوارث وتفعيلها في كل وطن من أوطان ديار الأمة، تكون مختصة بإدارة الأزمة كاملة من دعاية وإعلان وإصدار بيانات، ومتابعة المسؤولين والوزارة المختصة عن الأزمة.

تتعاون الأمة فيما بينها في إنشاء مراكز بحثية واستراتيجية في كافة المجالات العلمية الاجتماعية والإنسانية، وخصوصًا العلمية منها، وتكون لها ميزانية خاصة بها تشارك فيها كافة الدول الإسلامية.

إنشاء مرصد إسلامي يجمع كافة علماء الأمة في الشريعة والفتوي، ويقدم فتوي موحدة وملزمة وموافقة لكل شعوب الأمة، في المسائل المشتركة والقضايا الخلافية بين دول الأمة.

عدم التهويل في الأمور عند الأزمات، وعرض الحقائق، وتولية أصحاب العقول والكفاءات من المخلصين من أبناء الأمة الذين لديهم قضية وعقيدة، وليس أصحاب الثقة وذوي الرواتب وتجار الأفكار.

وضع هيئة خاصة تكون قادرة على متابعة الأسواق وتوفير السلع الرئيسية للناس عند وقوع الأزمات، وتكون مخولة في محاربة الاحتكار وأصحابه، بعقوبات شديدة وبدون تهاون.

وضع لجنة خاصة ولتكون تابعة لمنظمة رسمية مهتمة بشأن الإسلامي، لتحلل موقف الغرب وأبعاده السياسية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية تجاه المسلمين، ولماذا يهول ويستخدم “البروبجندا” في صناعة الحدث.

البحث في التراث والمنهج الإسلامي في السياسة والتعلم منه، حيث أنه مليء بتلك الحوادث، وفيه الحلول بدل اللجوء إلى أراء الغرب.

عن الكاتب

عبد اللطيف مشرف

باحث وكاتب مصري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس